ركّزت مداخلات نواب البرلمان خلال الجلسة العامة صباح اليوم الثلاثاء، المخصّصة لمناقشة مهمة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024، على الأهميّة القصوى لمرفق القضاء والعدالة عموما وخاصّة تحرّي العدل والتّحلّي بالنّزاهة والمسؤوليّة.
وشدّد النواب المتدخّلون خلال هذه الجلسة التي حضرها النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، عبد السلام مهدي قريصيعة ووفد مرافق له، على ضرورة مراقبة عمل القضاة ومحاسبة المخالفين منهم من أجل ضمان عدالة ناجعة وناجزة تردّ الحقوق إلى أصحابها مهما كانت أطراف الخصام
وذكروا في هذا السّياق بعض التجاوزات في المحاكم من بينها تلاعب كاتبة بمحكمة بالملفات وعدم إصدار نسخة من الأحكام ليتحصّل عليها طالبوها.
وقال النائب رضا الدلاعي (الخط الوطني السيادي) ” هذا المجلس ظلّ في حالة المؤقت وبقيت تركيبته بالصفات ومن بينهم قضاة متقاعدون بأمر من رئيس الجمهورية، فكيف يمكن أن نتحدث عن الاستقلالية وما مدى هذه الاستقلالية للمجلس الحالي في ظلّ التشكيك والغياب الإعلامي وغياب الخطة الاتصالية”.
ولاحظ الدّلاعي أنه يجب الإسراع في تبني قانون يضبط تركيبة المجلس الأعلى للقضاء ومهامه من أجل إرساء مؤسسات الدّولة، مشيرا إلى أنّه يجب ألاّ تكون التركيبة بشكل أحادي ويتم تقييم تجربة المجلس السابق والوقوف كذلك على تجربة المجلس المؤقت الحالي.
كما تساءل عن موقف المجلس الأعلى المؤقت للقضاء في خصوص القضاة الذين حكمت لصالحهم المحكمة الإدارية وكيف تعامل مع هذا الملف؟ فضلا عن استفساره عن علاق المجلس بكلّ من جمعية ونقابة القضاة ومدى تأثيره في الحركة القضائية خاصّة مع تشكيّات بعض القضاة بسبب الحركة القضائية الأخيرة والتي اعتبروا أنّ فيها ظلم لهم، حسب قوله.
وأكّد أنّه لا يمكن ضمان الاستقلالية دون إرساء المحكمة الدستورية، داعيا في هذا الصّدد رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى الإسراع بإحداثها.
من جهتها تساءلت النائبة فاطمة المسدّي (غير منتمية) إن كان هنالك نيّة للتخلي عن المجلس الأعلى للقضاء وذلك بسبب تقليص ميزانيّته إلى حدود النّصف، وطلبت توضيحا بخصوص سبب عدم اقتراح المجلس الأعلى المؤقت للقضاء لرئيس جديد للمحكمة الإدارية نظرا إلى أنّ الرّئيس الحالي في منصبه من 8 سنوات، وتساءلت إن كان هنالك إشكال مع وزارة العدل.
أمّا النائب يسري البواب (كتلة الأحرار) فقد انتقد طريقة تكوين القضاة حيث اعتبر أنّ ثلاث سنوات دراسة بالمعهد الأعلى للقضاء ليست كافية لتكوين قاض بشكل جيّد، ملاحظا أنّ فترة التربّص كذلك قليلة ممّا يضرّ بجودة عمل القضاة
وانتقد كذلك ظاهرة عدم تنفيذ الأحكام القضائية قائلا “اليوم الحكم القضائي لا ينفّذ ممّا يرسم صورة مسيئة ومضرّة للبلاد بالتالي يجب ضمان تنفيذ الأحكام” .
واعتبر أنه لو كان مرفق القضاء مستقلاّ حقيقة لما كان هنالك ضرورة لإصدار المرسوم عدد 35 لسنة 2022
يذكر أنّ المجلس الأعلى المؤقّت للقضاء قرّر التخفيض في ميزانيته المقترحة لسنة 2024 بنسبة 50 % مقارنة بميزانية سنة 2023، حيث قدرت بـ2.207.000 د مقابل 4.051.000 د لسنة 2023، تتوزع بين نفقات التأجير والتسيير والتدخل، وذلك بناء على التوجهات العامة لمنشور إعداد الميزانية ومراعاة للوضعية المالية العمومية وبسبب تفاقم عجز الميزانية خلال السنوات الأخيرة.
وقال عبد السلام مهدي قريصيعة، النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، خلال حضوره بلجنة التشريع العام يوم 13 نوفمبر الماضي لمناقشة ميزانية المجلس، إن نفقات التأجير لا تشمل تأجير اعضاء المجلس وهو ما يفسر تراجع الميزانية، بالإضافة إلى محدودية المهام الموكولة للمجلس الاعلى المؤقت للقضاء والتي لا تستوجب رصد اعتمادات هامة.