أحدثت ولاية زغوان في نوفمبر 1976، ويبلغ عدد سكانها 191066 نسمة حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء لسنة 2023، على مساحة حوالي 2820 كلم مربع، وهو ما يعادل نسبة 8ر01 بالمائة من المساحة الجملية للبلاد و23 بالمائة من إقليم الثاني بالشمال الشرقي للبلاد، الذي أصبحت تنتمي إليه بمقتضى التقسيم الترابي للأقاليم الذي يضم ولايات تونس الكبرى ونابل، يحد الولاية شمالا ولايتي بنعروس ومنوبة، وشرقا ولايتي نابل وسوسة، وغربا ولايتي باجة وسليانة، وجنوبا ولاية القيروان.
ميزات تفاضلية تنفرد بها زغوان وصعوبات في كافة القطاعات يمكن تجاوزها وتحقيق التنمية
تنفرد ولاية زغوان، بميزة تفاضلية بحكم موقعها الجغرافي الذي يمثل امتدادا للوظيفة الاقتصادية لولايات تونس الكبرى والوطن القبلي والساحل، وقربها من البنية الأساسية للنقل الجوي والبحري عبر مطاري قرطاج والنفيضة والميناء التجاري برادس وميناء المياه العميقة المرتقب بالنفيضة، إضافة إلى قربها وانفتاحها على الفضاءات السياحية بكل من نابل والحمامات وسوسة، عبر شبكة طرقات لا تزال في حاجة كبيرة إلى التدعيم لتحقيق إستراتجية أهداف التنمية على الوجه المأمول.
* القطاع الصناعي
ساهمت هذه العوامل بالإضافة إلى تصنيف ولاية زغوان، ضمن مناطق التنمية الجهوية في جلب المستثمرين، واصبحت قبلة للاستثمار في القطاع الصناعي، حيث بلغ عدد المؤسسات الصناعية المنتصبة إلى حدود سنة 2023، ما يقارب 300 مؤسسة تتوزع على 10 مناطق صناعية منها حوالي 35 بالمائة معدة للتصدير كليا وفرت جميعها 30 ألف موطن شغل مباشر، وتعمل جلها في الصناعات الكهربائية والالكترونية ومكونات السيارات، وسيتعزز هذا القطاع بعد إحداث منطقة صناعية كبرى بالفحص عل مساحة 50 هكتارا، كما يمثل مخزون ولاية زغوان من المواد الإنشائية، ميزة طبيعية عززت دورها في إنعاش صناعة مواد البناء الموظفة للأشغال العامة للطرقات والعقارات.
ويتمركز القطاع الصناعي في شمال الولاية بمعتمديات بئر مشارقة والفحص والزريبة وزغوان، في حين تظل معتمديتي الناظور وصواف على هامش هذا النسيج، مما أدى إلى تدني مؤشر التنمية بهما، وارتفاع نسبة البطالة إلى 25 بالمائة، في غياب مؤسسات صناعية قادرة على استيعاب اليد العاملة لفئة الشباب من الجنسين رغم المطالب المتكررة لإحداث منطقة صناعية مشتركة بين المعتمديتين المتجاورتين.
