مع حلول شهر نوفمبر الجاري تكون قد مرّت سنتان كاملتان على دون أن تُحقّق شركة فسفاط قفصة ولو طنّا واحدا من الفسفاط التجاري المُعدّ لتصنيع الأسمدة الكيميائية بسبب إعتصام مجموعة من طالبي الشغل، وهي سابقة في تاريخ هذه الشركة التي لم تعرف منذ نشأتها، في أواخر القرن 19، تعطيلا كاملا في نشاط أحد أقاليمها الأربعة لسنتين متتاليتين.
ويعتصم منذ شهر نوفمبر 2020 بوحدة إنتاج الفسفاط التجاري الواقعة بمدينة الرديف، وكذك بمنشأة “الوزّانة” مجموعات من طالبي الشغل لا يقلّ عددهم عن 50 شخصا، لمطالبة السلطات بفرص عمل وبتطبيق ما أسماه أحد المعتصمين سالم رحالي بـ “إتفاقيات ومحاضر جلسات مع السلطات “تهمّ تشغيلهم في شركة فسفاط قفصة أو في إحدى المؤسسات المتفرعة عنها وهي شركات البيئة وشركة نقل المواد المنجمية”.
ويحرم هذا الإعتصام حوالي 280 إطارا وعونا من شركة فسفاط قفصة من الوصول إلى مواقع عملهم بالمغسلة وبالوزّانة.
كما حرم هذا الإعتصام، حسب مصادر من شركة فسفاط قفصة، هذه الشركة من إنتاج 978 ألف طنّ من الفسفاط التجاري خلال الفترة الممتدّة من شهر نوفمبر 2020 إلى حدود الأسبوع الأوّل من شهر نوفمبر 2022، إذ أنّ الشركة كانت تتوقّع إنتاج 450 ألف طن بالرديف كامل سنة 2021، و528 ألف طنّ في الفترة الممتدّة من شهر جانفي وإلى موفى شهر أكتوبر من السنة الحالية 2022.
ويعتبر سالم رحّالي (48 سنة) وهو الذي يعتصم بشكل متواتر بوحدة الإنتاج بالرديف منذ 2016، قبل أن يقرّر هو ومجموعة أخرى من طالبي الشغل في شهر نوفمبر 2020 خوض إعتصام متواصل دون إنقطاع، بمنشآت إنتاج الفسفاط بالرديف، “أن الإعتصام بمنشآت إنتاج الفسفاط وبمسالك وسقه، هو وسيلة الضغط الوحيدة التي يملكونها من أجل تحقيق مطالبهم في التشغيل الفوري، محمّلين الحكومات المتعاقبة مسؤولية هذه الوضعية خاصّة وأنّ هناك محاضر جلسات أمضاها المعتصمون مع مسؤولين حكوميين سابقين تنصّ على تشغيلهم بشركة فسفاط قفصة أو بإحدى الشركات المتفرّعة عنها”.
وبإستثناء إستمرار العمل بالمنجم السطحي لإستخراج الفسفاط التجاري “النّا?ص” الذي يتواصل به العمل بشكل طبيعي، فإنّ كلّ عمليّات إستخراج الفسفاط من منجم “السطحاء الزرقاء” وإنتاجه بوحدة إنتاج الفسفاط، وكذلك عمليّة وسق الفسفاط التجاري من الرديف نحو مُصنّعي الأسمدة الكيميائية، كلّها متوقّفة منذ سنتين إثنين بالرديف.
ومع إستمرار هذا الإعتصام، ظلّت كذلك إشكالية وسق مخزون هامّ من الفسفاط التجاري جاهز للوسق بالرديف، لا يقلّ عن مليون و400 ألف طنّ، تراوح مكانها على مدى عامين، وذلك على الرّغم من أهمّية هذا المخزون في دعم قدرة شركة فسفاط قفصة في تلبية حاجيات الحرفاء المحلّيين والأجانب من هذه المادّة من ناحية وأيضا على الرّغم من تداعيات بما يفرزه تكدّس كمّيات كبيرة من الفسفاط بالرديف من إشكاليات وأخطار بيئية على السكّان من ناحية أخرى، سيما وأن مغسلة الرديف حيث تتكدّس آلاف الأطنان من الفسفاط، تقع وسط المدينة وتُحيط بها أحياء وتجمعات سكنية.
وحسب سالم رحّالي، فإنّ السلطات الجهوية عقدت مع المعتصمين جلسات حوار في مسعى منها لحلحلة هذا الملفّ، و”باءت كلّها بالفشل”، حسب تعبيره، بإعتبار أنّ هذه السلطات لم تُقدّم حلولا أو بدائل تُلبّي مطالب المعتصمين في التشغيل الفوري.
وقال والي قفصة، نادر الحمدوني، من جهته أنّ التواصل مع المعتصمين في الرديف وكذلك في أم العرائس مستمرّ وأن هناك “حلولا قريبة يتمّ التفكير فيها مع المعتصمين” لحلّ إشكالية تعطّل إنتاج ووسق الفسفاط بكلّ من الرديف وأم العرائس.