أطلق مهنيو قلي ورحي القهوة بصفاقس في ندوة صحفية نظمتها، اليوم الاثنين، غرفتهم النقابية التابعة للاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، صيحة فزع بسبب صعوبات التزوّد بالمادة الأولية وتهديدات الأزمة الجدية لمؤسساتهم من الناحية المالية والاجتماعية.
وأفاد رئيس غرفة قلي ورحي القهوة بصفاقس، محمد دباش، بأن غالبية المؤسسات الصناعية التي تشتغل في قلي ورحي القهوة (التحميص) في صفاقس والبالغ عددها الجملي 21 مؤسسة (من مجموع 240 مؤسسة في تونس) مهدّدة بالإفلاس بسبب النقص الحادّ في القهوة التي يستوردها الديوان التونسي للتجارة كجهة محتكرة لهذا النشاط، وتفاقم عجز الديوان التجاري.
كما نبّه من إمكانيّة خسارة ما لا يقلّ عن 500 موطن شغل قار توفّرها هذه المؤسسات في صورة غلقها وتوقفها الكلّي عن النشاط، فضلا عن خسارة عديد الحرفاء إلى حد الآن، دون اعتبار تضرّر نشاط المقاهي التي تتزود منها والتي يناهز عددها 5 آلاف مقهى، وفق قوله.
ووجّه أعضاء غرفة قلي ورحي القهوة بصفاقس، خلال هذه الندوة الصحفية، نداء استغاثة إلى “الرئاسات الثلاث وعلى رأسها رئيس الجمهورية قيس سعيّد، من أجل إنقاذ الوضع، وتفادي الأسوأ في قادم الأيام، بعد أن باءت كل الجهود والمحاولات مع السلط والهياكل الإدارية في قطاع التجارة جهويا ومركزيا بالفشل، وبعد التأجيل المتواتر للحلول المقترحة دون تسجيل أي تفاعل من الجهات الرسمية إلى الآن”، بحسب تدخلاتهم وتصريحاتهم المتطابقة.
ونادى المهنيون الحاضرون بضرورة وضع مسألة إنقاذ الديوان التونسي للتجارة، وإعادة هيكلته توازناته وإخراجه من المأزق المالي الذي يتردّى فيه، على رأس الحلول وأولويات التدخل، لتخطّي هذه الأزمة التي اندلعت في جوان 2022 عندما أصبح الديوان عاجزا عن الاستجابة لحاجيات الصناعيين من مادة القهوة من السوق العالمية بالكميات المطلوبة.
واعتبر الصناعي في قلي ورحي القهوة، محمد المكي القلال، أن إعادة تحيين التسعيرة في صالح الديوان قبل المهنيين، باعتبار أن تفاقم عجزة هذه المؤسسة الوطنية ينبئ باندثارها واندثار المصنّعين، ولا سيما الصغار منهم، والمقدّر عددهم بقرابة 240 مصنّعا.
وتشير المعطيات المقدّمة في الندوة الصحفية إلى أن الديوان التونسي للتجارة يضخّ 100 طنّ قهوة خضراء من الدولة، والتي يتقلّص وزنها بعد القلي لتصبح في حدود 77 طنّا موجّهة للمواطنين، علما أن النزل والمطاعم والمقاهي تستأثر بأكثر من 90 بالمائة من المنتوج، بما يفسر النقص الفادح في القهوة وعدم تغطيتها للحاجيات.
ومن جهة أخرى، اشتكى المهنيون مما اعتبروه “التوزيع غير العادل للقهوة عند التزوّد من الديوان بين كبار المهنيين وصغار المهنيين، حيث تزوّد 17 مؤسسة مصنعة في صفاقس ب20ـ بالمائة من حجم الكمايات المخصّصة للجهة مقابل استئثار 4 مؤسسات بـ 80 بالمائة بتعلة الاعتماد على مقياس تاريخ الشراءات وليس طاقة الإنتاج وحجم المؤسسة، وفق قولهم.
كما انتقدوا بشدّة عدم إعادة هيكلة الأسعار حتى تكون متلائمة مع ارتفاع الكلفة، الأمر الذي لم يحصل ونتج عنه تفاقم الأزمة المالية للديوان وللمؤسسات المصنعة، فضلا عن التعطيلات الإدارية وطول الإجراءات التي تعترض المؤسسات التي ترغب في التوريد لسد النقص وفق تراخيص استثناء من احتكار الدولة (الرمز 120) ما اضطرهم للتخلي عن هذا الحل الذي يوفره القانون على صيغته الحالية”، كما بين ذلك رئيس غرفة قلي ورحي القهوة بصفاقس محمد دباش.
من جهته، قال عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة، حاتم الفراتي، إن الاتحاد يدعم غرفة صناعيي قلي ورحي القهوة الّذين يمرّون بصعوبات جديّة تحتاج إلى حلول حقيقية لوقف المشاكل التي تتعلق بالتزويد والتمويل وتضع العديد منهم على صفيح ساخن وتهديدات جديّة بالإفلاس والغلق.
وأكّد النائب بمجلس نواب الشعب عن معتمدية صفاقس الغربية، صابر المصمودي، الذي كان حاضرا في هذه الندوة الصحفية، أن الأزمة الحالية لهذا القطاع شديدة الارتباط بالوضع الاقتصادي صعب في تونس وهو ما يتطلب تكاتف جهود كل الأطراف، مع ضرورة ترتيب الأولويات، على أن يلعب المجلس النيابي بشكل فاعل دورا في التواصل مع السلطة التنفيذية وايصال الصوت إلى الجهات الفاعلة والمسؤولة، مع تضافر الجهود بين كل المهنيين.
وقال عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة، سليم المراكشي، إن الأزمة تنطوي على “مشكل هيكلي في علاقة مباشرة بالتوازنات المالية للدولة، والتصنيف الائتماني المنخفض مما انجر عنه “تواتر رفض البنوك فتح الاعتمادات البنكية للديوان، واشتراط بعضهم توفير ضمان الدولة، مما انجر عنها إخلال الديوان مع تواتر تشكيات المزودين الدوليين وعزوفهم عن المشاركة في طلبات عروض التزوّد التي يعلن عنها الديوان من وقت لآخر لتغطية حاجيات السوق المحلية.