تنطلق صباح اليوم الجمعة، أشغال المؤتمر السادس للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والثامن والعشرون للمهنة، تحت شعار “الصحافة ليست جريمة: حقوق، حرية، وحدة نقابية”، في ظل تباين في المواقف بشأن مستقبل النقابة، وأبرز المشاغل التي يتحتم التركيز عليها في ظل التحديات العديدة التي يواجهها القطاع.
وقد ورد على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين 20 ترشحا لانتخابات المكتب التنفيذي، نصفهم من النساء والنصف الآخر من الرجال، تراوحت أعمار غالبيتهم بين 40 و50 سنة.
ورغم أن الاقتراع يكون على الأفراد، الا ان هذا المؤتمر شهد ترشح قائمتين تضمنت الأولى وهي “القائمة المهنية المستقلة” تسعة أسماء، فيما تضمنت الثانية وهي “قائمة الثبات” ستة أسماء، من بينها أعضاء المكتب التنفيذي الحالي، فيما خير البقية الترشح بصفة منفردة أو بصفة ثنائية.
وفي رصد لرأي عدد من النقابيين الصحفيين السابقين، بخصوص الترشحات وأهم التحديات الماثلة أمام المكتب القادم، أفاد عضو المكتب التنفيذي الأسبق يوسف الوسلاتي، بأن عدد الترشحات أقل بكثير مما شهدته المؤتمرات السابقة، حيث سيجد الصحفيون أنفسهم أمام ما يناهز القائمتين والنصف، ملاحظا أن السمة العامة للترشحات هو خلوها، وفق تقديره، من أية هيمنة لطرف سياسي.
وبخصوص أولويات المكتب الجديد، اعتبر الوسلاتي أن تنقيح القانون الأساسي للنقابه أصبح ضرورة ملحة، في ظل المتغيرات والتطورات التي يشهدها القطاع من الناحية التكنولوجية، بالإضافة إلى تراجع الصحافة المكتوبة لصالح الصحافة الالكترونية، وترجيح كفة الإعلام الخاص على حساب الإعلام العمومي.
وأوصى في هذا السياق، بضرورة إعادة مراجعة هوية الصحفي وتحديد قائمة في المواقع الالكترونية المحترفة التي تنتمي لمهنة الصحافة، بالإضافة إلى العناية بالقوانين الأساسية في الإعلام العمومي، ومراجعة الخط التحرير للمؤسسات الصحفية، في ظل انتقال مركز الثقل من الإعلام العمومي إلى الخاص الذي شهد استثمارا كبيرا في الآونة الأخيرة.
من جانبه، اعتبر عضو المكتب الحالي (لم يجدد ترشحه) والرئيس السابق الجمعية الوطنية للصحفيين الشبان عبد الرؤوف بالي، أن عدد الترشحات ليس بالهين باعتباره قد تجاوز ما يستوجبه تشكيل قائمتين، منوها بأن جل الترشحات من الشباب بما يبرهن، وفق تقديره، على أن الشباب لم يتخل عن العمل النقابي رغم الصعوبات التي يواجهها القطاع.
وبخصوص أهم المسائل التي يتوجب على المكتب الجديد التركيز عليها، صرح بالي بأنها تتمثل في تأسيس اتحاد للصحفيين التونسيين، نظرا إلى أن النقابة أصبحت عاجزة عن خدمة القطاع بالصبغة القانونية الحالية، حسب تقديره، لاسيما أنه تمت المصادقة على قانونه الأساسي وتسميته منذ سنوات.
أما عضو المكتب التنفيذي الأسبق زياد الهاني، فقد قال إن مشاغل القطاع متعددة والتعاطي معها يجب أن ينطلق من قاعدة صلبة وهي بعث اتحاد للصحفيين التونسيين، توكل إليه مهمة إصدار بطاقة الصحفي المحترف ويتحصل على تمويل عمومي لتسيير شؤونه.
