يواصل متطوعو منظمة الهلال الأحمر التونسي عملهم الإنساني المتمثل في إغاثة المهاجرين وتقديم الإعاشة والإسعافات والرعاية الصحية والنفسية للمهاجرين العالقين بمنطقة باب الجبلي.
في المقابل عبرت عديد الأطراف ولا سيما أصحاب المؤسسات والمحلات الموجودة في جوار المنطقة وممثلين عن مكونات المجتمع المدني عن خشيتهم من تفاقم الوضعية الحرجة أكثر فأكثر جراء انعدام الظروف الصحية .
وشدّد عدد من أصحاب المحلات التجارية ومحلات بيع المواد الطبية وشبه الطبية ومُسدى الخدمات في تصريحات أدلوا بها اليوم الخميس لمكتب (وات) بصفاقس عن انزعاجهم من الروائح الكريهة المنبعثة من كامل أرجاء المكان بسبب قضاء المهاجرين لحوائجهم البشرية في نفس المكان الذي يأويهم وهو ساحة « رباط المدينة »، وتذمرهم من عزوف الحرفاء عن ارتياد محلاتهم منذ استقر المهاجرون في جوار هذه المنطقة ذات النشاط الاقتصادي والمهني المكثف.
كما أكد البعض الآخر عن الخشيته من انتشار العدوى في ظل بروز عديد الأمراض المعدية التي أكدت وجودها الجهات الطبية ومسعفو الهلال الأحمر التونسي خلال إسدائهم للإسعافات الطبية المستوجبة لعدد من المهاجرين الذين يضمون في صفوفهم أطفالا ونساء وحوامل إضافة إلى الشباب الذين يعدون الفئة الأكثر عددا.
وحول سؤال يتعلق بالوضعية الصحية المتردية نتيجة عدم توفر دورات مياه والتجاء المهاجرين لقضاء حاجاتهم البشرية في الساحة التي يباتون فيها وفي الفضاء المجاور المعروف باسم « المقسم أ 23″، أفاد المعتمد الأول بأنه « لمجابهة هذا المشكل تتدخل فرق النظافة لبلدية صفاقس في 3 أوقات لرفع الفضلات مع تدخل لمصالح التطهير التي تقوم بعملية التعقيم ».
ويشكك عدد من أصحاب المحلات في جدوى عملية التعقيم أمام الروائح الكريهة التي لا تزال تنبعث من المكان مطالبين السلط الجهوية بإيجاد الحلول العاجلة لهذه الوضعية الصحية والبيئية والإنسانية الشائكة بما يضمن حفظ كرامة المهاجرين وعدم المساس من حقوق ومصالح أصحاب المحلات المختلفة، بحسب تعبير صاحبة محل لبيع المواد الطبية وشبه الطبية.
من جهته قال المدير الجهوي للصحة بصفاقس الدكتور حاتم الشريف في رده على سؤال وكالة تونس افريقيا للانباء بشأن حقيقة وجود أمراض الجرب والسل وما قامت به السلط الصحية إزاء هذا الوضع، إن « الوضعية من الناحية الصحية مسيطر عليها ولا تمثل خطرا على الصحة العامة إلى حد الآن ».
وأوضح قائلا : « كل مريض من المهاجرين يتوجه إلى قسم الاستعجالي بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة يقع التكفل به طبيا كما يقع إيواء كل من يحمل مرضا من الأمراض المعدية بقسم الأمراض السارية أو قسم الصدرية ». وتقيم حاليا بحسب نفس المصدر حالة وحيدة بقسم الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر بعد أن كان عدد الوضعيات التي استوجبت الإيواء 5 حيث تحسنت 4 وضعيات منها ولم تعد معدية ولكنها تبقى محل متابعة بمركز فرحات حشاد لمتابعة مرض السلّ.
وحول حالات الإصابة بالجرب في صفوف المهاجرين التي تمت إثارتها، أكد الدكتور حاتم الشريف أن الجهات الصحية بصدد النظر في صيغة استقبالهم ومعاينتهم وفحصهم والتنسيق مع الجهات الطبية والسلط الجهوية والمركزية للنظر في إمكانية العلاج أو الإيواء إذا تطلب الأمر.
وأشار إلى أنه « على المستوى الصحي، فان المكان غير ملائم للقيام بالعمل الطبي ولكن يمكن استقبال المهاجرين غبر النظاميين هم في المؤسسات الاستشفائية أو النظر في تهيئة فضاء للغرض مع الجهات المسؤولة ».
على صعيد آخر يتعلق بالإعاشة، لا تزال فرق المتطوعين للهلال الأحمر التونسي تنتظر منذ يوم أمس الأربعاء قرار المنظمة الدولية للهجرة التمديد في فترة تقديم مساعدات الإعاشة لفائدة المهاجرين العالقين بمنطقة باب الجبلي بصفاقس بعد أن انقضت الفترة الأولى الممتدة من 8 إلى 11 جويلية الجاري.
وقد وفرت منظمة الهجرة الدولية خلال هذه الفترة 3 آلاف لمجة يوميا (بمعدل ثلاث مرات في اليوم) لنحو 1000 مهاجر تتولى فرق المتطوعين للهلال الأحمر التونسي توزيعها على مستحقيها إلى جانب ألف قارورة ماء من منظمة « تونس أرض اللجوء ».
واكتفت الفرق الموجودة على عين المكان بين أمس الأربعاء واليوم الخميس بتوزيع ما جاد به بعض المواطنين ومن المتطوعين من مساعدات غذائية بالإضافة إلى قوارير ماء الشرب والحفاظات الصحية للأطفال والرضع.