مغنّ وممثل وملحن وراقص أيضا، تلك هي الصفات التي اكتشفها جمهور الدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي في مغني الراب مروان الجبالي وشهرته الفنية “نوردو”، فأقبل بأعداد غفيرة، الليلة الماضية (26 جويلية) على المسرح الروماني بقرطاج، لمتابعة عرض هذا المغني الشاب الذي سرعان ما سطع نجمه ليصبح واحدا من أكثر مغني الراب إنتاجا في تونس حيث أثبت في كل مرة أنه فنان متعدد المواهب، ويحتل المراتب الأولى مع كل أغنية جديدة يطلقها مثل “الأيام” وغيرها من الأغاني التي تحظى بمتابعة مكثّفة على اليوتيوب.
دام العرض حواليْ ساعتيْن، وتضمن من مجموعة من الأغاني الخاصة بهذا الفنان الشاب الصاعد الذي اشتهر بأدائه الغنائي المتميّز، ولم يتوقف عند أسلوب موسيقي واحد، بل واظب على تطوير أدائه الغنائي وتنويعه، وهي أغان تصنّف ضمن نمط الأفروبوب (الموسيقى الشعبية الافريقية). ووظف نوردو طاقاته الصوتية والموسيقية، فقدّم عملا فنيا يجمع بين الموسيقى والغناء والكوريغرافيا، توفّرت فيه جميع مقوّمات العرض المتكامل أبرزها العناصر السينوغرافية. وصاحبته في هذا العمل مجموعة موسيقية تضمُ عازفين على الكمنجة والقيتار والباص والباتري إلى جانب آلات إيقاعية، بالإضافة إلى مجموعة من الراقصين عبّروا من خلال لوحاتهم الكوريغرافية عن مضمون الأغاني التي تنتصر للقيم الإنسانية الكونية السامية كالحرية والعدالة. وأضفى نوردو على العرض مؤثرات بصريّة وجمالية بدت متناسقة مع الموسيقى المقدّمة. وأدّى رفقة جمهوره “عربوش” التي استهل بها الحفل واختتمه بها، إلى جانب باقة مختارة من أغانيه التي لاقت صدى جماهيريا واسعا على الأنترنت منها بالخصوص “غريبة” و”أنا والليل” و”في الامان” ودارو بينا” و”ليّام” و”وحش كلاني” و””عينيّا” و”الأصحاب” و”يا دنيا”. وبلغ إيقاع العرض ذروته مع أغاني “لا ماما” و”شوك العديان” و”عايش ليلي”.
وواصل نوردو حفله بالحماس نفسه من بداية العرض إلى نهايته، منتشيا بالنجاح الجماهيري منقطع النظير في أوّل اختبار له على ركح المسرح الروماني بقرطاج. وهو جمهور لم يهدأ له بال على مدى العرض وظلّ يردّد جميع الأغاني دون استثناء بصوت قويّ وحماسيّ، فلعب وظيفة الكورال. وعلّق نوردو على حفله في مهرجان قرطاج الدولي، خلال الندوة الصحفية التي تلت العرض مباشرة، بالقول إن هذا الصعود على ركح المسرح الروماني بقرطاج لا يعني أن حلمه قد تحقق وانتهى، “بل يظلّ الحلم مستمرّا لاعتلاء هذا الركح ومصافحة الجمهور بأغانٍ أكثر نجاحا”. وقال أيضا إنه توقّع حضورا جماهيريا كبيرا للعرض لكن ليس إلى حدّ امتلاء جميع المقاعد واكتظاظ المدرّجات بذلك الشكل.
وبخصوص العطب الفني الذي كان طرأ على مستوى الصوت وجهاز المايكرفون خلال العرض، نفى نوردو في ختام الندوة الصحفية أيّ صلة لمهرجان قرطاج الدولي بذلك، وقال إن مسؤولية العطب محمولة على عاتق الفريق التقني المرافق له. وجدير بالذكير أن تجربة المغني نوردو انطلقت سنة 2006 مع المجموعة التي حمل اسمها لاحقا. ورغم حلّ المجموعة ظل نوردو متمسكا بأحلامه الفنيّة. وفي سنة 2010 أدّى مع فنان الراب بلطي أغنية “زوفري” التي تعرضت إلى القرصنة، ورغم ذلك واصل مشواره وقد تعددت تجاربه وتنوعت. وكانت 2020 سنة فارقة في مسيرته، حيث حقّق نجاحا باهرا على الساحة الفنية بفضل أغنيته “يا دنيا” التي حصدت أكثر من 105 مليون مشاهدة و”عربوش” التي شاهدها 187 مليون شخص على يوتيوب.