أوصت الدراسة الثانية حول “خفايا عقود المحروقات في تونس” لسنة 2022 بضرورة تنقيح جذري لمجلة المحروقات في اتجاه مزيد تعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية وفقا للمعايير الدولية.
ودعت الدراسة التي أعدتها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين إلى وجوب نشر مداخيل الثروات الطبيعية بصورة مدققة لتقديم صورة حقيقية للموارد الجبائية المتأتية من قطاع المحروقات
وخلصت النسخة الثانية من الدراسة التي تم انجاز النسخة الأولى منها في 2019، بالتأكيد على نشر الاتفاقيات وكل الوثائق التي تعزز الرقابة على قطاع المحروقات في تونس، علاوة على وجوب تطوير دور المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية و السعي إلى بناء مناخ من الثقة بين المؤسسات الناشطة والمواطن في الجهات المنتجة وتفعيل آليات التشاور والشفافية وتعزيز برامج المسؤولية المجتمعية.
كما دعت الدراسة إلى الإسراع باستكمال انضمام تونس إلى مبادرة الشفافية الدولية في الصناعات الاستخراجية.
وتهدف الدراسة التي شكلت الثلاثاء بالعاصمة، محور ندوة صحفية للجمعية التونسية للمراقبين العموميين، إلى التأكد من مدى احترام العقود المنشورة لمختلف القوانين والتراتيب المنظمة لقطاع المحروقات وتحديد المخاطر والثغرات التي يمكن أن تنجر عن عدم احترام العقود والقوانين.
وأكد الخبير في الحوكمة والثروات الطبيعية شرف الدين اليعقوبي ، انه بالرغم من الجهود المحمودة التي قامت بها تونس منذ سنة 2016 في نشر عقود المحروقات والتي أهلتها أن تحتل المرتبة 26 عالميا في عملية النشر، إلا أنه هناك العديد من المعطيات والبيانات المتعلقة بملف المحروقات بحاجة إلى مزيد التعمق بشأنها على غرار غياب المعلومات المفصلة حول المداخيل المتأتية من كل حقل نفطي (الإتاوات والضرائب) وعدم نشر محاضر اللجنة الاستشارية للمحروقات، إلى جانب غياب دراسات التأثيرات البيئية وتقارير الجدوى الاقتصادية لمشاركة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية في الامتيازات ،علاوة على غياب المالكين والمساهمين الحقيقيين في الشركات المستثمرة.
وفي محور المناطق الحرة ، قال شرف الدين اليعقوبي، إن معطيات المناطق الحرة لا توجد في موقع الوزارة المشرفة على القطاع بل توجد على الموقع الالكتروني للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، معتبرا ذلك مخالف للشفافية وعدم المعاملة مع بقية المؤسسات على قدم المساواة.
ومن جانب آخر انتقد عدم نشر المعطيات التقنية الأولية للترويج للمناطق الحرة في موقع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية حاليا بينما كان يتم نشر مثل هذه المعطيات على موقع المؤسسة في سنة 2016
ولدى تطرقه إلى محور النقائص والمخاطر في رخص الاستكشاف والبحث، قال الخبير في المجال الطاقي محمد غازي بن جميع، أن هناك رخص في المناطق الحرة انتهت صلوحيتها دون تجديدها ، على غرار رخص قصر حدادة والحمامات البحرية و برج الضراء الجنوبي و الكاف وبرقو.
وتعرض أيضا إلى رخص تجاوزت مدة التمديد العادية مثل رخص برج الخضراء وعناقيد و جلمة و رمادة إلى جانب رخص بوحجلة وجناين الوسطى.
وابرز أن الدراسة أفضت إلى “الكشف عن حالات لرخص بها تجاوزات كبرى تتطلب فتح تحقيق بشأنها مستدلا في ذلك على الاستغناء عن رخصة “مكثر” من قبل المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بعد أن اشترت كل ممتلكات شركة “بي ار ريسورز”في تونس”.
وكشف الخبير أنه من النقائص التي تم الوصول إليها في الدراسة عدم التأكد من الغلق النهائي لأبار النفط وإعادة المواقع إلى صبغتها الأصلية كأرض فلاحية ما حصل في آبار “زعفران” و”مكثر” و “المهدية” و”برج الخضراء” و”جنانين الوسطى”.
وبخصوص محور المخاطر والنقائص المحيطة بالامتيازات فقد أوضح غازي بن جميع، أن الدراسة أظهرت أن هناك امتيازات لم يستكمل فيها تطوير الحقل رغم مرور مدة زمنية طويلة على إسناده بلغت في بعض الحالات أكثر من 40 عاما على غرار امتياز “بيرصة” (سنة 1980) و “زلفة” (2004) و “كوسموس” (1985).
وأكد أن المسالة تعد مخالفة للقانون وتعكس تواصل انتفاع الشركة بالامتياز دون أن تتمكن من الإنتاج.
وخلص الخبيران إلى أن العمل بالقانون الحالي للمحروقات ، يجعل تونس غير قادرة لاستقطاب كبرى الشركات العالمية للاستثمار في هذا القطاع.