قدّر مدير عام الامتحانات بوزارة التربية، محمد الميلي، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، أن الدورة الرئيسية للباكالوريا كانت ناجحة والنتائج طيبة رغم ما شاب السنة الدراسية منذ انطلاقها من توتر للمناخ الاجتماعي أدى الى حجب الاعداد في الثلاثية الاولى والثانية.
ولفت الى أن نتائج شعبة الرياضيات على سبيل المثال، تطورت في الدورة الرئيسية لهذه السنة مقارنة بالسنة الماضية من 58ر66 بالمائة الى 6ر71 بالمائة.
وأضاف أن المتميزين يمثلون لاول مرة منذ 5 سنوات مختلف جهات البلاد زغوان وقفصة والكاف وبن عروس.
واعتبر أن وزارة التربية أحكمت استعدادها هذه السنة للتصدي لحالات الغش التي تقلصت بحوالي الثلث مقارنة بالسنة الفارطة اذ بلغت 805 حالة غش مقابل 1200 في الدورة الرئيسية لسنة 2022.
وذكر أنه من بين 16 مترشحا للباكالوريا من المساجين نجح مسجون واحد ونجح من ضمن 16 تلميذا اجتازوا الامتحان بالمستشفيات العمومية والمصحات الخاصة اثنان تحصلا على ملاحظة “حسن” و”حسن جدا”.
يشار الى أن نسبة النجاح في الدورة الرئيسية لباكالوريا هذا العام بلغت 36.38 بالمائة بتراجع طفيف يقدر بنسبة 1.59 بالمائة مقارنة بدورة العام الماضي التي بلغت نسبة النجاح فيها 37.97 بالمائة.
وستجري دورة المراقبة ايام 3 و4 و5 و6 جويلية القادم بترشح 40748 مترشحا.
وقيّم بعض المهتمين بالشأن التربوي نتائج الباكالوريا لسنة 2023 في دورتها الرئيسية بكونها لم تتختلف عن مثيلاتها في السنوات السابقة وكرّست التفاوت الجهوي على مستوى النتائج.
وصرّح المختص والباحث في علم الاجتماع التربية والمتفقد السابق، محمد الناكوع، لوكالة تونس افريقيا للانباء، بأن نتائج هذه الدورة لا يمكن تحليلها بمعزل عن عدة عوامل المرتبطة أساسا بالأبعاد التنموية، معتبرا أن النتائج الحاصلة أثبتت بونا شاسعا بين الجهات.
يذكر أن ولايات القصرين وقفصة وجندوبة تذيلت الترتيب في قائمة نتائج الجهات على مستوى نسبة النجاح في الدورة الرئيسية.
ورأى الناكوع أن المؤسسات التربوية في الجمهورية تشهد توزيعا غير عادل للكفاءات التربوية من المربين يضاف إلى التقسيم غير العادل للثروات والمنوال تنموي غير المنصف بين جميع الجهات حسب رأيه.
ولفت إلى أن للدروس الخصوصية وقعا كبيرا في إحداث الفوارق في النتائج، قائلا “نتائج التلاميذ مرآة تعكس حقيقة الواقع الاجتماعي”.
ودعا، الى إرساء منوال تنموي عادل واحداث دور شباب ونوادي أطفال بالمناطق الداخلية من اجل صقل المواهب والترغيب في التعليم، مشددا في المقابل على ضرورة ملاءمة المنظومة التربوية مع التحولات المجتمعية والعالمية وخلق شعب جامعية تتلاءم وسوق الشغل.
من جهته، خلص رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم، سليم قاسم، في تصريح لـ(وات)، إلى أنه رغم ما مرّ على المنظومة التربوية منذ سنوات الا انها بقيت صامدة فنتائج هذه الدورة وفق اعتقاده “ما زالت قادرة على طرح التميز”.
ويعتقد قاسم أنه يوجد ثلاثة عناصر ساهمت في ديمومة المنظومة التربوية رغم ما شابها من توتر في المناخ الاجتماعي أدى الى حجب أعداد الثلاثي الأول والثاني وهي التلميذ والمربي والولي.
