أوصت دراسة نوعية مشتركة بين منظمة انترناشونال الرت ومنظمة فريدريش ايبرت تحت عنوان “شباب الأحياء الشعبية العاطل عن العمل واستراتيجيات التعايش والمقاومة في ليبيا و تونس و المغرب”، بضرورة اعتماد سياسات تشغيلية تتلاءم مع خصوصيات الأحياء الشعبية بتونس.
وأوضح الباحث محمد رامي عبد المولى الذي اشتغل على الجزء الذي يخص تونس في هذه الدراسة، خلال ندوة إقليمية حول موضوع “البطالة ووقعها على الشباب في المنطقة العربية” تم عقدها بالعاصمة، “أن الدراسة التي وقع الاشتغال فيها على حي التضامن كمنوال للأحياء الشعبية في تونس توصلت إلى أن وقع تنامي ظاهرة البطالة في هذا الحي أكثر وطأة من بقية الأحياء الأكثر حظا في التنمية وذلك بالنظر إلى خصوصياته”.
واعتمدت الدراسة على جلسات عمـل ومقابلات وشهادات ونقاشات تفاعلية مع 22 شابا من حي التضامن تم تقسيمهم الى 3 مجموعـات بؤرية، ضمـت المجموعـة الأولـى مستجوبين مـن الذكـور العاطليـن عـن العمـل الذين لم يستكملوا تعليمهم، ومجموعة ثانية من العاطلات عن العمل اللاتـي لـم يستكملن تعليمهـن، الى جانب مجموعة ثالثة ضمت عاطلين عن العمـل من حاملي الشهادات الجامعيـة.
وتوصلت الدراسة إلى أن أبناء حي التضامن العاطلين عن العمل يعانون من عدة عوائق تحول دون اندماجهم في سوق الشغل والحصول على موطن رزق من أبرزها الوصم الاجتماعي للحي الذين ينتمون إليه و الذي ترتفع فيه نسب العنف والإجرام والتشدد الديني وجل السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، الأمر الذي يجعل أرباب العمل وأصحاب المشاريع يتجنبون تشغيلهم.
وتوصلت الدراسة إلى أن عدم توفر وسائل النقل بالشكل الكافي في حي التضامن و صعوبة التنقل وغلاء تعريفاته جعلت من عملية البحث عن العمل عسيرة جدا ومحبطة كما أن نقص التنمية في الحي وتهري بنيته التحتية وتدني القدرة الشرائية لمتساكنيه وتخبطهم في الفقر و الخصاصة يغني أصحاب المبادرات الخاصة عن الانتصاب فيه مما يزيد من احتداد أزمة البطالة فيه.
ولفت المستجوبون ضمن هذه الدراسة إلى أن مكاتب التشغيل العمومية والخاصة تقتصر على تقديم حلول هشة وغير مستدامة “للتصبير والتخدير” ، وفق تعبيرهم، كما أن أغلب فرص الشغل موجهة فقط لحاملي الشهادات الجامعية.
وبين المستجوبون أن أبناء حي التضامن العاطلين عن العمل وغير الحاصلين على شهائد جامعية يعانون من صعوبة في النفاذ الى عروض الشغل إن توفرت ومن شح المعلومات حولها .
و شملت الدراسة أيضا ثـلاث مناطـق شـعبية تتمثل في حي أبو سليم في طرابلس بليبيا ومدينة سلا القديمة في الرباط بالمغرب، وقد ركزت الدراسة عموما على التأثير النفسي للبطالة على الشباب العاطل عن العمل وتجربته اليومية في درئها ومواجهتها والتعايش معها.
من جهتها بينت مديرة البرامج بمنظمة انترناشونال الرت مريم عبد الباقي “انه وعلى الرغم من وجود أوجه اختلاف عديدة بين ليبيا وتونس والمغرب وهي البلدان التي شملتها الدراسة فان العديد من التقاطعات تم رصدها عبر هذه الدراسة فيما يتعلق بتمثلات الشباب حول تفشي الرشوة والمحسوبية وتراكم الحواجز البيروقراطية والإدارية التي تعيق بعث مشاريع صغري وقصور النظم التعليمية في مواكبة احتياجات سوق الشغل.
وقالت مديرة انترناشونال الرت الفة لملوم إن هذه الدراسة جاءت لسد فراغ بحثي هام في المنطقة العربية بسبب ندرة الدراسات التي رصدت تمثلات العاطلين عن العمل لبطالتهم واستكشفت مساراتهم الحياتية وتجاربهم في البحث عن شغل او استراتيجياتهم للعيش وتلبية احتياجاتهم الأساسية.