أبرزت دراسة أنجزتها وزارة التشغيل والتكوين المهني بالتعاون بين المرصد الوطني للتشغيل والمهارات ومنظمة العمل الدولية لتقييم برنامج دعم انتداب حاملي الشهائد العليا “كرامة” و”عقد الخدمة المدنية”، آثار هذين البرنامجين على الإدماج في سوق الشغل.
وأظهرت الدراسة التي عرضت نتائجها أمس الخميس، خلال ندوة انتظمت في الغرض أن برنامج “كرامة” للتشغيل كان له تأثير سلبي على إجمالي التوظيف، في حين ساهم بشكل إيجابي في النهوض بالتشغيل الدائم وقد ترتبط هذه الفرص بالوظائف ذات الجودة.
وعزت الدراسة ذلك إلى إمكانية سوء اختيار الفئات المستهدفة والمؤسسات المستهدفة أيضا، حيث افترضت أنه في حال أولى البرنامج أهمية أكبر للمؤسسات الكبرى والمنتصبة في تونس الكبرى والوسط الشرقي والجنوب الغربي، وكذلك للشباب من حاملي شهائد الإجازة والماجستير، لكانت له حتما نجاعة أفضل.
وأدّى “عقد الخدمة المدنية”، حسب نتائج الدراسة، إلى تحسين تشغيلية المستفيدين، دون التوصل إلى تعزيز اندماجهم المهني، كما ساعد الشباب على اكتساب الخبرة المهنية وتطوير بعض المهارات وخاصة المتعلقة بمسارات البحث عن شغل، حتى يصبحوا مع مرور الوقت أكثر نشاطا وأكثر استقلالية في سوق الشغل. وجاء في توصيات الدراسة أنه من المؤكد أن القيام بمزيد من المرافقة اللصيقة والمعمقة وتفعيل الدورات التدريبية قصيرة المدى في المهارات المطلوبة في سوق الشغل، يمكن أن تجعل هذين البرنامجين أكثر ملاءمة مع احتياجات مختلف الأطراف المتدخلة وبالتالي أكثر فاعلية وتأوصت الدراسة بمزيد حوكمة الشراكة مع المؤسسات الخاصة الراغبة في الإنتفاع بالبرنامجين، ودعم المرافقة والإحاطة من خلال تفعيل دورات تكوين تكميلية قصيرة المدى لفائدة المنتفعين بالبرنامجين بهدف ملائمة الكفايات مع الحاجيات الفعلية للمؤسسات الاقتصادية. ويهدف برنامج كرامة الذي تم أحدث سنة 2017 بشكل أساسي إلى تسهيل التواصل بين الباحثين عن عمل لأول مرة من بين حاملي شهادات التعليم العالي المعطلين عن عمل لمدة لا تقلّ عن سنتين من خلال تشجيع شركات القطاع الخاص على توظيفهم مقابل تمتيعها ببعض الامتيازات على غرار التكفل لمدة عامين بنصف (50?) من قيمة الراتب الصافي في حدود 400 دينار شهريا وتغطية المساهمات الاجتماعية ومساهمة أصحاب العمل في نظام الضمان الاجتماعي، وفي المقابل تدفع المؤسسة للمنتدب راتبا شهريا لا يقل عن 600 دينار. وانتفع بهذا البرنامج منذ إنشائه وحتى نهاية سنة 2021، حوالي 48 ألف شاب غير أن تحليل تطور عدد المستفيدين يظهر منحى متراجعا على مر السنين ليسجل متوسط ??ابرام ما يقرب من 6000 عقد عمل سنويا على مدى السنتين الماضيتين، بعد أن كانت في حدود 17.000 عقد خلال أول عامين من بدء التشغيل، حسب الدراسة. ويهدف برنامج عقد الخدمة المدنية إلى تمكين خريجي التعليم العالي الباحثين عن عمل لأول مرة من تطوير مهاراتهم وكفاءاتهم واكتساب القدرات العلمية والتسييرية من خلال نشاط يقومون به في جمعيات المجتمع المدني. وخلال فترة تدريبية لمدة 12 شهرا يحصل الشاب على منحة قدرها 200 د شهريا و400 ساعة على أكثر تقدير من التدريب على المهارات التي يتطلبها سوق العمل، ويمكن في المقابل للمنظمة المضيفة الاستفادة لمدة ثلاث سنوات من الدعم على مستوى مساهمة صاحب العمل من نظام الضمان الاجتماعي القانوني فيما يتعلق بالراتب المدفوع. وبلغ إجمالي عدد المستفيدين من هذا البرنامج خلال الفترة 2018-2021، نحو 70 ألف شاب، ويظهرمنحى تطور عمليات التشغيل في اطار هذا العقد اتجاها نحو تراجع خلال السنوات الأربع الماضية ليصل إلى 12 ألف عقد خلال العام 2021 بتراجع سنوي بنسبة 15?. وأكّد رئيس ديوان وزير التشغيل والتكوين المهني عبد القادر الجمالي في كلمته الإفتتاحية للندوة المخصصة للاعلان عن نتائج الدراسة أمس، على أهمية تقييم مختلف البرامج النشيطة للتشغيل بهدف حوكمة وترشيد وتصويب مختلف البرامج والآليات الهادفة إلى تحسين تشغيلية الباحثين عن شغل بمختلف مستوياتهم ومساعدتهم على الإدماج في سوق الشغل. ولفت إلى توفر سنويا ما يزيد عن 130 عقد عمل وتربص لفائدة الباحثين عن شغل ، إضافة إلى تمكين حوالي 12500 منتفع من مختلف خدمات المرافقة والإحاطة بالباعثين الشبان من الراغبين في ريادة الأعمال لافتا إلى أن قيمة الإنفاق تبلغ على برامج التشغيل النشيطة حوالي 0.5? من الناتج المحلي الإجمالي.
ومن جهتها عبرّت مديرة مكتب منظمة العمل الدولية للمغرب العربي، رانية بيخازي، تقديرها لمستوى التعاون والشراكة بين الوزارة ومكتب منظمة العمل الدولية في مجال العمل الإستراتيجي لمزيد تصويب السياسات الوطنية للتشغيل وذلك عبر الشروع في مراجعة الاستراتيجية الوطنية للتشغيل بهدف مزيد ملائمتها مع التحديات الراهنة ومع برامج الاصلاح للحكومة في مختلف القطاعات الاقتصادية .
وحضر فعاليات الندوة المدير العام للمرصد الوطني للتشغيل والمهارات فاخر الزعايبي والمديرة العامة للنهوض بالتشغيل فائزة قلال والمديرن الجهويين للتشغيل والتكوين المهني بولايات زغوان وقفصة وسيدي بوزيد وباجة، وممثل عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وعدد هام من إطارات الوزارة والوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل ومن رؤساء مكاتب التشغيل والعمل المستقل.