مع نهاية شهر نوفمبر الجاري، ينقضي العام الثالث على التوالي على شركة فسفاط قفصة دون أن تحقّق ولو طنّا واحدا من الفسفاط التجاري المُعدّ لتصنيع الأسمدة الكيميائية، وذلك في ظلّ تمسّك مجموعة من طالبي الشغل المُعتصمين بمنشآت الإنتاج بمطالبهم، وفي ظرف تراجع فيه إنتاج هذه المادّة ببقيّة الأقاليم المنجمية بالمقارنة خاصة مع السنة الماضية.
ويعتصم، منذ شهر نوفمبر 2020، بوحدة إنتاج الفسفاط التجاري الواقعة بمدينة الرديف وكذك بمنشأة “الوزّانة”، مجموعة من طالبي الشغل لا يقلّ عددهم عن 39 شخصا، لمطالبة السلطات بفرص عمل وبتطبيق ما أسماه سالم رحالي (أحد المعتصمين) بـ”إتفاقيات ومحاضر جلسات مع السلطات ” تهمّ تشغيلهم في شركة فسفاط قفصة أو في إحدى المؤسسات المتفرعة عنها وهي شركات البيئة وشركة نقل المواد المنجمية”.
ويحرم هذا الإعتصام حوالي 200 إطار وعون من شركة فسفاط قفصة من الوصول إلى مواقع عملهم بالمغسلة وبالوزّانة، وهو ما يُعدّ سابقة في تاريخ هذه الشركة التي لم تعرف، منذ نشأتها في أواخر القرن 19، تعطيلا كاملا في نشاط أحد أقاليمها الأربعة لثلاث سنوات متتالية.
ويقول سالم رحّالي “نحن مازلنا معتصمين ومتمسكين بمطالبنا في فرص شغل”، مُضيفا أنّه بعد زيارة رئيس الجمهورية إلى موقع إعتصامهم بالمغسلة، لم يتصل بهم أي مسؤول محلّي أو جهوي.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد زار يوم 13 جوان الماضي وحدة إنتاج الفسفاط التجاري بمدينة الرديف، أين إلتقى بالمعتصمين وأكد لهم أن تونس اليوم “في حاجة إلى الفسفاط وإلى كل ثرواتها الوطنية لمواجهة التحدّيات الإقتصادية والإجتماعية المطروحة، وأنه من الضروري أن يسترجع قطاع الفسفاط اليوم نسق إنتاجه العادي”، داعيا إياهم إلى بعث مشاريع خاصة وإستغلال الاراضي الفلاحية لإحيائها وخلق الثروة.
وقال مصدر بشركة فسفاط قفصة “إن إستمرار تعطّل وحدة إنتاج الفسفاط التجاري بالرديف يؤثر على نسق الإنتاج لهذه الشركة، خاصة وأن مغسلة الرديف تُعدّ ثاني أجدّ وحدة إنتاج تابعة لشركة فسفاط قفصة بعد وحدة كاف الدّور، ولا تقلّ قدرتها الإنتاجية في السابق عن واحد مليون طنّ من الفسفاط التجاري في السنة.
ويستمرّ تعطيل منشآت إنتاج الفسفاط بالرديف للعام الثالث، وهو عام إتّسمت أشهره التسعة الأولى بتراجع في إنتاج الفسفاط ببقيّة أقاليم شركة فسفاط قفصة بمعتمديات المتلوي والمظيلة وأم العرائس، بلغت نسبته، حسب ما كشف عنه البنك المركزي التونسي، 15.8 بالمائة بالمقارنة مع إنتاج نفس الفترة من سنة 2022.
وبلغ إنتاج شركة فسفاط قفصة من الفسفاط التجاري خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2022 نحو مليونين و800 ألف طنّ، وهي كلّها كمّيات تمّ إنتاجها بالمتلوي والمظيلة، بإعتبار أن الإنتاج كان معطلا في تلك الفترة بمعتمديتي الرديف وأم العرائس.
أمّا إنتاج نفس الفترة من السنة الجارية فلم يتجاوز مليونين و 300 ألف طنّ على الرغم من الهدوء الإجتماعي، وإستمرار نشاط وحدات الإنتاج بكلّ المعتمديات المنجمية دون توقّف بإستثناء الرديف.
ورغم المحاولات المتكرّرة، لم يتسنّ لمكتب “وات” بقفصة التواصل مع مسؤولي شركة فسفاط قفصة للحصول على تعليق حول أسباب تراجع إنتاج الفسفاط التجاري منذ بداية العام بالمقارنة مع السنوات القليلة التي سبقت.
كما يستمرّ بمعتمدية الرديف، بسبب هذا الحراك المطلبي منذ سنوات، تعطيل وسق الفسفاط التجاري نحو حرفاء شركة فسفاط قفصة من مُصنّعي الأسمدة الكيميائية، على الرّغم من توفّر مخزون هامّ من هذه المادّة لا يقلّ عن مليون و400 ألف طنّ، حسب مصدر من هذه الشركة، وأيضا على الرغم من إستكمال إصلاح الخطّ الحديدي الذي يربط بين الرديف والمتلوي الذي بات الآن جاهزا للإستغلال ولنقل الفسفاط والبضائع والمسافرين، حسب مصدر مسؤول بإدارة الجنوب الغربي للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية.