أكد صندوق النقد الدولي، في التقرير السنوي لسنة 2022 “أزمة فوق أزمة”، ضرورة أن تتخذ البلدان خيارات استراتيجية صعبة لمواجهة التضخم المتزايد والمخاطر المالية الكلية المتصاعدة وتباطؤ النمو، داعيا الاقتصادات النامية التي تتحمل قروضا بالعملات الأجنبية أن تتأهب للاضطرابات المحتملة في الاسواق المالية مع تشديد موقف السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة
وكشف تقرير صندوق النقد الدولي، الذي نشر الأربعاء، أن الاقتصاد العالمي يواجه حاليا أكبر اختبار له منذ الحرب العالمية الثانية، نظرا لتواصل فرض جائحة كورونا لتكاليف صحية واقتصادية واجتماعية هائلة إضافة الى مواجهة صدمة الحرب الروسية الاكرانية
وقد وافق الصندوق، منذ بداية الجائحة، على تمويل جديد لنحو 93 بلدا بقيمة 258 مليار دولار. كما يعمل على توسيع نطاق هذا الدعم ليشمل البلدان الأشد تضررا من مجموعة الصدمات الأخيرة. وسمح، كذلك، بتوزيع مخصصات حقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار لتعزيز احتياطيات البلدان الأعضاء وبالتالي توفير السيولة المطلوبة على مستوى العالم
ولفتت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، في رسالة تضمنها التقرير، الى زيادة المخاطر التي تهدد بتفتت العالم إلى تكتلات جغرافية-سياسية واقتصادية قد تتسبب في فقدان ما تحقق من مكاسب على مدار عقود بخصوص تحسين مستويات العيش
واعتبرت غورغييفا أن الارتفاع الحاد لأسعار الغذاء والطاقة واتساع حجم التضخم في العالم يلحقان الضرر الأكبر بالفئات الهشة، في الوقت الذي تَلقى فيه الحكومات صعوبة أكبر في توفير الدعم لهذه الفئات بسبب ارتفاع الدين وتشديد الأوضاع المالية العالمية
وشددت على مواصلة الصندوق العمل على “مساعدة البلدان الاعضاء لمعاجلة هذه التحديات والمضي قدما في طريق التعافي الوعرة”
وألح صندوق النقد الدولي على ضرورة ان لا تغفل البلدان عن تحسين درجة صلابتها لمواجهة الصدمات وتحقيق نمو مستدام واحتوائي. ولفت الى انه ما لم تتم معالجة هذه التحديات طويلة الأمد في الوقت المناسب فقد تترتب عليها عواقب اقتصادية وخيمة مع احتمال ظهور اشكاليات في موازين الدفوعات.
الحرب في اوكرانيا زادت في وطأة الضغوط على الموارد العامة
وأفاد التقرير ان الحرب في أوكرانيا وجهت ضربة قاسمة للاقتصاد العالمي وتسببت في في زيادة وطأة الضغوط الواقعة على الموارد العامة في وقت لا تزال فيه بلدان العالم تفتقر إلى التوازن في أعقاب صدمة الجائحة.
وتابع انه في الوقت الذي أدى الدعم الاستثنائي من السياسات أثناء الجائحة إلى تحقيق الاستقرار في الأسواق المالية وخفف تدريجيا من أوضاع السيولة والائتمان حول العالم، مما ساهم في تحقيق التعافي، فقد زادت مستويات العجز وتراكمت الديون بوتيرة أسرع كثيرا مقارنة بفترات الركود السابقة، بما فيها الأزمة المالية العالمية.
وأضاف الصندوق ان الديون العالمية تتزايد بسرعة مرجحا ان تصبح عمليات إعادة الهيكلة أكثر تواترا. ووفق البيانات الواردة في التقرير حول الدين العالمي، فقد قفز مستوى الاقتراض الكلي بنسبة 27 نقطة مائوية ليصل الى 256 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2020 .وكان الاقتراض الحكومي وراء نصف هذه الزيادة تقريبا والباقي من الشركات غير المالية والأسر.
ويمثل الدين العام حاليا حوالي 40 بالمائة من مجموع الدين العالمي “وهي أعلى نسبة مسجلة على مدار عقود”، وفق الصندوق.
كما أكد التقرير تضاعف مخاطر الديون في البلدان منخفضة الدخل لتصل الى 60 بالمائة مقارنة بنسبتها في سنة 2015.
التغيرات المناخية تفرض تكاليف اقتصادية هامة تؤثر على الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي
تفرض التغيرات المناخية تكاليف اقتصادية هامة مما يؤثر على الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي. لذلك اعتمد الصندوق على تنظيم معالجة هذه التحديات التي تواجهها البلدان الأعضاء من خلال تسهيلاته الاقراضية وأعماله التحليلية والرقابية والمتعلقة بتنمية القدرات
وقد اعتمد المجلس التنفيذي سنة 2021 استراتيجية لمساعدة البلدان الاعضاء على التصدي لتحديات السياسات المرتبطة بالتغيرات المناخية. وفي سياق أعمال الصندوق الرقابية تشمل مشاورات المادة الرابعة حاليا سياسات واستراتيجيات التخفيف والتكيف للانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون وخاصة في البلدان المعتمدة بشدة على انتاج الوقود الأحفور.
واوضح المصدر ذاته ان قضايا المناخ برزت في نحو 30 من تقييمات الصندوق لأوضاع البلدان بما في ذلك تقييمات كندا والصين والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.