انتقد نوّاب من مختلف الكتل البرلمانية، الجمعة، خلال جلسة عامة، تحت قبّة البرلمان، خصصت للنظر في مهمّة وزارة الإقتصاد والتخطيط من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024، أداء هذه الوزارة داعين إلى وجوب تغيير استراتيجيتها كي تكون أكثر فاعلية.
واستنكر النائب عن “كتلة ليتنصر الشعب”، نجيب العكرمي، ضعف أداء بعض هياكل وزارة الاقتصاد والتخطيط على المستوى المركزي والجهوي، في ظل غياب رؤية اقتصادية واضحة وتوجه تنموي يساعد على النهوض بقطاعي الفلاحة والصناعة والتخلص من التبعية الغذائية وتحقيق السيادة الوطنية في القطاعات الاستراتيجية.
وقال العكرمي “كان يفترض ان تكون وزارة الاقتصاد والتخطيط من بين الوزارات الريادية في التنمية وان تضم كفاءات من خيرة كفاءات البلاد وان تنفتح على المؤسسات البحثية في التعليم العالي والبحث العلمي والهندسة، لاسيما، وأنّ التخطيط والتنمية له تاريخ منذ الاستقلال وهو خيار راهنت عليه الدولة منذ ستينات القرن الماضي في القطاعات ذات القيمة المضافة والمنتجة عبر التركيز على قطاعات الفلاحة والصحة والتعليم”.
ولفت، الى ضعف ميزانية الوزارة، الذي يعيق، وفق تقديره، قدرتها على التشخيص المنهجي والعملي لمتطلبات المرحلة الاقتصادية والتنموية، اضافة إلى نقص الكفاءات، التّي كان يفترض أن تكون لها تقاطاعات مع جل الوزارات سواء تعلّق الأمر بالنقل أو الصحّة أو التعليم او الفلاحة، وهو ما انجر عنه تعطل العديد من المشاريع في مختلف جهات البلاد تعلّقت بالبنية التحتية والفلاحة والمياه والطاقة والاستثمار والخدمات.
ودعا النائب، في هذا الصدد، الى وجوب تغيير استراتيجية وتوجهات الوزارة وضبط أولويّاتها، ضمن مخططات عمل تنموي لمختلف القطاعات الاستراتيجية، كي تكون وزارة فاعلة، وذلك استنادا إلى أولويّات التنمية الجهويّة وفق معايير موضوعيّة تولي أهميّة للاستثمار إلى جانب تحفيزات في المناطق الداخلية، التي تتذيّل الترتيب التنموي الوطني، على غرار ولايات قفصة والقيروان وجندوبة وسليانة والقصرين وسيدي بوزيد.
كما حث، على وجوب تثمين البحوث الجامعية وبراءات الاختراع عبر الدفع بالاستثمار وتمويل المشاريع الكبرى وتحفيز البنوك العمومية، خاصة، عبر تمويل المشاريع بالولايات الداخلية والاستفادة من الكفاءات التونسية والحد من نزيف هجرتها، خاصّة، الاطباء والمهندسين والدكاترة الباحثين والعمل على ادماجهم بالوزارات في القطاعات الاستراتيجية، عبر تفعيل هياكل التخطيط والبرمجة ودعم رصيدها البشري، لاسيما، وان هياكل التخطيط والبرمجة ببعض الوزارات تكاد تكون معطلة عن التفكير.
من جانبه، اكد النائب عن كتلة “صوت الجمهورية”، الناصر الشنوفي، غياب التخطيط صلب الوزارة “التي كان يفترض ان تنطلق منها الرؤى والمشاريع والبرمجة بمسار علمي ومدروس، وخير دليل على ذلك اهتزاز الاقتصاد الوطني بصفة فجئية مع كل ازمة تعترضه بعد عقود من الاستقلال، علاوة على بطىء إنجاز المشاريع. وتساءل عن إلزامية قرارات الوزارة في تقاطع مع الوزارات الاخرى، خاصّة، وأنه توجد مشاريع مبرمجة الا انها تشهد اما تعطل في الانجاز او تجاوز وعدم انجازها”.
وتساءل النائب عن كتلة “الاحرار” عبد القادر بن زينب، من جهته، عن البرامج وضعتها الوزارة في المجال الفلاحي ومدى دورها في تشجيع الشباب على الاقتصاد والابداع وعلى بعث شركات صغرى ومتوسطة والعمل على ادماجهم في سوق الشغل، فضلا عن ارساء منطقتين للتبادل الحر مع الشقيقتين ليبيا والجزائر.
وطالب بن زينب، في هذا الشان، بادماج وزارة الاقتصاد والتخطيط مع وزارة المالية، لتحقيق الجدوى اللازمة، نظرا لاهميتها “باعتبارها العقل المدبر” في إرساء المشاريع للنهوض بالبلاد ودورها في وضع الخطوط العريضة وضبط التوجهات على امتداد السنوات الخمس القادمة.
كما تساءل النائب يسري بواب عن نفس الكتلة، بدوره، عن مدى التزام الوزارة بتنفيذ المخططات السابقة والمشاريع المبرمجة بكافة الجهات على أرض الواقع، وما مدى جدوى عدم الايفاء بالتعهدات السابقة وتقديم وعود جديدة.
ومن بين المشاريع المعطلة الى حد الساعة، وفق بواب، ذكر النائب تعطل انجاز المحطة السياحية بولاية المنسيتر لاكثر من 15 سنة ومحطة تحلية مياه البحر بسيدي عبد الحميد والمبرمج منذ سنة 2019، الى جانب تعطل الدراسات الفنية للقطب التكنولوجي بالولاية إضافة الى عدم ربط المناطق الصناعية بكامل تراب الجمهورية بشبكات الطرقات وتقريبها، خاصّة، من المطارات لتسهيل المهام على المستثمرين ومزيد استقطابهم للاستثمار في البلاد.
وطالب النائب، من غير المنتمين، بلال المشري، الوزارة بعدم اعادة التجربة ذاتها في ما يتعلّق بالسياسات العمومية والخيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي وصفها “بالفاشلة”، وتكرار المنوال التنموي ذاته “لان النتيجة ستكون حتما الفشل”. واعتبر ان الفساد الحقيقي يكمن في النسج على المنوال ذاته المشحون بالخطابات المفرغة من المحتوى.
ودعا النائب عن كتلة “الامانة والعمل” عزيز بالاخضر، الوزارة الى العمل على الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز الابتكار وتكريس التكنولوجيا والمساهمة في بناء اقتصاد مستقر وقوي وتخصيص الموارد الكافية لتعزيز التعليم والتدريب وتدعم البحث والتطوير لتحفيز الابتكار.
وتساءل بالاخضر، عن خطة الوزارة بشأن نقص المياه وانعكاسات التغيرات المناخية، لاسيما، وان جل البلدان اعتمدت حلولا لمجابهة هذه المعضلة. ودعا الوزارة الى وضع استراتيجية تونس 2050 قصد الاتجاه نحو الاقتصاد المستديم وتعزيز التنافسية وتطوير المهارات.