وُضعت المشاريع الكبرى المعطلة في ولاية صفاقس من جديد على بساط الدرس والنقاش خلال جلسة عمل انعقدت مساء أمس الاربعاء بمقر الولاية بحضور والي الجهة وبمشاركة مكونات المجتمع المدني وممثلي الجمعيات والهياكل المهنية والاقتصادية ورجال الأعمال والجامعيين.
وقال والي صفاقس فاخر الفخفاخ أن من أسباب تواصل تعطل المشاريع الكبرى على غرار تبرورة وشط القراقنة وتحويل محطة الأرتال وتهيئة ميناء الصخيرة، الاختلافات في وجهات النظر بين مكونات المجتمع المدني ومختلف المتدخلين، واعتبر أن من الأولويات المطروحة لدفع المشاريع في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، هو تنشيط مطار صفاقس طينة الدولي ودفع مشروع الميناء البيترولي بالصخيرة وتحويل السكة الحديدية من وسط المدينة التي تنتصب عائقا أمام عدد من المشاريع الأخرى.
واضاف إن اللقاءات ستكون أسبوعية لمواصلة النقاش، واعتبر أن من الأولويات الملحة، استغلال حوض شط القراقنة الذي بقي دون استغلال منذ ما يزيد عن 30 سنة بسبب انفصاله عن الواجهة البحرية بخط السكة الحديدية، مقترحا أن يقع تحويل مسارها باحداث محطتين للقطار واحدة من الناحية الجنوبية واخرى من الناحية الشمالية حتى يقع إخلاء وسط المدينة وتحريره، بما يخفف ضغط حركة المرور ويفتح المجال أمام تطوير الانشطة المينائية التجارية منها والسياحية.
وانتقد الناشط بتنسيقية البيئة والتنمية بصفاقس أنور عبد الكافي، غياب استراتيجية تنموية ومركزية القرار في شأن جهوي، وهو ما جسمه توجه وزارة التجهيز في قطع المدينة عن واجهتها البحرية من خلال الطريق ذات الاتجاهين ضمن القسط الثالث للمدخل الشمالي الجنوبي الجاري تنفيذه حاليا، في الوقت الذي أقرت ذات الوزارة احداث محطة متعددة الأنماط بدل المحطة الحالية لتحقيق تواصل المدينة مع البحر وهو ما يبين “تناقض هذه الوزارة” وفق قوله.
واعتبر المندوب الجهوي لهيئة المهندسين المعماريين في صفاقس فايز العيادي، أن الدراسات التنموية المختلفة، موجودة في “سمارت 3” الذي يقر صيغة لتنفيذ مشروع المدخل الشمالي الجنوبي فيه جزء تحت أرضي (نفق) في مستوى محطة الأرتال وجزء فوق أرضي (قنطرة) في مستوى الميناء القديم.
واقترح النائب السابق بالمجلس التأسيسي شكري يعيش خلال الجلسة، أن يقع حفر خندق لمرور القطار في مساره المحاذي لطريق تونس بما يجنب المنطقة “ويلات القطار ولا سيما الحوادث القاتلة” وفق قوله.
واعتبر الناشط المدني حافظ الهنتاتي أن مشروع “تبرورة” سيبقى مفتاح نجاح كل المشاريع التنموية الكبرى بما فيها تهيئة الكازينو وتمديده في مستوى منطقة “تبرورة”، معتبرا ان حلحلة المشروع تبقى رهين إرادة سياسية حقيقية وجادة.
وانتقد رئيس بلدية صفاقس منير اللومي رفض وزارة التجهيز إدخال منطقة “تبرورة” في مراجعة مثال التهيئة العمرانية الذي تنجزه البلدية، وهو ما يعني إقصاء عديد الأحياء الشعبية المجاورة للمنطقة من المثال وإقصاء الجهة من إبداء رأيها في وضع تصور للمشروع الحلم.
وقال رئيس جامعة صفاقس عبد الواحد المكني أن “حب الجهة من جوهر حب الوطن” والدفاع عنها مطلوب، منتقدا في المقابل “التشرذم بين مكونات المجتمع المدني والاختلافات في الرؤى” بشأن عديد المشاريع وهو ما يفسر تعطل بعضها، وفق تقديره، ودعا إلى توحيد الجهود بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة جهويا ووطنيا حول دراسات ورؤى ذات جدوى.
وعبّر الوزير الأسبق محمد علولو عن تشاؤمه إزاء تنفيذ المشاريع الكبرى في صفاقس بسبب مشكل “عدم توفر إرادة حقيقية للدولة والسلطة المركزية منذ عقود طويلة لتمكين الجهة من حقها في التنمية وإطلاق يدها واستغلال ذكاء ابنائها للمساهمة في البناء الوطني كما ينبغي للجهة وبما يليق بها وبكفاءاتها” وفق قوله، ودعا إلى ضرورة أن تغير الجهة طريقتها في الدفاع على حقوقها بإيجاد صيغ مختلفة في إبلاغ صوتها.
ودعا الجامعي شفيق عبيد إلى إحداث لجنة خبراء وإعادة حوصلة المقترحات لتفعيل المشاريع المعطلة وإعادة دفعها من جديد عبر قراءة جديدة للدراسات المنجزة ووضع تصورات تنفيذية لمحتوياتها.
وثمن الناشط الجمعياتي شفيق العيادي دور المجتمع المدني في صياغة المشاريع المختلفة وقد ضمنوها في وثائق فيها رؤية موحدة لكل الأطراف ووجهت إلى الحكومة وعديد الوزراء في سنة 2018 دون تفاعل إيجابي، وحذر من غلق ميناء صفاقس الذي يشغل يد عاملة كبيرة ويتداول آلاف الحاويات وينشط الحركة الاقتصادية للجهة بعد إحداث ميناء النفيضة، لأن وزارة النقل رفضت إحداث تجهيزات ومشاريع في أية بنية مينائية في الجهات، وفق قوله.
وينتظر أن يتحول النقاش حول سبل دفع المشاريع المعطلة على موعد أسبوعي بحسب الوالي الذي شكل لجنة متابعة ستتولى التنسيق بين مختلف المتدخلين وتحمل تصورات ومقترحات مكتوبة إلى السلط المركزية في الفترة القادمة قصد حلحلة المشاريع المعطلة.