أجمع المتدخّلون في ندوة فكرية ثقافية نظّمها المنتدى التونسي للحقوق والحريات الاقتصادية والاجتماعية مساء اليوم الأربعاء بالعاصمة، على أن عملية “طوفان الأقصى” التي نفّذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من شهر أكتوبر الحالي هي من وسائل المقاومة المسلّحة المشروعة للشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه المحتلّة.
وأثّث هذه الندوة كلّ من الأساتذة فوزي البدوي (أستاذ الدراسات اليهودية بالجامعة التونسية) وحياة عمامو (مؤرخة ومديرة مخبر بحث حول تاريخ الاقتصاد والمجتمعات في العالم العربيّ) والدكتور عابد الزريعي من فلسطين. وحضر هذه الندوة الفكرية ناشطون في المجتمع المدني وحقوقيون.
واستهلّ الأستاذ فوزي البدوي سلسلة المداخلات بالحديث عن “الترانسفير في الفكر الصهيوني”، مؤكدا على أن التهجير الذي تم سنة 1948 كان نتيجة خطة مدبرة اشتغلت عليها القيادات الصهيونية لفترة طويلة ثم بدأت في تنفيذها، قائلا إن عملية تهجير الفلسطينيين سنة 1948 لم تكن عسكرية بل إن ما حدث آنذاك هو عملية تطهير عرقي للفلسطينيين نفذتها عصابات صهيونية مسلّحة وليست عمليات تهجير. وأضاف أن عملية التهجير أعقبتها عمليات استيطانية، بحسب الأرشيف الإسرائيلي.
وذكر في السياق ذاته أن في سنة 1977 أصبحت الصهيونية واليهودية مشروعا واحدا وأصبح المشروع يُعرف بالصهيونية الدينية بعد تأسيس مدرسة دينية في الجليل، مضيفا أن هذه المدرسة أفرزت صحوة دينية والتي حوّلت الصراع بعد ذلك مع فلسطين إلى صراع ديني ومن أبرز رواد المدرسة “ماير كاهان” الذي أسس “حركة كاخ” والذي كان يدعو صراحة إلى التهجير أو التطهير.
واعتبر أن ما يحدث في قطاع غزة اليوم من عدوان صهيوني غير مسبوق يعكس خطّة إسرائيل في حسم السيطرة على القطاع وضمّه إلى الأراضي المحتلّة تطبيقا لما يعتقده الصهاينة بـ “مفهوم الأرض المقدسة”. وأكد الأستاذ فوزي البدوي على ضرورة
التفريق دوما بين اليهودية والصهيونية فاليهودية هي ديانة نحترمها ونتعايش معها مثل المسيحية.
من جهتها، استعرضت الأستاذة حياة عمامو في مداخلتها مسألة التضليل في سردية تأسيس الكيان الصهيوني، قائلة إنها تعتمد على المغالطة والروايات الصادرة عن كبار اليهود وهي روايات مصادرها ضعيفة ولا تحمل أدلّة حول حقهم في أرض فلسطين. وأشارت إلى أن اليهود عاشوا مشتّتين في العالم وأن “حلم الأرض الموعودة” ما هي إلا وسيلة للتضليل لتبرير لمّ شمل اليهود واحتلال فلسطين.
أما الدكتور عابد الزريعي فقد لاحظ أن عملية “طوفان الأقصى” هي حلقة من حلقات سلسلة النضال الفلسطيني وهي مرتبطة بما سبقها وما سيأتي بعدها من حلقات، قائلا: “هي معركة مشروعة تستمد مبدأها من ثلاث قضايا أهمها حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وعودة المهجّرين قسريا وتقريرالمصير”.
وأكد أن للشعب الفلسطيني الحق في الدفاع عن نفسه أمام استباحة دمه من الكيان الصهيوني وأن حقه ثابت في الدفاع عن نفسه وحماية قضيته من مسار التطبيع. كما اعتبر أن “طوفان الأقصى” كانت عملية اسباقية لعملية عسكرية كان يخطط لها العدو الإسرائيلي، وهي تُصنّف ضمن خانة معارك التحرر الوطني. ويعتقد الدكتور عابد الزريعي أن “طوفان الأقصى” هي عملية تأسيس التوازن العسكري الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني.
وكانت هذه الندوة الفكرية الثقافية التضامنية مع الشعب الفلسطيني افتتحت بمداخلة لرئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان الهذيلي الذي أدان بشدّة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الوحشية على قطاع غزة وفي الضفة الغربية، داعيا إلى العمل على وقف العدوان على الفلسطينيين.
كما تطرّق إلى الظروف غير الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة من شلل تام للمرافق الصحية وتدمير البنية التحتية واستهداف المؤسسات التعليمية والحكومية ومرافق الخدمات والمساجد والكنائس وغياب المواد الغذائية مع تواصل انقطاع الماء والكهرباء.