قال رئيس الجمهورية، قيس سعيد، خلال إشرافه على موكب الاحتفال بيوم العلم لسنة 2022، “إن المتخرجين من الحاصلين على الشهائد العليا يبادرون الى الهجرة للخارج بسبب محدودية الافاق في تونس وعدم توفر المناخ الملائم للعمل البحثي وحصولهم على حوافز مشجعة بالخارج الامر الذي يفرض فتح الآفاق وتذليل صعوبات العمل”.
وأضاف، خلال كلمته التي ألقاها بحضور رئيسة الحكومة نجلاء بودن وأعضاء الحكومة وعدد من التلاميذ والطلبة المتفوقين وأوليائهم، أنه ما فتئ في عدة محافل دولية يذكر بأن تونس “تقرض هذه الدول كفاءات وعقول لا تقدر بمال في بنوك العالم”، مؤكدا أهمية الرأس المال البشري الذي وصفه “بالثروة الحقيقية التي لا تنضب” لما له من قدرة على التجديد والاختراع في كل الميادين رغم محدودية الامكانات المادية.
واستعرض سعيد في كلمته اهم المحطات التاريخية لإصلاح التعليم في تونس منها قانون 4 نوفمبر لسنة 1958 الذي اعتبر انه أحدث ثورة في كل مظاهر الحياة في تونس حينها رغم ضعف الاعتمادت المالية المخصصة للتربية.
وللإشارة فإن قانون 1958 (إجبارية ومجانية التعليم للجميع) جاء بأربعة أهداف جوهرية للعملية التربوية، أولها “تزكية الشخصية وتنمية المواهب الطبيعية عند جميع الأطفال ذكورا وإناثا بدون أي تمييز بينهم لاعتبار جنسي أو ديني أو اجتماعي”ويبقى أهم مكسب جاء به قانون سنة 1958 هو إقرار إجبارية التعليم من سن السادسة إلى سن الثانية عشر.
وتابع حديثه عن المحطات الاصلاحية والتي انطلقت منذ أواخر القرن 19 وشملت التعليم وتزامنت مع حركة التحرير الوطني والفكري واحداث المدرسة الصادقية والمعهد العلوي، مضيفا ان هذه الحركات الاصلاحية شابتها نزعة ومحاولات لطمس اللغة العربية الفصحى مقابل اللغات الاجنبية.
واعتبر، في ذات السياق، أن اصلاح التعليم ليس باطلاق حوار متخصص يديره خبراء بل يجب تركه لخبراء التعليم دون غيرهم، مثمنا ما تضمنه الدستور الجديد من احداث لمجلس أعلى للتربية والتعليم للنأي بالناشئة والطلبة والباحثين عن الحسابات السياسية.
وحذّر مما أسماه “التسلسل المبطن للسياسة” في المعاهد والمدارس واضحى الهدف من وضع البرامج احداث توازنات سياسية داخل المجتمع.
وبيّن أن “من أخطر الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب هي افراغ العقول من ملكة التفكير والنقد”، مقدرا ان الجهل الفكري لا يقل اثرا عن الجهل والبؤس الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدا ضرورة توفر مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم للجميع.