صدر مساء امس الخميس، بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 74، أمر رئاسي عدد 578 لسنة 2022 مؤرخ في 30 جوان 2022، يتعلّق بنشر مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية، موضوع الاستفتاء المقرر ليوم الاثنين 25 جويلية 2022.
وتضمن مشروع الدستور الجديد توطئة و142 فصلا موزعة على 10 أبواب، وهي:
الباب الأول: أحكام عامة
الباب الثاني: الحقوق والحريات
الباب الثالث: الوظيفة التشريعية
الباب الرابع: الوظيفة التنفيذية
الباب الخامس: الوظيفة القضائية
الباب السادس: الجماعات المحلية والجهوية
الباب السابع: الهيئة العليا المستقلة للانتخابات
الباب الثامن: المجلس الأعلى للتربية والتعليم
الباب التاسع: تنقيح الدستور
الباب العاشر: أحكام انتقالية
ومن خلال استقراء مضامين الدستور الجديد المقترح، شكلا ومضمونا، تمكن ملاحظة أن “توطئة” الدستور الذي سيعرض على استفتاء 25 جويلية، طويلة نسبيا مقارنة بتوطئة دستور 2014، وحتى بحجم مشروع الدستور نفسه. وقد تطرق فيها من قاموا بصياغته إلى التاريخ الدستوري لتونس الذي يعود إلى 1861، وتمت الإشارة فيها إلى الانحراف بالتجربة الدستورية، وإلى مسألة تصحيح المسار يوم 25 جويلية 2021.
كما تم التنصيص فيها على الفصل بين الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية، التي لم يعتبرها مشروع الدستور سلطات، مثلما كان الحال في دستور 2014.
وتمثلت أهم التغييرات الواردة في الباب الأول، وهو باب “الأحكام العامة”، في تغيير نص الفصل الأول من دستور تونس ما بعد الاستقلال، حيث تم حذف لفظ “دين الدولة” من الفصل الأول، والتنصيص في الفصل الخامس من ذات الباب على أن “تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف..”.
في الباب الثاني المتعلق ب”الحقوق والحريات”، تم بالخصوص، التنصيص في الفصل 41 على أن “الحق النقابي، بما في ذلك حق الإضراب، مضمون طبق ما يضبطه القانون. ولا ينطبق هذا الحق على الجيش الوطني. ولا يشمل حق الإضراب القضاة وقوات الأمن الداخلي والديوانة”.
أما في الباب الثالث المتعلق ب”الوظيفة التشريعية”، فقد تم اعتماد نظام الغرفتين، حيث تم تقسيم الباب إلى قسمين، قسم خاص بمجلس نواب الشعب، وقسم خاص بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وفي القسم الأول من هذا الباب تم التنصيص بالخصوص في الفصل 66 على أن النائب لا يتمتع بالحصانة البرلمانية بالنسبة لجرائم القذف والثلب والتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس…
أما بخصوص المجلس الوطني للجهات والأقاليم، فقد نص الفصل 85 على أن يمارس المجلس صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية.
وفي الباب الرابع المتعلق ب”الوظيفة التنفيذية”، نص الفصل 87 على أن “رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة”
ونص القسم الأول على أن يترأس رئيس الجمهورية مجلس الأمن القومي، وعلى أنه “القائد الأعلى للقوات المسلحة”، دون إشارة إلى القيادة العليا للجيش الوطني فقط، بما يفيد بأن القيادة العليا للقوات المسلحة تشمل أيضا قوات الأمن الداخلي.
وقد حافظ الفضل 96 من هذا القسم على نفس محتوى الفصل 80 من دستور 2014.
وجاء في الفصل 100 من الدستور الجديد، أن “رئيس الجمهورية يضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية ويعلم بها مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم..”
كما نص الفصل 101 على أن يعين رئيس الجمهورية رئيس الحكومة، كما يعين بقية أعضائها باقتراح من رئيسها، وينهي مهام الحكومة أو عضو منها تلقائيا أو باقتراح من رئيس الحكومة.
