يشارك رئيس الجمهورية قيس سعيّد، غدا الأحد بالعاصمة الإيطالية روما، في أشغال مؤتمر دولي يناقش مسألة “الهجرة والتنمية”، إلى جانب قادة دول ومسؤولين سامين بدول أوروبية وافريقية ومن الخليج العربي ومن الاتحاد الأوروبي.
وينعقد المؤتمر، الذي كان اقتراح تنظيمه بمبادرة من رئيس الجمهورية، في وقت أضحت فيه عمليات الهجرة غير النظامية، وخاصة تلك التي تنطلق من دول جنوب الصحراء نحو أوروبا عبر تونس ودول شمال إفريقيا، مصدر قلق متزايد من قبل دول المتوسط بضفتيه الشمالية والجنوبية، من بينهم تونس.
وتشهد تونس تصاعدا غير مسبوق في وتيرة تدفق المهاجرين غير النظاميين من دول افريقيا جنوب الصحراء، في الوقت الذي تعيش فيه صعوبات اقتصادية، وتشكل فيه هذه التدفقات تهديدا لأمنها القومي، ما دفعها الى مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ اجراءات حاسمة للحد من هذه الظاهرة.
فقد كشفت إحصائيات للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن عدد المجتازين الذين تم منع اجتيازهم انطلاقا من تونس (جنسيات تونسية وغير تونسية) منذ بداية السنة والى حدود 30 جوان 2023 بلغ 32792 مهاجرا.
وتقوم المقاربة التونسية لمكافحة الهجرة غير النظامية للتونسيين ولغير التونسيين، على معالجتها بشكل شامل يضمن تحقيق التنمية بدول المنشأ، عبر دعم اقتصادياتها وخلق فرص عمل للشباب ومحاربة عصابات الاتجار بالبشر.
فقد عبّر رئيس الجمهورية قيس سعيّد في عديد المناسبات، عن رفضه توطين المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء في تونس، التي قال إنها “لن تكون حارسا لحدود دول أخرى”، وأن حل مشكلة الهجرة غير النظامية “لن يكون على حساب تونس”.
كما أكد رئيس الدولة أن “الحل لا يمكن أن يكون إلا إنسانيا وجماعيا، وأن تونس تحفظ حقوق المهاجرين ولن تترك من يعتدى عليهم، ولا تقبل بأن يعامل أي شخص معاملة غير إنسانية، ولكن عليهم في المقابل أن يمتثلوا لقانون الدولة”.
وفي هذا الاطار، تم التوقيع الأحد الماضي في قصر قرطاج، على مذكرة تفاهم لإرساء “شراكة استراتيجية وشاملة” بين تونس والاتحاد الأوروبي، في مجالات التنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة ومكافحة الهجرة غير النظامية، بحضور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة مجلس الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والوزير الأول الهولندي مارك روته.
ويسعى المؤتمرالدولي، الذي سيجمع بين دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط ومجلس التعاون الخليجي، إلى حشد كل الجهود الرامية الى معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية، والاستماع إلى مختلف المشاغل والاحتياجات، وجذب التمويلات لخلق المشاريع، وفق ما أكدته رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني في تصريحات إعلامية.
وأقرت ميلوني، بأن المقاربة الأمنية تجاه الهجرة “غير كافية”، مؤكدة ضرورة بذل مزيد من الجهد في اتجاه مجابهة “أزمة الهجرة في المتوسط بشكل شامل ومندمج”، عبر تعزيز العمل المشترك بشأن العوامل السياسية والاقتصادية والمناخية التي تؤدي الى الهجرة، وبالتالي مكافحة الاتجار بالبشر.
كما أوضحت في بلاغ نشرته على موقعها الرسمي بالانترنات، أن أهداف المؤتمر الدولي لا تنحصر في معالجة الأسباب الكامنة وراء تدفقات الهجرة غير النظامية، لإحباط الأنشطة الإجرامية للمتاجرين بالبشر، بل تتمثل كذلك في إطلاق “خارطة طريق دولية” تتضمن اجراءات ملموسة لدفع التنمية الاقتصادية في منطقة البحر الأبيض المتوسط وافريقيا.