اعتبر المشاركون في الندوة السياسية الفكرية حول “دور اليسار بعد 25 جويلية والمتغيرات الحاصلة”، المنتظمة اليوم الاثنين بالعاصمة بمناسبة احياء الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد، أن اليسار لم يتمكن من اغتنام فرصة التغيير الحاصلة في 25 جويلية ولم يكن في مستوى “البديل الثوري المنقذ للوطن والشعب وقاطرة التغيير الاجتماعي”.
ولفت المشاركون في هذه الندوة التي تنتظم ببادرة من “الهيئة التسييرية لحزب الوطنيين الديموقراطيين الموحد” (شق منجي الرحوي ) إلى أن القوى اليسارية لم تتعلم الدرس من التاريخ وأن حلم الوحدة في الحزب اليساري الكبير تبخر بعد إجهاض تجربة الجبهة الشعبية ، معتبرين أن “رئيس السلطة الحالية” قام ببعض الخطوات بعد 25 جويلية يمكن اعتبارها “نواة مسار شعبي جديد ومغاير قد يبدل المشهد لفائدة الطبقات المهمشة”.
كما اعربوا خلال تدخلاتهم عن الأسف لما اعتبروه إجهاضا لهذا المشروع وعودة مربع الحكم “للسياسات اللاشعبية” والتي تجلت، حسب تقديرهم في “ما بلغته الدولة في علاقة بالدوائر المالية من خضوع أهدر كل معنى للسيادة الوطنية وكلف الشعب المزيد من التفقير والتجويع”.
وقال عضو الهيئة التسييرية لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد منجي الرحوي في تصريح لوات بالمناسبة “ليس لدينا من طريق سوى وحدة القوى الثورية التقدمية الوطنية في تحالف وطني شعبي من اجل العمل على بناء تونس وتحقيق أهداف الثورة وتحقيق الرفاه للمجتمع وان تلعب هذه القوى دورها الوطني والشعبي في هذا الظرف”. وأشار الأستاذ الجامعي عبد الجليل بوقرة في مداخلته إلى وجود “ثغرات كبيرة على مستوى الفكر السياسي خلال العشرية الأخيرة انعكست بتدني الوعي السياسي لدرجة لم تشهدها البلاد حتى في فترة الاستعمار” حسب قوله، معتبرا أن 25 جويلية أرجع اليسار إلى مربع الانقسامات.وتحدث بوقرة عن الفراغات التي يشكو منها اليسار والمتمثلة أساسا في التمدد الشعبي، معتبرا أن التيار اليساري “ليس له مكانة توازي وتضاهي تضحياته التاريخية ودوره التاريخي ووجاهة خطابه وبرنامجه والقضايا العادلة التي يطرحها”
وخلافا لبوقرة قال الاستاذ بالجامعة التونسية رافع الطبيب أن الحلم مازال ممكنا ليأخذ اليسار “زمام القيادة والتأثير عبر فكره وثقافته على مجتمع عاش فترة ركود فكري مطولة بسبب هيمنة الفكر الرجعي الفاشي المتمثل في التيار الإسلامي”، حسب توصيفه معتبرا أن “اللحظة اليوم مناسبة بعد دعس تنظيم داعش وخروج الإخوان من السلطة” .ولفت الطبيب في مداخلته إلى أن 25 جويلية ليس حدثا تونسيا منعزلا بل هو مرتبط بما يدور في العالم، بعد انهيار مشروع الربيع العربي، مشددا على أن “انهيار الوعي السياسي في تونس لا يعني انهيار الدولة خلافا للعديد من الدول والمناطق المجاورة والمنهارة والمستباحة حتى على المستوى الإقليمي”.
واضاف في هذا الصدد “هناك موجة من التمويلات التي كانت موجهة لتفكيك الجبهة الشعبية من الداخل بواسطة من كنا نعتبرهم رفاقا”، مفسرا ذلك بأن القوى الخارجية التي كانت تضخ هذه الأموال تريد لليسار أن يكون تابعا لحراك حقوقي”، أو أن تكون تابعة لهذا الطرف أو ذلك.وذكر بأن الجبهة الشعبية عند تكوينها كانت الطرف الثالث في المشهد السياسي، لأن اليسار كان ولأول مرة مؤمنا بحظوظه وبقدرته على أن يكون البديل، معربا عن الأسف لحالة الانقسام التي يعيشونها اليوم في لحظة تاريخية “كان من المفروض استغلالها واستغلال حالة الفراغ الكبير التي تركها الإخوان المسلمون هذا الأخطبوط المافيوزي”،وفق تعبيره.
واعتبر رافع الطبيب ان “هناك من يتمسك ب24 جويلية لأنها لم تكن نظاما سياسيا بل منظومة تقاسم ادوار وتمويلات واليوم أهم المعارك السياسية التي يجب أن نفككها هي منظومة التمويلات، وأن نبدأ بتكوين نواة الحزب اليساري الكبير وعندها ستلتحق به القوى اليسارية لننطلق في البحث عن البدائل الحقيقية”. وأضاف قائلا “اليسار مدعو للبناء على ما تركه لنا شكري بلعيد، من رأسمال رمزي وتاريخ نضالي نظيف واستشهاد الزعماء، الى جانب فكر الحزب اليساري الكبير الذي يتكون على أساس مشروع حكم داخل النسيج السياسي التونسي يذكر أن هذه الظاهرة المنتظمة بمناسبة إحياء الذكرى العاشرة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد تضمنت عرض مقطع فيديو عن اغتيال الشهيد وتسليط الضوء على مساره النضالي وتقديم وصلات موسيقية ملتزمة