أما الفصل 107، فقد نص على أنه إذا تعذر على رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصفة وقتية يفوض بأمر وظائفه إلى رئيس الحكومة باستثناء حل غرفتي البرلمان، أما في حالة شغور منصب رئاسة الجمهورية لأي سبب من الأسباب يتولى فورا رئيس المحكمة الدستورية رئاسة الدولة…
وجاء في القسم الثاني المتعلق بالحكومة أن الحكومة مسؤولة عن تصرفها أمام رئيس الجمهورية، كما نص الفصل 115 على أن نواب غرفتي البرلمان مجتمعين يمكنهما توجيه لائحة لوم للحكومة إذا تبين لهم أنها تخالف السياسة العامة للدولة والاختيارات الواردة بالدستور.
في الباب الرابع الذي خصص ل”الوظيفة القضائية” تم تعويض لفظ السلطة القضائية بالوظيفة القضائية.
وجاء في الباب الخامس المتعلق ب”المحكمة الدستورية” أنها هيئة قضائية مستقلة تتركب من 9 أعضاء ثلثهم الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التعقيبية بالمحكمة الإدارية والثلث الثالث من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات.
الباب السابع من دستور 2014 المتعلق بالسلطة المحلية تم الاستغناء عنه برمته وتعويضه بالباب السادس في مشروع الدستور الجديد المتعلق ب”الجماعات المحلية والجهوية”، وتضمن فصلا وحيدا نص على أن تمارس هذه المجالس المصالح المحلية حسب ما يضبطه القانون دون أي تحديد لموعد إصداره.
من مجمل الهيئات الدستورية الخمس في دستور 2014، لم يتم الإبقاء إلا على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات دون أي تغيير يذكر في تركيبتها أو صلاحياتها.
وتضمن مشروع الدستور الجديد إحداث “المجلس الأعلى للتربية والتعليم” في الباب الثامن منه، يتولى إبداء الرأي في الخطط الوطنية الكبرى في مجال التربية والتعليم والبحث العلمي والتكوين المهني وآفاق التشغيل، فيما خصص الباب التاسع لمسألة تنقيح الدستور.
وتناول الباب التاسع المتعلق ب”تنقيح الدستور”، الاجراءات المستوجبة عند التنقيح.
ونص الباب العاشر المتعلق ب”الأحكام الانتقالية” بالخصوص على أن يستمر العمل في المجال التشريعي بأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية إلى حين تولي مجلس نواب الشعب وظائفه.
جدير بالتذكير أن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، كان قد تسلم يوم 20 جوان بقصر قرطاج، من العميد الصادق بلعيد، الرئيس المنسّق ل”الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”، المكلفة بإعداد دستور جديد، مشروع الدستور الذي تم إعداده. وقد أكد رئيس الجمهورية، بالمناسبة، أن هذا المشروع ليس نهائيا، وأن بعض فصوله قابلة للمراجعة ومزيد التفكير
وقد لاقى مسار إعداد هذا الدستور الجديد رفضا كبيرا من قبل عديد الأحزاب، على غرار حركة النهضة والأحزاب الموالية لها، إلى جانب عدد من الأحزاب “الاجتماعية والديمقراطية” (التيار والجمهوري والتكتل) والائتلافات السياسية (جبهة الخلاص الوطني)، التي اعتبرت مسار إعداد الدستور، مسارا “انفراديا تسلطيا، يكرس الانقلاب الذي ذهب اليه رئيس الجمهورية منذ اعلانه تفعيل الفصل 80 من الدستور واتخاذه تدابير استثنائية”، معلنة مقاطعتها للاستفتاء.
في المقابل، رحب عدد من الأحزاب والأطراف السياسية الداعمة لمسار 25 جويلية، على غرار حزب تونس الى الامام والتيار الشعبي وحركة الشعب، بوضع دستور جديد “يستجيب لتطلعات الشعب ويقطع مع دستور 2014”. كما عبرت عن مساندتها للاستفتاء واستعدادها للمشاركة فيه.