وذكّر بأن فكرة الاتحاد طرحت قبل سنة 2011 ، وواجهت أنذاك معارضة من قبل النظام السابق، غير أن الرئيس المؤقت فؤاد المبزع كان قد استجاب إبان الثورة لمطلب الصحفيين ببعث اتحاد، وحث النقابة على تقديم مشروع قانون كان من المنتظر أن يصدر مع مرسوم المحاماة.
ويلاحظ أن أغلب البرامج الانتخابية قد تشابهت في محتواها، حيث عبر أغلب المترشحين الذين استقت (وات) آراءهم، عن اعتزامهم العمل على سحب المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، الذي تم بموجبه مقاضاة عدد من الصحفيين.
كما حظي المرسومان 115 و116 والاتفاقية الاطارية المشتركة للصحفيين، باهتمام أغلب المترشحين سواء صلب قائمات أو بصفة مستقلة، حيث عبروا عن التزامهم في صورة انتخابهم، بالعمل على تنقيح المرسومين، بما يضمن حماية أهل المهنة من الملاحقات القضائية. وتعهدوا بالسعي إلى نشر وتفعيل الاتفاقية الإطارية المشتركة التي بقيت تراوح مكانها منذ التوقيع عليها سنة 2019.
ومثلت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين بدورها، أحد أهم المحاور التي ركز عليها الصحفيون في برامجهم الانتخابية، على غرار اقترح إحداث صندوق اجتماعي لدعم الصحفيين أو إحداث برنامج اجتماعي صلب النقابة، مع التأكيد على ضرورة إيجاد حلول جذرية لوسائل الاعلام المصادرة أو المكتوبة، بما يحفظ كرامة الصحفيين ويحافظ على ديمومة هذه المؤسسات الاعلامية.
وعبر بعض المترشحين، عن رغبتهم في إنشاء اتحاد للصحفيين التونسيين خلفا للنقابة، حتى يصبح أكثر قدرة على الاستجابة لمشاغل الصحفيين، فيما عبر البعض الآخر عن رغبته في تنقيح القانون الأساسي للنقابة، بهدف فسح المجال لادماج المكلفين بالإعلام من خريجي معهد الصحافة وعلوم الاخبار صلب الهيكل النقابي بصفة عضو عامل.
وينطلق المؤتمر السادس للنقابة صباح اليوم الجمعة، حيث سيخصص اليوم الأول منه لاستقبال المؤتمرين من عموم الصحفيين، وإلقاء الكلمات الافتتاحية من قبل عدد من القيادات النقابية على رأسها النقيب الحالي محمد ياسين الجلاصي ونائب رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين ناصر أبو بكر والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي.
عقب ذلك، سيتم فسح المجال لإلقاء كلمات رؤساء عدد من الجمعيات والمنظمات والهياكل النقابية، وهي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين وجمعية القضاة التونسيين.
وسيتخلل اليوم الأول عرض فيديو تحسيسي حول الصحفي خليفة القاسمي، وآخر حول خطابات التحريض والكراهية ضد الصحفيين، ودقيقة صمت ترحما على الصحفيين والصحفيات الذين وافتهم المنية في الفترة السابقة، الى جانب تكريم رؤساء جمعية الصحفيين التونسيين والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
وتنطلق أشغال المؤتمر في منتصف النهار، بانتخاب مكتب رئاسة المؤتمر ولجنة صياغة اللائحة العامة ولجنة اللائحة المهنية ولجنة الإشراف على الانتخابات والفرز ولجنة الطعون والتثبت في الانخراطات، على أن يفسح المجال لاحقا لتلاوة التقريرين الأدبي والمالي ومناقشتهما والتَصويت عليهما، يليها تلاوة اللائحتين العَامة والمهنية ومناقشتهما والتَصويت عليهما، ليختتم اليوم الأول بتقديم المرشحين لعضوية المكتب التنفيذي.
أما غدا السبت وهو اليوم الثاني للمؤتمر، فستنطلق عملية التصويت لانتخاب المكتب التنفيذي الجديد في حدود الساعة التاسعة صباحا، على أن يتم إغلاق صناديق الاقتراع وبداية الفرز في حدود الساعة الخامسة مساء، والإعلان عن النتائج في حدود الساعة الثامنة ليلا.