اعتبر ائتلاف صمود ،اليوم الأحد، في بيان تضمن مخرجات الندوة الوطنية التي نظمها يوم 20 جوان 2023 تحت عنوان “أيّ تاريخ لموعد الانتخابات الرّئاسيّة القادمة ” أنّ البلاد تعيش أزمة سياسيّة ودستوريّة حادّة” .
وأوضح الإئتلاف في بيانه ” أنّ جذور الأزمة السّياسيّة تعود إلى ضعف مشروعيّة دستور سنة 2022 الذي “لم يحترم مبدأ الفصل بين السّلط والتّوازن بينها كشرط أساسيّ لتركيز نظام ديمقراطي يكريس دولة القانون الضّامنة للحقوق والحريّات ويجنّب البلاد الإنفراد بالسّلطة” وفق نص البيان .
أمّا الأزمة الدّستوريّة فقد أشار إلى أنّ مردّها “افتقاد من يضطلع اليوم بصلاحيات مؤسّسات رئاسة الجمهوريّة والحكومة والمجلس الأعلى المؤقّت للقضاء والهيئة العليا المستقلّة للانتخابات إلى أيّ سند في الدّستور الجديد، يسمح لهم بممارسة الصّلاحيات التي تضّمنها، في ظلّ صمت الأحكام الانتقاليّة”.
كما اعتبر ما وصفه ب”تعثّر السّلطة المباشرة” في تركيز أهمّ مؤسّسات دستور 2022 من ذلك تجديد شرعيّة رئيس الجمهوريّة و تجديد شرعيّة الحكومة وتركيز المحكمة الدّستوريّة و تركيز المجالس القضائيّة و تركيز مجالس بلديّة منتخبة و تجديد شرعيّة الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات تعدّ أيضا من بين أسباب الأزمة الدستورية.
وفي هذا الجانب أشار إلى أنه كان يفترض تنظيم الانتخابات الرّئاسيّة، مباشرة بعد دخول دستور 2022 حيز النّفاذ، ليكون لرئيس الجمهوريّة المنتخب تفويض شعبيّ يسمح له بممارسة الصلاحيات بما في ذلك الجديدة منها طبق دستور 2022.
كما لفت إلى أنّه كان من المستوجب أن تسبّق الانتخابات الرّئاسيّة التشريعيّة ولذلك يصبح من المستعجل تنظيم انتخابات رئاسيّة قبل إطلاق أيّ موعد انتخابيّ آخر.
و أكّد الإئتلاف أيضا ضرورة التّسريع في تركيز المحكمة الدّستوريّة لتقوم بدورها في مراقبة دستوريّة القوانين ولتفادي الفراغ الدّستوري في حالة الشّغور التامّ في منصب رئيس الجمهوريّة.
وأشار إلى أنه لم يقع تنظيم انتخابات المجالس البلديّة التي كان من المفترض أن تجري في ماي 2023، دون ضبط تاريخ لإجرائها ودون ذكر أسباب ذلك في حين تقع دعوة النّاخبين لانتخابات المجالس المحليّة بعد أيّام دون أن يكون لها قانون أساسيّ ينظّمها ويبيّن للنّاخبين والمترشّحين دورها وطريقة تمويلها ومقرّاتها إضافة إلى علاقتها بالمجالس البلديّة.
وفي هذا الجانب نبّه إلى أنّ تركيز مجلسيْن منتخبيْن يمثّلان السّلطة المحليّة على نفس الرّقع التّرابيّة، سيخلق تنازعا حول الصّلاحيات ممّا يحدّ من نجاعتها في القيام بدورها.
كما أكد الإئتلاف في بيانه أيضا، أن المراسيم التي صدرت أثناء حالة الاستثناء، ومنها المرسوم عدد 54 لم يعد لها، في غياب مصادقة مجلس نواب الشعب عليها، أي مكان في المنظومة الدستورية التونسية الجديدة خاصة بعد إنهاء العمل بدستور 2014 وبالفصل 80 منه والذي استندت إليه كل هذه التدابير الاستثنائية.
و في هذا الجانب أهاب بالقضاء التونسي للاضطلاع بدوره الدستوري في التكفل بحماية الحقوق والحريات وضمان علوية الدستور وتعليق العمل بالمراسيم إلى حين البت في وضعيتها في مجلس النواب وأمام الحكمة الدستورية بعد تركيزها.
وحول مسؤوليّة تحديد موعد الانتخابات الرّئاسيّة القادمة، في ظلّ خلوّ باب الأحكام الانتقاليّة في دستور 2022 ، أكد أنها تعود إلى مجلس نواب الشعب عبر مصادقته على قانون أساسيّ يضبط تاريخ هذه الانتخابات بعد استشارة هيئة الانتخابات.
وأوضح أنه على مجلس النّواب تجديد شرعيّة بقيّة المؤسّسات ومشروعيّتها على ضوء دستور 2022 من خلال المصادقة على قانون المحكمة الدّستوريّة و قانون أساسي يتعلّق بتنظيم المجالس القضائيّة وضبط اختصاصاتها وكذلك على قانون أساسي يتعلّق بتركيبة وتنظيم الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات إضافة إلى المصادقة على قانون أساسي لانتخاب المجلس الوطني للجهات والأقاليم والمجالس البلديّة والجهويّة ومجالس الأقاليم.
وفي هذا الإطار طالب إئتلاف صمود بالتّسريع في هذه الخطوات وتحديد تاريخ بقيّة المحطّات الانتخابيّة لتمكين الفاعلين السّياسيين من الاستعداد للانتخابات.
من جهة أخرى، عبّر ائتلاف صمود عن تنامي قلقه إزاء مواصلة “السّلطة المباشرة فرض سياسة الأمر الواقع باعتماد الصّمت كسياسة ممنهجة، لعدم القيام بدورها في تنفيذ الإجراءات الدستوريّة والقانونيّة الضّروريّة ولتمرير مشروع البناء القاعدي دون الإفصاح عن ذلك، محاولة في هذا السياق تصفية الأجسام الوسيطة من هيئات مستقلّة ووسائل إعلام وأحزاب ومنظّمات، والهيمنة على السّلطة التّشريعيّة والسّلطة القضائيّة”.
ووصف هذا المنحى ب”الخطير”، الذي لا يخدم المصلحة العليا للوطن وسينتج عنه مزيد تعميق الأزمة السّياسيّة والاقتصاديّة .
يذكر أنّ ائتلاف صمود نظّم يوم 20 جوان الماضي ندوة وطنيّة تحت عنوان “أيّ تاريخ لموعد الانتخابات الرّئاسيّة القادمة ” أثثها مجموعة من الأساتذة والخبراء تمّ خلالها طرح مجموعة من التّساؤلات وتقديم مجموعة من المعطيات حول موضوعها، بمقاربات متكاملة شملت الجوانب الفكريّة والقانونيّة والاقتصاديّة والسّياسيٌة إضافة إلى الأزمة التي تعيشها تونس.