واعتبر وجود حيف كبير في حق التلاميذ رغم “التقييمات المثبطة للعزائم”والتي تتحدث جلها عن تدن في مستوى التلميذ، مضيفا أن الولي ما زال يستثمر في المنظومة التربوية ويتعامل مع المدرسة العمومية كونها مكسبا وطنيا.
واقترح ان يتم استثمار طاقات ومهارات بعض التلاميذ في التكوين المهني من خلال احداث باكالوريا تقنية وإعادة النظر في مسالك التكوين.
من ناحيته، بيّن رئيس الجمعية التونسية للاولياء والتلاميذ، رضا الزهروني، أن نتائج الدورة الرئيسية لباكالوريا سنة 2023 هي في نفس مستويات السنوات السابقة رغم توفر عدة “عوامل محبطة” وفق تعبيره .
ولفت الى ان النتائج تبقى دون المأمول امام استثمار الدولة والاولياء في التعليم، معتبرا ان تحقيق هذه النتائج جاء أساسا “بفضل الدروس الخصوصية” و”التميز” المسجل هو استثناءات وليس واقع المؤسسة التربوية.
وتحدثت نجاح وهي ولية لاحد الناجحين في الباكالوريا عن أهمية الدروس الخصوصية في رأب صدع تخفيف البرامج خلال جائحة كورونا واهميتها في تحقيق التميز والنجاح، معتبرة أن “التميز ثمنه استثمار مادي ضخم في التلميذ”.
واعتبرت ان كثرة التقييمات تؤثر حتما على انهاء البرامج وسيرورة الدروس.
ويرى فاروق وهو ناجح في الدورة الرئيسية للباكالوريا 2023 شعبة رياضيات أن كثرة المواد التي يمتحن فيها التلميذ في الامتحان الوطني شتتت الانتباه، داعيا الى تقليص هذه المواد والتركيز على المواد الأساسية لكل شعبة.
وفي مجمل حديثه حول توتر المناخ الاجتماعي وحجب الاعداد قال إنه “يتفهم تدهور الوضع الاقتصادي للاطار التربوي لكن مسألة حجب الاعداد خلّفت ضغطا نفسيا وتوترا لدى التلاميذ “.
من جهته، أفاد الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل، نبيل الحمروني، (وات)، أن نتائج الدورة الرئيسية لسنة 2023 ليست مختلفة عن السنوات السابقة الا انها ترسخ التفاوت الجهوي بسبب غياب التنمية في المناطق الداخلية .
وفي تعليقه على مسألة حجب الاعداد ، أكد ان المربين قدموا الاعداد للتلاميذ واطلعوهم على كيفية احتساب المعدلات والحجب كان على الإدارة قبل التوصل الى اتفاق مع وزارة التربية يقطع مع حجب اعداد الثلاثية الأولى والثانية في شهر ماي 2023.
وللاشارة فان الجامعة العامة للتعليم الثانوي اتخذت من حجب أعداد الثلاثي الأول والثاني عن الإدارة شكلا احتجاجيا لتنفيذ جملة من المطالب المهنية.
وقال إن “العديد يعلقون الشماعة على حجب الاعداد لكن هنالك ظواهر سلبية ارتبطت في السنوات الأخيرة بالمدرسة العمومية على غرار انتشار العنف في الوسط المدرسي وحالات الغش والاكتظاظ في الأقسام وتدهور البنية التحتية والنقص الفادح في الاطار التربوي والعملة وهو ما يؤدى ضرورة الى تراجع النتائج”.
ودعا الحمروني الى اصلاح تربوي جذري وشامل ينفّذ بصفة تشاركية.
وكان وزير التربية، محمد على البوغديري، صرّح لـ(وات) سابقا أن نسبة النجاح مقبولة واعتيادية، مشيرا إلى أن مجموع المترشحين البالغ عددهم أكثر من 110 آلاف توزعوا بمعدل الثلث على النجاح والتأجيل والرسوب.
ورجّح الوزير ارتفاع النسبة العامة المسجّلة في البكالوريا بعد إجراء دورة التدارك.