تحتوي ولاية القصرين على إمكانيات إيكولوجية هامة ومدخرات طبيعية متنوعة من مواد انشائية ومياه جوفية ، كما تنفرد بمخزون أثري يمثل أكثر من 25 بالمائة من المخزون الأثري الوطني، وتحتل الصدارة في العديد من المنتوجات الفلاحية منها التفاح والتين الشوكي والفستق و”الزقوقو” وزيت الاكليل مع الزراعات الآخر فصلية خاصة الطماطم والبطاطا وهي خاصيات كرستها طبيعة التربة والمناخ .
إمكانيات ومدخرات متعددة لكنها لم تغير قيد أنملة من الوضع التنموي بالقصرين، فلا تزال هذه الربوع منذ سنوات خلت الى اليوم تراوح مكانها في آخر ترتيب ولايات الجمهورية من حيث مؤشر التنمية، مقابل تصدرها المراتب الأولى في نسب الفقر والأمية والبطالة.
وضع تنموي مترد يقابله بطء وتعطل ملحوظ في إنجاز جل المشاريع العمومية المبرمجة منذ سنوات ما بعد الثورة إلى اليوم، خاصة المشاريع الكبرى التي من شأنها أن تفك عزلة الجهة وتربطها بالأقطاب الإقتصادية الوطنية، لتسهيل عملية جلب المستثمرين وتحسين مناخ الإستثمار على غرار مشروع الطريق السيارة تونس-جلمة عبر ولاية القيروان، ومشروع الطريق السريعة القصرين -صفاقس عبر ولاية سيدي بوزيد، ومشروع الخط الحديدي رقم 6 والخط الحديدي رقم 11 الذي يربط تونس بالقصرين والقصرين بسوسة، إلى جانب مشاريع منطقة التبادل التجاري الحر بتلابت والمركز الدولي للتربصات الرياضية بالشعانبي والقرية السياحية بسبيطلة وسدّ بولعابة بالقصرين الجنوبية.
تأخر تنموي وبنية تحتية مهترئة وارتفاع متواصل لنسب الفقر والأمية والبطالة وتعطل في إنجاز المشاريع، صعوبات وعراقيل ووضعيات اجتماعية صعبة، تعاني منها الدوائر الانتخابية الست بولاية القصرين، والتى تشمل دائرة القصرين الشمالية والزهور، ودائرة القصرين الجنوبية وحاسي الفريد، ودائرة سبيطلة، ودائرة سبيبة وجدليان والعيون، ودائرة فريانة وماجل بلعباس، ودائرة تالة وحيدرة وفوسانة .
كاهية مدير الإدارة الفرعية للتخطيط والمعلومات الجهوية بالإدارة الجهوية للتنمية بالقصرين نور الدين هرشي أوضح في تصريح ل (وات) أن ولاية القصرين لا تزال تتذيل آخر الترتيب في مؤشر التنمية الجهوية للسنة الماضية حيث توجد 11 معتمدية بالولاية فوق ترتيب 200 من جملة 264 معتمدية بالجمهورية .
كما ان نسبة البطالة بالجهة عالية وصلت إلى حدود 24 بالمائة وتجاوزت ال40 بالمائة بالنسبة لأصحاب الشهائد العليا، وتجاوزت نسبة الفقر فيها ال 30 بالمائة، وكذلك نسبة الأمية التي قدرت ب2ر30 بالمائة من مجموع 7ر17 بالمائة في كامل البلاد، إلى جانب إرتفاع عدد المنقطعين عن الدراسة وفق هرشي.
وقد تمت برمجة 2707 مشاريع عمومية خلال سنوات 2022 وما قبل، بكلفة قدرت ب1869 مليون دينا،ر أنجز منها إلى حد الآن حوالي 54 بالمائة، في حين لا يزال 46 بالمائة من هذه المشاريع في مراحل مختلفة (بصدد الإنجاز، وفي مرحلة الدراسات أو إعلان طلب العروض) ، واوضح الهرشي أن المشاريع التي تواجه صعوبات هي في حدود 36 مشروعا بكلفة جملية قدرها 122 مليون دينار.
وتشمل جل المشاريع العمومية المبرمجة بالولاية تشمل بالأساس قطاعي الفلاحة والتجهيز على غرار الآبار الاستكشافية والمناطق السقوية وتعبيد عدد من الطرقات وصيانة وتهيئة المسالك الريفية، في حين لا تزال الانجازات شحيحة في بقية القطاعات كثافة والشباب والرياضة والبيئة والسياحة .
وأكد بالمناسبة أن من الأولويات المطروحة حاليا بالجهة، إنجاز المشاريع الكبرى في سبيل تحسين مناخ الإستثمار في المجال الصناعي شبه المنعدم بالجهة، نظرا لانعكاساته الايجابية على القطاع التنموي ككل ، ويرجع تعطل إنجاز المشاريع العمومية بالجهة يرجع بالأساس الى طول الإجراءات الإدارية وتشعبها وانعدام المواد المالية الضرورية ونقص الإطارات البشرية إلى جانب مشاكل عقارية وأخرى تشريعية.
وشدّد الناشط الجمعياتي وعضو المجلس البلدي بالقصرين المدينة ، محمد الطاهر خضرواي ، في تصريح ل (وات) أنه لا يوجد الى اليوم أي مؤشر يدل على أن الدولة لديها رؤية وبرامج للشريط الحدودي مع الجزائر، بل لديها فقط برامج للشريط الحدودي مع الدول الأوروبية، فكل المؤشرات التنموية في تأخر متواصل بالجهات الداخلية وفي تطور بالجهات الساحلية لأن الدولة تعتبر البحر الوسيلة الوحيدة لتنمية الدول ولم تفكر يوما بالجبال والأرياف وتعتبرهم مشاريع تنموية في ظل ما يشهده العالم اليوم من تغييرات مناخية بسبب الانحباس الحراري وقلة الأمطار، وفق تقديره.
واعتبر أن جميع البرامج الحكومية التي نفذت بعد الثورة كانت “شعبوية ” تسعى لكسب صوت الناخب وليس لبناء مشروع تنموي للجهات الداخلية، لذلك بقيت نفس المؤشرات التنموية المتأخرة ونفس المطالب والاستحقاقات في هذه الولايات وفي مقدمتها ولاية القصرين التي تتذيل منذ سنوات الترتيب الوطني في مؤشر التنمية الجهوية .
واعتبر الناشط حمزة عجلاني في تصريح ل(وات) ان تدني جميع المؤشرات التنموية بجهة القصرين يعود اساسا الى تذيل الجهة لسنوات المراتب الأخيرة في جل المجالات الصحية والتربوية والثقافية والاجتماعية، ما يتطلب مشروعا جدّيا للإصلاح في سبيل المساهمة بصفة فعالة في تحسين الوضع التنموي المتدهور وتمكين جميع المناطق من حقها في المرافق الضرورية للحياة .