أمام حضور جماهيري كبير غصت به مدارج مسرح الهواء الطلق ببنزرت، قدم الفنان سامي اللجمي ومجموعته المتألفة من 116 عنصرا، العرض الفني الموسيقي الفرجوي “الزيارة2” في سهرة حققت نجاحا فنيا وجماهيريا على غرار كل عروض “الزيارة” التي استضافها المهرجان سنويا للسنة الثامنة على التوالي في مدينة الجلاء.
“الزيارة” التي بلغت هذا العام عامها العاشر على انطلاق أول عروضها (سنة 2013) لم يخفت بريقها، ولم يملها عشاق الموسيقى الصوفية والروحانيات، فقد تسابق جمهور الدورة 40 لمهرجان بنزرت الدولي، على اقتناء تذاكر العرض وعلى حجز أماكنهم في فضاء مسرح الهواء الطلق “عبد الحفيظ بن عيسى” استعدادا لعرض مميز ولمتعة مؤكدة وفق ما بينه لوات عدد من الحاضرين ممن قدموا من تونس العاصمة حيث فاتهم حضور الزيارة في مهرجان قرطاج الدولي منذ يومين ففضلوا عدم تفويت فرصة مشاهدته في بنزرت.
والمتابع لعروض الزيارة في مختلف جهات الجمهورية يدرك جيدا أن لهذا العرض في مدينة الجلاء طابعا مميزا، لعل سره يكمن في التفاعل الجماهيري الكبير والتناغم مع فريق “الزيارة” نتيجة حضور عديد الأغاني من التراث الموسيقي لبنزرت، على غرار “يا لللا جيتك بدخيل” التي تعد من أبرز وأنجح الأغاني المميزة للعرض والتي ساهم سامي اللجمي في التعريف بها من خلال هذا العمل، فأصبحت من أبرز الأغاني التي يرددها الفنانون والفرق الموسيقية في عديد المهرجانات وكذلك في الأفراح والمناسبات.
فريق الزيارة كان وفيا لجمهوره واستجاب لانتظاراته، فقد شهد العرض الذي امتد على نحو ساعتين من الزمن، نسقا تصاعديا، حضرت فيه المدائح والأذكار والأناشيد الدينية، والتغني بخصال النبي الكريم وبكرامات الأولياء الصالحين، وراوح فيه سامي اللجمي بين الأغاني الفردية والجماعية لفريقه، مع لوحات فنية بصرية مميزة، حيث طغت السينواغرافيا على هذا العرض الفني الفرجوي بامتياز وشدت الحاضرين، إذ رحلت بهم في ذكريات مشحونة بالحنين إلى أجواء الأعراس وغيرها من المناسبات والأفراح فحضر “الساقي” وموزع العطور ب”المرش”على الحاضرين، وعبقت رائحة البخور في أرجاء الفضاء، فعلت زغاريد الحاضرات وأصوات الحاضرين وهم يرددون الأغاني مع فريق “الزيارة” في أجواء عرس فني بامتياز.
عرس لا فقط على مستوى أجواء الرقص والغناء بل كذلك هو عرس فني على مستوى تنوع الأنماط الموسيقية، حيث أبدع سامي اللجمي قائد المجموعة في توزيع الموسيقى التي تنوعت أنماطها فحضرت الموسيقى الصوفية والجاز وحتى الفلامنكو في مزيج رائع زادته روعة الخامات الصوتية المميزة لعديد الفنانين منهم منير الطرودي في أغنية “راكب عالحمراء” وروضة عبد الله التي انضمت هذا العام لأول مرة لفريق الزيارة بإطلالتها المميزة وتقديمها لأغنية “ع الباب دارك”، فضلا عن عدة أصوات أخرى مميزة على غرار الهادي الملياني وسليم بن ضو وإبراهيم الرياحي وأحمد العزري وغيرهم من الأصوات المميزة أيضا ضمن الكورال.
وعن اختيار روضة عبد الله، قال سامي اللجمي في تصريح لوات بعد العرض إنه في إطار الاشتغال على تجديد العرض قرر إضافة أغنية “ع الباب دارك” وبعد بحث مطول وتجارب متعددة اختار أن تكون الإضافة بصوت نسائي وتم الاتفاق مع الفنانة روضة عبد الله لتقدم الأغنية. وعن المساحة الزمنية القصيرة والإطلالة الخاطفة للفنانة، بين مايسترو “الزيارة” أن إضافة صوت نسائي في عرض رجالي بامتياز ليس بالأمر اليسير، لافتا إلى أن التجربة لا تزال في بدايتها، وقد تتطور أكثر مستقبلا خاصة وأن روضة تتمتع بإمكانيات صوتية هائلة.
وبين في ندوة صحفية تلت العرض أن سر استمرارية نجاح الزيارة منذ عشر سنوات يكمن في المثابرة والجدية في العمل، وأكد أنه ليس في منافسة مع أي كان من العروض الموسيقية الأخرى. ونفى أن يكون خروج بعض الأصوات من فريق الزيارة سابقا، على غرار مهدي العياشي ومحمد علي شبيل لمواصلة مسيرتهم الفنية الخاصة، حائلا دون استمرار نجاح العرض مؤكدا أن فريق “الزيارة” هو بمثابة “منتخب وطني للأصوات” فهو حاضنة كبيرة للأصوات المميزة، وخزان لن ينضب معينه مادام الانضباط والعمل الجدي هو الأساس.
ومن جانبها أعربت روضة عبد الله في تصريح لوات عن سعادتها بالانضمام الى فريق الزيارة وبثقة سامي اللجمي بها، واختيار صوتها ليكون الصوت النسائي الوحيد ضمن الأصوات الرجالية لهذا العمل الذي يحظى بنجاح فني وجماهيري، معربة عن سعادتها بردود الفعل الإيجابية لجمهور مهرجاني قرطاج وبنزرت.
وبخصوص بقية عروضها الخاصة، بينت أنها ستحيي سهرات بكل من القلعة الكبرى يوم 17 أوت، وفي اختتام مهرجان سوسة الدولي يوم 19 أوت وفي اختتام مهرجان قابس الدولي يوم 22 أوت المقبل.
أما جمهور مهرجان بنزرت الدولي الذي تقام دورته الأربعون من 19 جويلية إلى 15 أوت 2023 فسيكون على موعد في سهرة 30 جويلية مع عرض المايسترو للفنان الكوميدي بسام الحمراوي، ويوم 31 جويلية مع الفن الشعبي في سهرة مشتركة يحييها الفنانان سمير الوصيف وفوزي بن قمرة.