قال عضو المجلس الوطني للجباية والمستشار الجبائي، محمد صالح العياري، إنّ مشروع قانون المالية 2024 تضمن اصلاح وتصويب منظومة الدعم مع عدم فرض أيّة ضرائب وأداءات جديدة على الشركات والمواطنين.
وفنّد العياري، خلال يوم دراسي حول مشروع قانون المالية لسنة 2024 انتظم، الأربعاء، بمجلس نواب الشعب، الأخبار والمعلومات الواردة بشأن مراجعة الدّعم، مبرزا أنّ المشروع الجديد تضمّن إجراءات تستهدف الترفيع في نسبة الإتاوة على بعض الأنشطة التجارية والاقتصادية التي تستعمل الموادّ المدعّمة.
وأوضح أنّ الهدف من هذه الإجراءات هو استرجاع جزء من نفقات الدعم باعتبار ان المنطلق كان على سبيل المثال استهلاك السياح الأجانب الوافدين على تونس، للمواد الأساسية المدعمة.
وبين فيما يهم الإتاوة الموظفة على الليالي المقاضاة في الوحدات السياحية، أنّ الترفيع فيها يهم السياح الأجانب، فقط، ولا تضمّن في فاتورة النزل.
في المقابل عبّر العياري، عن مآخذه في ما يخص توسيع إتاوة الدعم من 1 الى 3 بالمائة على المشروبات الغازية والمشروبات الكحولية والجعة.
ولفت الى أنّ الترفيع في إتاوة الدعم على المشروبات الغازية، قد يكون له تأثير في زيادة الأسعار مقترحا الإبقاء على هذه الإتاوة في حدود 1 بالمائة على صناعة المشروبات الغازية فحسب.
وتحدّث عن مجمل الإجراءات الواردة بمختلف فصول مشروع قانون المالية للعام القادم، والذي تضمن 55 فصلا، قائلا: إنها هامة وإيجابية لدعم تمويل المشاريع للفئات محدودة الدخل بمنح قروض دون فائض ودعم القطاع الفلاحي الذي عرف العديد من الصعوبات في السنوات الأخيرة.
واضاف في هذا الاطار، ان المشروع الجديد تضمن إجراءات تهم تشجيع صغار الفلاحين من خلال تنفيل نسب الفائدة على عاتق الدولة اما المؤسسات الصغرى والمتوسطة فقد تم وضع خطي تمويل بقيمة عشرين مليون دينار لكليهما.
وخصّص المتحدث حيّزا هاما من محاضرته امام أعضاء البرلمان، لتقديم عدة مقترحات لتحسين فصول مشروع القانون المودع بمجلس النواب.
واقترح في هذا الصدد، إقرار عفو جبائي في ظل الظرف الاقتصادي الذي تعرفه البلاد وخاصة لفائدة الشركات التي لديها ديون مثقلة لدى مصالح وزارة المالية متوقعا انه من الصعب استخلاصها.
وأوصى بإقرار عفو جبائي بخمس سنوات للشركات التي لها ديون مثقلة بقيمة 1 مليون دينار لافتا الى ان الدولة تستهدف بلوغ قيمة 44 مليار مداخيل جبائية خلال السنة القادمة.
كما اقترح توفير مداخيل جبائية إضافية لتمويل ميزانية الدولة من اجل تجنب اللجوء الى الاقتراض الخارجي قدر الإمكان.
ودعا العياري في سياق مواصلة اصلاح النظام التقديري وتحصيل العائدات المالية الهامة لفائدة ميزانية الدولة، اعتماد مبلغ جزافي للمنضوين في النظام التقديري (360 ألف حاليا) بقيمة الفي دينار مع ابقائهم في هذا النظام.
واردف بقوله إنه في حال تقدّم 200 ألف منخرط في النظام التقديري ودفع الفي دينار، فانه بإمكان الدولة تحصيل عائدات جبائية بقيمة 400 مليون دينار.
واوصى المتحدّث بالنسبة الى تخفيف الأعباء على الأشخاص الطبيعيين، بالتقليص من الضريبة المستوجبة على الدخل بداية من سنة 2024 ما سيتيح للأجير الترفيع في دخله الشهري ويساعده على مجابهة متطلبات الحياة.
وذكر ان وزيرة المالية كانت التزمت في المجلس الوطني للجباية، بان يتم اصلاح جدول الضريبة على الدخل بداية من سنة 2025.
وافاد أستاذ الاقتصاد بالمعهد العالي للدراسات الاقتصادية بقرطاج، عبد القادر بودريقة، من جانبه، ان تونس من الدول القلائل في العالم التي يحظى فيها قانون المالية بحيّز هام من النقاش والجدل من المواطنين والخبراء والسياسيين.
ولاحظ ان مشاريع قوانين المالية تعد تكملة للسياسات والتوجهات الاقتصادية لافتا الى ان هذه القوانين، يجب ان تبنى على أربعة محاور كبرى وهي التوازنات المالية والحفاظ على استقرار الأسعار والعدالة الاجتماعية والحفاظ على السلم الاجتماعية.
وشدّد بودريقة على وجوب ان تقدم قوانين المالية اجابة لهذه المحاور الكبرى وانعكاسها متسائلا في نفس الاتجاه عن غياب تقييم شامل لمجمل الإجراءات الواردة في قوانين المالية السابقة واجراء تدقيق في جدواها الاقتصادية.
ورأى ان الإجراءات الواردة في مشروع قانون المالية للسنة القادمة، على أهميتها، تعد غير كافية خاصة لدفع الاستثمار مستغربا تخصيص خط تمويل بقيمة 20 مليون دينار لدفع المؤسسات الصغرى والمتوسطة الذي اعتبره ضعيفا جدا ولم يعط رسائل قوية لحفز الاستثمار الخاص.
وبيّن ان من ضمن مآخذه على مشروع قانون المالية الجديد، غياب بارز للسياسة الاقتصادية محذّرا في الوقت ذاته، من خسارة بعض المنظومات الاقتصادية على غرار قطاع الجلود والاحذية والحليب.
وفي معرض حديثه عن الجدل الدائر في تونس على الأرباح الهائلة التي تسجلها بعض القطاعات ووجوب فرض أداءات ارفع عليها، أكد بودريقة، انه لا يمكن معاقبة القطاعات الناجحة بل وجب تصويب الاداءات مقترحا طرح الملف على طاولة النقاش الجدي.
وابرز عدد من النواب، خلال النقاش الذي جرى بالمناسبة، اهمية محاربة الاقتصاد الموازي وسنّ إجراءات هامة لإدماجه في دورة الاقتصاد الحقيقي.
وتركزت التساؤلات حول أسباب اعتماد سعر برميل النفط في مشروع الميزانية بقيمة 81 دولار والحال ان التوترات الجيوسياسية الحاصلة الان تشير الى إمكانية تسجيل ارتفاع هام في سعر برميل النفط في العام القادم مقترحا الترفيع الى 89 دولارا.
وأكدوا في مداخلاتهم ضرورة محاربة التهرب الضريبي الاخذ في التنامي في تونس موصين بمزيد تصويب الامتيازات الجبائية للشركات وتقييم هذه الامتيازات تجنبا لإهدار المال العام.