تعالت خلال الأونة الأخيرة في تونس اصوات العديد من الخبراء والسياسيين الذين يحذرون من خطورة ذهاب تونس الى نادي باريس بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد ورفض صندوق النقد الدولي لملف تونس.
الخبير في الشأن الاقتصادي آرام بلحاج رجّح في تدوينة نشرها على صفحته بالفيسبوك إمكانية أن يشترط صندوق النقد الدولي ذهاب تونس إلى نادي باريس بعد أن تبيّن أن الحكومة غير قادرة على تعبئة الموارد الخارجية اللازمة لتمويل ميزانية 2023، مشيرا ان هاته الفرضية، إن صحّت، ستفتح الأبواب على مصراعيها أمام السيناريو اللبناني وفق تعبيره.
وبدوره نبه الخبير الإقتصادي محسن حسن في تصريح اعلامي من خطورة الذهاب الى نادي باريس معتبرا ان “الدعوة إلى الذهاب الى هذا النادي مخاطرة كبرى وضربة قاسمة للإقتصاد الوطني والشعب التونسي”.
فما هو نادي باريس، ومن هم أعضاؤه، وما دوره في حل أزمات ديون البلدان، وما أهدافه ولماذا يعتبر التوجه اليه خطير؟
نادي باريس (بالفرنسية: Club de Paris) هو مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين مموّليين من 22 دولة تعد من أكبر الاقتصادات في العالم لا تحتكم على قانون داخلي مؤسساتي،وبالتالي فهو ليس منظمة دولية قائمة الذات كما صندوق النقد الدولي او البنك الدولي او منظمة التجارة العالمية بل هو اجتماع لأهم الفاعلين الاقتصاديين في العالم ..أي انه يضم ممثلين عن اقوى دول العالم اقتصاديا وعندما نقول اقتصاديا فنعني كذلك سياسيا.
ويقدم نادي باريس خدمات مالية مثل إعادة جدولة الديون للدول المديونه بدلا من اعلان افلاسها أو تخفيف عبء الديون بتخفيض الفائدة عليها، والغاء الديون بين الدول المثقلة بالديون ودائنيها. الدول المديونه غالبا ما يتم التوصية بها أو تسجيلها في النادى عن طريق صندوق النقد الدولي بعد أن تكون الحلول البديلة لتسديد ديون تلك الدول قد فشلت.
في ظاهره يسعى لإنقاذ الاقتصادات المتدهورة أي التدخل قبل اعلان افلاس الدول لكن رائحة السياسة والاجندات لا يمكن ان تغيب وهي حاضرة.
ماهي الدول المكونة لنادي باريس؟
الدول الأعضاء في نادي باريس هي: فرنسا، أستراليا، النمسا، بلجيكا، البرازيل، كندا، الدنمارك، فنلندا، ألمانيا، أيرلندا، “إسرائيل”، إيطاليا، اليابان، كوريا الجنوبية، هولندا، النرويج، روسيا، إسبانيا، السويد، سويسرا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية.
ينعقد اجتماع النادي نادي باريس كل شهر، باستثناء شهري فيفري، وأوت، في العاصمة الفرنسية باريس. وقد تشمل هذه الاجتماعات الشهرية أيضاً مفاوضات مع واحد أو أكثر من البلدان المدينة التي استوفت الشروط المسبقة للنادي للتفاوض بشأن الديون.
ماهي مبادئ نادي باريس والآلية التي يعمل بها؟
يعمل نادي باريس وفق جملة من الشروط ومن أبرزها أنه يتعين على الدولة المدينة الوفاء بها،أن تكون لديها حاجة واضحة لتخفيف عبء الديون، وأن تلتزم بتنفيذ الإصلاح الاقتصادي. في الواقع هذا يعني أن البلد يجب أن يكون لديه بالفعل برنامج مع صندوق النقد الدولي (IMF)، مدعوماً بترتيب مشروط.
ويتعامل نادي باريس مع الديون المستحقة على حكومات البلدان المدينة وبعض كيانات القطاع الخاص على أنها مضمونة من قِبل القطاع العام لأعضاء نادي باريس. ويقدم النادي مجموعة قياسية من الشروط المتدرجة لمعالجة الديون، بدءاً من إعادة جدولة المدفوعات بأسعار السوق إلى إلغاء ما يصل إلى 90% من بعض الديون. ومجموعة الشروط المحددة المقدمة لكل دولة مدينة هي على أساس كل حالة على حدة، بناءً على مركزها وخصائصها وسجل السداد لديها.
وبخصوص آلية عمل النادي، فإن البلدان الدائنة تجتمع 10 مرات في السنة في باريس للأعمال العامة، وللتفاوض مع ممثلي البلدان المدينة. وفي هذه الاجتماعات يعرض ممثلو البلدان المدينة قضيتهم بشأن تخفيف عبء الديون على أعضاء نادي باريس، الذين يقررون بعد ذلك في جلسة مغلقة ما هي المعاملة التي يجب أن يقدمها المدين.
ويمكن أن تتكرر هذه العملية بعد ذلك مع إجراء جلسات إضافية وطلبات للحصول على معلومات حتى يتم التوصل إلى صفقة. وتعد الاتفاقات الناتجة غير ملزمة قانونياً بحد ذاتها، ولكن يجب استخدامها كأساس لترتيبات ثنائية ملزمة قانوناً بين الدولة المدينة والدول الدائنة في نادي باريس.