تبقى معضلة النفايات في تونس من أبرز الإشكاليات التي تؤرق المواطن وتتطلب تدخلا عاجلا من قبل المسؤولين لإيجاد حل لها، وفق ما أكده التقرير السداسي للعدالة البيئية جوان 2023، الصادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مؤخرا.
وتصنف جلّ استطلاعات الرأي هذه الأزمة ضمن الأولويات القصوى وفق التقرير الذي ذكر أن مشكلة النفايات برزت خاصة من خلال عديد التحركات الاحتجاجية في العديد من المناطق والتي بلغت أوجها في جزيرة جربة وبرج شاكير ومنطقة عقارب وغيرها.
وأضاف، في السياق ذاته، أن هذه الحركات الاحتجاجية تحولت تدريجيا إلى حركات اجتماعية مستمرة تمارس الضغط على السلطات المعنية من أجل إيجاد حل لتفاقم مشكل النفايات وتدهور الوسط البيئي في المناطق التي تتكدس فيها الفضلات الحضرية.
واعتبر التقرير ان أزمة النفايات في صفاقس “أين تتكدس أياما وأسابيع أمام البيوت دون رفعها من طرف مصالح البلدية، تجاوزت السنة ونصف و لم تتمخض بعد عن حلول دائمة وناجعة”، تعد مرآة تعكس عجز السلطة عن الإدارة السليمة للنفايات”.
وانتقد التقرير من خلال مقال بعنوان “معالجة أزمة النفايات في تونس بين تضارب المصالح وشلل إرادة الدولة”، تعاطي السلطة مع هذا الملف مضيفا ان هذه الاخيرة تقدم الوعود الزائفة لتهدئة الأوضاع وحلولا مغلوطة تعكس تواصل نفس الخيارات الفاشلة في التصرف في النفايات.
كما انتقد المنتدى، طريقة التخلص من النفايات بالاعتماد على تقنيات الردم التي تضر بالبيئة وصحة المواطنين.
واعتبر أن طريقة الردم التي لها تأثير سلبي على المياه الجوفية وكذلك على التلوث الهوائي تعد “جريمة في حق البيئة حيث يضطر السكان إلى تنفس هواء ملوث وشرب مياه ملوثة وهو تعدّ واضح على حقهم في الحياة.”
وتابع، في هذا الشأن بالقول: “خيارات السلطة تستند على رؤية تقوم على نقل التلوث من مكان إلى مكان وتركيز المصبات بالقرب من الفئات الاجتماعية التي لا تملك الإمكانيات السياسية والمالية للدفاع عن حقها البيئي”.
ولفت التقرير الى أنه أمام استمرار أزمة التصرف في النفايات يتأكد تضارب مصالح مختلف الأطراف.
فالشركات الخاصة التي تشرف على تسيير المصبات المراقبة وشبه المراقبة تضغط بقوة من أجل التمسك بخيار الردم وتأجيل عملية الانتقال نحو تثمين النفايات لأنها تحقق أرباحا ضخمة مرتبطة بنقل كل النفايات دون فرز”.
ملاحظا ان “مصلحة هذه الشركات تقوم على جلب أكبر كمية من النفايات إلى المصبات لأن دخلها مرتبط بوزن النفايات”.
وخلص التقرير إلى القول بأن تضارب المصالح وتناقض الرؤى بين مختلف الأطراف المتدخلة في إدارة النفايات يجعل من المسألة البيئية محور صراع يتطور تدريجيا نحو المواجهة ويمكن أن يعمق الأزمة الحالية المتعددة الأبعاد باعتبار أن السلطة الحالية مطالبة باتخاذ موقف حاسم في هذه المسألة يتناغم مع الشعارات التي ترفعها والتي محورها مقاومة الفساد وتحقيق إرادة الشعب والانتصار لضحايا السياسات والخيارات الفاسدة.
يذكر أن البلاد التونسية تنتج حوالي 2ر2 مليون طن من النفايات حسب أرقام الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، بمعدل إنتاج فردي أكثرمن 815ر0 كلغ في اليوم في الوسط الحضري وحوالي 250ر0 كلغ في الوسط الريفي. وتتكون أساسا من المواد العضوية بنسبة 5ر63 بالمائة.
وتساهم البلديات في كلفة التصرف في النفايات بحوالي 40 بالمائة مع العلم أن الطن الواحد من النفايات تبلغ كلفته بين 65 و85 دينار في مرحلة الجمع وحوالي 20 دينار في مرحلة التحويل والردم في المصبات.
وتبلغ نسبة الجمع حوالي 80 بالمائة في الاوساط الحضرية و10 بالمائة في الوسط الريفي.
وتتحكم الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات في 13 مصبا مراقبا منها 4 مغلقة وتبلغ طاقتها السنوية حوالي 8ر1 مليون طن وهناك 4 مصبات شبه مراقبة.