مع درر من الإنشاد الصوفي للحضرة الأصيلة، والتراث الشعبي واللوحات الاستعراضية المستوحاة من المخزون الثقافي التونسي الأصيل، والنوبات التي كانت تقام في الزوايا بولاية صفاقس، عاش جمهور صفاقس، مساء الأحد، أحلى الأوقات وأمتعها مع العرض الفرجوي “زوار الحضرة والنوبة” بقيادة مرشد بوليلة، وذلك ضمن الدورة 43 لمهرجان صفاقس الدولي.
“زوار الحضرة والنوبة” … هذا العرض الفرجوي الذي تميز بإخراج ركحي متناغم مع الفن الصوفي الروحاني، وأزياء تقليدية أصيلة خاصة بالطرق الصوفية بجهة صفاقس، وجمع بين البساطة والجمالية والأصالة بعيدا عن التكلف، أخذ الجمهور الذي سجل حضوره بعدد محترم، في رحلة فنية دامت أكثر من ساعتين من الزمن، عادت بذاكرتهم الى الموروث الثقافي التونسي الأصيل والإنشاد الصوفي والحضرة والنوبات
الصفاقسية التي كانت تقام خلال الزيارات بمختلف زواياها ومقامات أوليائها الصالحين.
بعرض الفداوي للحكواتي، لزهر البوعزيزي، وبالمدائح وآيات من ذكر الله الحكيم، ووسط أنوار الشموع، والبخور الذي عبقت رائحته في كل أرجاء مسرح الهواء الطلق سيدي منصور، والزغاريد التي تعالي أصواتها، انطلق عرض “زوار الحضرة والنوبة ” بقيادة “مرشد بوليلة”، رفقة فرقته التي تعد أكثر من 30 عنصرا
،ليطرب الجمهور الحاضر من مختلف الأجناس والأعمار بمختارات فنية روحانية، حضرت فيها “السناجق” و”التخميرة” وحضر فيها أيضا اسم النادي الرياضيي الصفاقسي، في هذا العمل الموسيقي، وذلك على وقع آلات الزكرة والبندير والدربوكة والبيانو وغيرها.
وبأسماء الأولياء الصالحين بجهة صفاقس على غرار “سيدي بوعكازين” و”سيدي عامر” و”سيدي منصور” و”سيدي بوجربوع ” و”سيدي الجبنياني” و”سيدي عبد القادر ” وعلى أنغام ذكرهم، تغنت عناصر فرقة “مرشد بوليلة” بنوبات راقصة كان أبرزها نوبة “سيدي بوعلي” و”سيدي عامر” و” بن عربية”، و” كراي وعالم”، و”صيد عقارب” … وغيرها، تفاعل معها الجمهور بشكل كبير ورقصوا على إيقاعاتها من بداية العرض حتى نهايته، إلى حد التخميرة.
ولم يقتصر عرض “زوار الحضرة والنوبة” على تقديم توليفة من نوبات الحضرة الصفاقسية، بل أمتع الجمهور الحاضر الذي أبى مغادرة المسرح حتى نهاية العرض، بمختارات من نوبات الحضرة التونسية على غرار “نغارة” المستوحاة من التراث الموسيقي لبنزرت، الى جانب لوحات استعراضية مستوحاة من الفولكلور التونسي، وتوليفة مستوحاة من الفولكلور الصفاقسي.
وقد نجح نجم الحضرة والنوبة الصفاقسية، إبن الجهة، مرشد بوليلة، من خلال هذا العرض الفرجوي “زوار الحضرة والنوبة”، في استقطاب جمهور لافت من أهالي صفاقس الذين “تبقى الحضرة الصفاقسية ساكنة في وجدانهم وتثير لديهم رغبة في الرقص إلى حد التخميرة لا تقاوم “، وفق ما عاينته صحفية /وات/، ولم يكتفي الحاضرون بالتصفيق والهتاف والرقص بل التقطوا عدة صور لتخليد ذكرى العرض.
وقد أعرب عدد من الجمهور الحاضر في تصريحات متطابقة لـ /وات/ عن “مشاعر الانتشاء، والانتماء التي يشعرون بها عند حضور ومتابعة عرض الحضرة الصفاقسية، وهو ما نجح في تقديمه الشيخ مرشد بوليلة ومجموعته، حيث عاد بهم إلى أصولهم وجذورهم”، وفق تعبيرهم.
من جهته أعرب مرشد بوليلة، عن فخره واعتزازه بالحضور الجماهيري النوعي والمميز الذي حظي به عرض “زوار الحضرة والنوبة”، مشيرا إلى أنه يسعى من خلاله إلى خدمة التراث الصوفي والعناية بالمخزون الثقافي التونسي الأصيل من خلال إحياء عديد النوبات التي كانت تقام في مختلف الزوايا بولاية صفاقس والعمل على نشره والتعريف به إنشادا ولحنا وطبوعا برؤية جديدة تواكب العصر وتستجيب لرغبة الجمهور مع مراعاة جانب المتعة الفنية والفرجة بإخراج ركحي متميز وأزياء تقليدية أصيلة خاصة بالطرق الصوفية بالجهة.
وأكد أنه يعمل على تطوير هذا العرض الفرجوي المحلي الذي يحاكي ويحفر في موروث الفن الشعبي الصفاقسي.
وجدير بالذكر أن عرض زوار الحضرة والنوبة بقيادة مرشد بوليلة تحصل على عديد الجوائز من مصر والمغرب ويضم هذا العمل مجموعة من خيرة العازفين المحترفين بجهة صفاقس.