يستعد أهالي ومتساكنو ولاية نابل، لخوض تجربة جديدة في المسار الانتخابي، من خلال انتخابات المجالس المحلية المقررة ليوم 24 ديسمبر 2023، وسط تطلعات بأن تغير المجالس الجديدة من نسق المنوال التنموي والارتقاء بمستوى الخدمات الاجتماعية المسداة.
ولئن طرح تنظيم انتخابات محلية لأول مرة بنظامها الانتخابي الجديد عديد التساؤلات حول الإضافة المنتظرة من هذه المجالس المحلية، وتحديد العلاقة بينها وبين المجالس البلدية، إلا أن غالبية المواطنين يعقدون آمالا كبيرة على دور المجالس الاقليمية ومن ثمة المجلس الوطني للجهات والاقاليم، وهو الغرفة النيابية الثانية بالبلاد في المجال التنموي، واعادة الامل للمناطق الداخلية بولاية نابل، وفق ما أدلى به عدد من الاهالي في تصريحاتهم لصحفية وكالة تونس افريقيا للأنباء
الطيب الذهبي، أصيل عمادة زاوية المقايز التابعة لمعتمدية الهوارية (عضو سابق بالمجلس البلدي ببلدية زاوية المقايز تازغران)، أبرز أن أهمية المجالس المحلية تكمن في تمثيل الجهات بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم في أدنى مستوياتها، باعتبارها تهم أصغر نقطة جغرافية في البلاد وهي العمادة، بما سيساهم في التقليص من مستوى التفاوت الجهوي والحد من حالة التهميش التي تعيشها عديد المناطق الداخلية منذ سنوات.
وأضاف ان تمكين كل عمادة من تمثيلية نيابية سيساهم في رسم التوجهات التنموية الخاصة بكل منطقة حسب خصوصيتها ومقوماتها، باعتبار أن المقترحات ستكون نابعة من الواقع بما فيه من إشكاليات ونقائص، وقارن الذهبي بين هذه الانتخابات والمجالس البلدية، ليؤكد ان النظام الانتخابي للمجالس المحلية سيكون على الافراد، في حين أن الترشح للمجالس البلدية يعتمد على القائمات وما ينتج ذلك من تنوع في تركيبة مجالس البلديات وبروز تحالفات اثبتت التجربة انها لم تخدم مصلحة المواطن، وفق تقديره.
وفي سياق متصل، أشار الذهبي إلى وجود تخوفات من تداخل الصلاحيات بين المجالس المحلية والبلدية، سيما في مجال التنمية التي كانت موكولة للبلدية، لتصبح اليوم الدور الرئيسي للمجلس المحلي وبصفة حصرية، داعيا إلى ضرورة مراجعة مجلة الجماعات المحلية والحد من هيمنة السلطة المطلقة لرئيس البلدية والمجلس البلدي لتفادي التضارب بين هذين المجلسين.
من جانبه، قال جمال الغياثي، أصيل عمادة زاوية الجديدي التابعة لمعتمدية بني خلاد (موظف)، إن انتخابات المجالس المحلية “لاتزال غير واضحة”، وفق تقديره، باعتبار أنها غير مسبوقة في تونس، مبينا دور وسائل الاعلام في مزيد توضيح دور المجالس المحلية، وإبراز أهميتها في تحقيق التنمية المحلية للتوعية بضرورة الاقبال على الاقتراع، واكد درايته بان هذه الانتخابات تختلف عن الانتخابات البلدية، باعتبار أن المجلس البلدي يكون منتخبا على مستوى البلدية في حين أن المجلس المحلي ينتخب على مستوى المعتمدية التي يمكن أن تضم أكثر من بلدية
وقال انه على قناعة بان المجالس المحلية المنتخبة، ستساهم في تحسين الأوضاع بالمناطق الداخلية، من خلال الاهتمام بالتنمية واتخاذ القرارات المتعلقة بالمشاريع التي تحتاجها المعتمدية انطلاقا من حاجيات المواطنين على غرار انشاء مستشفيات ومؤسسات تربوية ودور ثقافة، معربا عن أمله في النهوض بالمنشآت الثقافية والرياضية بمنطقة زاوية الجديدي التي تفتقر إلى مثل هذه المؤسسات.
وبدوره، أكد علي بن السويسي أصيل عمادة الهوارية القبلية التابعة لمعتمدية الهوارية (مربي)، على أهمية المجالس المحلية، التي ستكون فضاء مخصصا لطرح القضايا المحلية والإشكاليات التي يعاني منها متساكنو كل عمادة والنظر في المسائل التنموية والاقتصادية، لافتا إلى أن دور عضو المجلس البلدي يبرز في نقل مشاغل المواطنين باعتبار القرب منهم ودرايته بالنقائص في مرافق الحياة اليومية ومنها بالخصوص النقل والصحة والتعليم
وأضاف أن المواطن يصبح من خلال ترشحه لعضوية المجلس المحلي، مساهما في صناعة القرار في جهته، من خلال التكفل بتحديد الحاجيات التنموية، معربا عن أمله في أن تساهم هذه المجالس في التقليص من التفاوت بين معتمديات شمال ولاية نابل وجنوبها على مستوى التنمية والاستثمار
من جهته، أعرب محمد بلغيث من منطقة غرداية التابعة للدائرة الانتخابية بني خيار بمعتمدية بني خيار (فلاح)، عن أمله في أن تفرز هذه الانتخابات مجالس محلية قادرة على الارتقاء بالجهة والدفاع عن مطالبهم الرامية للنهوض بالقطاع الفلاحي، مشيرا إلى ان تراكم الإشكاليات خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يستوجب وضع سياسة فلاحية ناجعة ودعم العاملين في القطاع، وأكد أن المجالس المحلية المنتخبة ستكون صوت الفلاحين باعتبار أنها تمثل المناطق الداخلية، وستتكفل بتحديد الحاجيات التنموية الخاصة بكل معتمدية انطلاقا من العمادات، لافتا الى ضرورة تطوير البنية التحتية للمسالك الفلاحية ودعم الفلاحين من خلال تعزيز دور الإرشاد الفلاحي بكافة الجهات
من جهتها، قالت النائبة الجهوية للمرأة بنابل فستقة مهير، إن خصوصية الانتخابات المقبلة، تركيبتها التى تشمل أصغر نقطة جغرافية في البلاد وهي العمادة، وهو ما سيجعل أعضاء هذه المجالس على دراية بمختلف المشاكل، باعتبار قربهم وملامستهم للواقع، معربة عن املها في تواجد المرأة ضمن هذه المجالس للدفاع عن قضاياها من خلال دفع عجلة التنمية في مختلف ربوع الجمهورية
ولئن أكد عديد المواطنين على أهمية الانتخابات المحلية في إعادة البناء من المحلي (الجهات) نحو المركزي، لتكون القرارات نابعة من المناطق الداخلية، إلا انها لا تزال غير واضحة لدى البعض الآخر باعتبار أنها غير مسبوقة، وهو ما “يثير تخوفات من ضعف الاقبال على المشاركة في هذه المحطة الانتخابية”، وفق تصريح الناشط بالمجتمع المدني بمعتمدية الميدة معاذ الصغير، الذي أشار إلى ان هذه الانتخابات “يكتنفها بعض الغموض والخلط بين صلاحيات المجالس المحلية والمجالس البلدية”، مشيرا الى اعتبار البعض أن “لا جدوى من هذه الانتخابات، في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي سيؤثر على الاقبال على الانتخاب” حسب قوله.