* القطاع الفلاحي
يلعب القطاع الفلاحي بولاية زغوان دورا هاما في النسيج الاقتصادي، إذ يشغل حوالي 32 بالمائة من اليد العاملة النشيطة، ويمثل مورد الرزق الرئيسي لأغلب العائلات بالمناطق الريفية نظرا لما يتوفر فيها من نسيج فلاحي متنوع على غرار الزراعات الكبرى التي تمتد على مساحة تقدربـ100 ألف هكتار، وقطاع الزياتين الممتد هو الآخر على مساحة 100 ألف هكتار تضم ما يقارب 4ر08 مليون شجرة، وهو ما يمثل نسبة 8 بالمائة من مجموع الزياتين على المستوى الوطني، ويضم قطاع تربية الماشية 226 ألف رأس غنم و33 الفا من الماعز وما يفوق 10 آلاف من الأبقار، حسب إحصائيات ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى لسنة 2022 ، بالإضافة إلى ما توفره الجهة من كميات كبيرة من الخضروات والغلال لتمويل السوق الداخلية
ورغم الدور الهام لقطاعي الزراعات الكبرى والزياتين بالخصوص في تنشيط الحركة الاقتصادية وما يوفرانه من أيام عمل في مواسم الإنتاج، فقد تقلص هذا الدور نتيجة التغيرات المناخية وانحباس الأمطار في السنوات الأخيرة، تراجع بموجبها حجم الاستثمارات في القطاع الفلاحي بنسبة فاقت 35 بالمائة، وفق تقديرات مصالح وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية، كما تراجع مخزون المياه السطحية والجوفية بنسبة غير مسبوقة خلقت أزمة في مياه الشرب والري، الذي كانت له انعكاساته سلبية على المنتوجات الفلاحية عموما وعلى قطاع تربية الماشية ومنظومة الألبان خاصة، نظرا للنقص الكبير للأعلاف الخضراء والارتفاع المشط لأسعار الأعلاف المركبة، ما أدى إلى نفوق بعض المواشي وإلى تراجع عدد قطيع الأبقار بنسبة 7 بالمائة، والأغنام بنسبة 5 بالمائة، حسب إحصائيات مصالح ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بخلايا النحل بنسبة قاربت 50 بالمائة نتيجة قلة المراعي وندرة الأعلاف البديلة
* القطاع السياحي
تتميز ولاية زغوان بموروث حضاري ومخزون طبيعي زاخر، إذ تضم الجهة حوالي 650 معلما أثريا يتصدرها معبد المياه بزغوان والمعلم الأثري “تيبوربوماجيس” بالفحص والقريتين البربريتين بجرادو والزريبة العليا والحنايا الرومانية، التي تجلب المياه من زغوان إلى قرطاج، بالإضافة إلى غطائها الغابي الذي يمتد على مساحة 70 ألف هكتار، ومياهها الباطنية الساخنة، من خلال الحمام المعدني والإستشفائي بكل من جبل الوسط والزريبة ، إلا أن كل هذه الخصائص إلى جانب مياهها العذبة وأجنة نبتة النسري بمدينة زغوان، لم يقع استغلالها وتوظيفها في نسيج سياحي متكامل، حيث اقتصر هذا القطاع على السياحة العابرة من خلال رحلات موسمية ومناسباتية منظمة لا تستفيد منها خزينة الجهة، في غياب طاقة إيواء وخدمات فندقية قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من الوافدين على الجهة من السياح التونسيين والأجانب .
وانحصر النشاط السياحي المنظم، في عدد من الإقامات الريفية التي أنجزت في إطار التشجيع على السياحة الإيكولوجية والبديلة، في ظل تعطل خدمات النزل الوحيد بزغوان منذ ما يفوق 5 سنوات رغم إعادة تهيئته. وقد مثل تعطل حوالي 7 مشاريع سياحية بديلة بزغوان، وعدم تمكين أصحابها من تراخيص الاستغلال نتيجة القوانين المكبلة، إحدى الإشكاليات التي تعيق تطور القطاع السياحي مع غياب إدارة جهوية للسياحة بزغوان في ظل ضعف التمثيل الإداري لبعض المصالح الإدارية الحيوية في الجهة.
ويكمن الحل، في النهوض بالقطاع السياحي بولاية زغوان، حسب المختصين وأصحاب المشاريع، في وضع إستراتجية متكاملة من طرف كافة الهياكل المتدخلة بالشراكة مع القطاع الخاص تقوم على تعزيز السياحة البديلة والاستشفائية وتشجيع المبادرات الخاصة في السياحة الجبلية وإنجاز مشروع المصعد الآلي “تيليفيريك” بجبل زغوان وتنظيم قطاع الصناعات التقليدية والمهن القابلة للترويج
* القطاع الصحي
تتكون المنظومة الصحية بولاية زغوان من مستشفى جهوي بزغوان و2 مستشفيات محلية بكل من الفحص والناظور ووحدتي استعجالي و49 مركز صحة أساسية ومجمعا صحيا إلى جانب مصحة خاصة، إلا أن خدمات هذا القطاع ظلت دون مستوى تطلعات المواطن وتدنت بشكل لافت في السنوات الأخيرة لقلة طب الاختصاص والتجهيزات الطبية وندرة الأدوية، مما أدى إلى تعطيل العمليات الجراحية ودفع بالمواطنين إلى التوجه إلى المستشفيات بالولايات المجاورة أو الالتجاء إلى المصحات والعيادات الخاصة وهو ما يكلفهم أتعابا مادية وبدنية كبيرة، فضلا عن الاكتظاظ اليومي الذي تشهده أغلب المؤسسات الصحية العمومية بالجهة.