أبرزت رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، أن التحولات العميقة والتغييرات الجذرية التي يشهدها العالم في ظل تواتر الأزمات وتفاقم تداعياتها سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا ومناخيا أثَّرت في السياسات العامة للدول، وأكدت أهمية دور المرأة في تحقيق الاستجابة الفاعلة والناجعة والدائمة لمختلف التحديات القائمة وضرورة تمكينها سياسيا واقتصاديا.
وأضافت بودن، في مداخلتها اليوم الثلاثاء حول “فرص تمكين المرأة وتعزيز مكانتـها في الحكومة” ضمن “منتدى المرأة في الحكومة”، في اطار اشغال القمة العالمية للحكومات المنعقدة بدبي بالامارات العربية المتحدة، أن الدور القيادي للمرأة وانخراطها الفعلي في بلورة السياسات العامة والحلول المستقبلية، يظل شرطا جوهريا لإعادة البناء بشكل أفضل، والمضي قدما نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة .
وشددت على أن الوعي بأهمية الدور القيادي للمرأة لا بد أن تتبعه إرادة حقيقية لتحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين وتمكين المرأة من الأدوات الأساسية والضرورية، من خلال تعزيز البناء التشريعي والمؤسساتي الذي يؤهلها لإثبات وجودها في مراكز اتخاذ القرار، باعتبارها شريكا أساسيا في رسم هذه البرامج وصياغتها.
وأفادت بأن الدولة التونسية لطالما اعترفت بدور المرأة الحيوي في عملية البناء الوطني والمجتمعي، قائلة انها كأول رئيسة للحكومة في تونس وفي العالم العربي، تقود حكومة ثلثها من الكفاءات النسائية، على راس وزارات هامة كالعدل والمالية والتجارة والصناعة والطاقة والتجهيز والإسكان والأسرة والمرأة والثقافة، وذلك في ظرف دقيق وحساس نتيجة تراكمات العشرية الماضية بالاضافة الى تداعيات أزمة كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية.
وبعد ان استعرضت الأشواط الهامة التي حققتها تونس على درب حماية حقوق المرأة وتكريسها في التشريع والممارسة، عبر سنّ قوانين تقدمية جعلتها نموذجا يحتذى إقليميا ودوليا، ذكرت رئيسة الحكومة أن تونس كانت سباقة في تشريك المرأة في الانتخابات البلدية سنة 1957 أي قبل وضع دستور 1959، وسبقت في ذلك عديد الدول الغربية، بما يؤكد ريادتها في التمكين السياسي للمرأة وإشراكها في الشأن العام والحياة السياسية.
كما أبرزت انخراط تونس في جميع المجهودات الدولية الرامية إلى تعزيز هذه الحقوق عبر العالم، وكانت طرفا في جميع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، مبينة أن دستور 25 جويلية 2022 جاء ليكرس هذا التوجه ويؤكد المساواة بين جميع المواطنين ولينص في فصله الحادي والخمسين (51) على التزامِ الدولة بحمايةِ الحقوق المـكتسبة للمرأة ودعم سياسات تمكينها، والالتزام بمبادئ التناصف وتكافؤ الفرص، وهو ما يتجلى بالخصوص في إقرارٍ الاستراتيجية الوطنية للنوع الاجتماعي.
وأعربت عن افتخارها بترجمة نتائج هذه السياسات على أرض الواقع، لتحتل المرأة التونسية مناصب إدارية عليا، والمراتب الأولى من حيث نسبة الباحثات في قطاع البحث العلمي التي تناهز 55 بالمائة من مجمل الباحثين، بما جعلها تتصدر المرتبة الأولى إفريقيا وعربيا، وفقا لإحصائيات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”.
وأفادت بأنه في إطار التّمكين الاقتصادي للمرأة، تم إطلاق البرنامج الوطني الجديد “رائدات” باعتمادات مالية تقدر بــ 70 مليون دينار، والذي يهدف إلى إحداث 3000 مشروع بمعدل 600 مشروع سنويا، فضلا عن دفع الاستراتيجية الوطنية للتمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء والفتيات في المناطق الريفية، من خلال مقاومة الانقطاع المدرسي في الوسط الريفي ودفع المبادرة الاقتصادية النسائية، ومضاعفة نسبة القروض المخصصة للمشاريع الفلاحية النسائية من 6 الى 30 بالمائة.
وأوضحت رئيسة الحكومة، أنه رغم ما تحقق للمرأة التونسية من مكاسب، إلا أن حضورها في المجال السياسي ما يزال ضعيفا، كما لا تزال نسبة النساء صاحبات الأعمال دون المأمول، فضلا عن ارتفاع نسب البطالة في صفوف النساء، وارتفاع منسوب العنف ضدهن في الفضاء المادي والرقمي، مشيرة ان هذه التحديات تستوجب مضاعفة الجهود وطنيا وإقليميا ودوليا من أجل رفعها وتحرير طاقات النساء حتى يكن رافعات للبناء الديمقراطي والنمو الاقتصادي وصمام أمان المجتمع.
واعتبرت أن النجاح في تعزيز مكانة المرأة، لا يعتبر نجاحا للحكومة أو لبرنامج حكومي فحسب، بل نجاح للمجتمع في القيادة الذاتية نحو التغيير والابتكار والتطوير المستدام، وضمان مستقبل دامج وجامع لجميع المواطنين.