تشير الساعة الحائطية على الركح إلى 17:57 مساءً، أما الأحداث فتدور يوم الرابع من شهر أوت سنة 2020. كان ذلك توقيت وتاريخ انفجار مرفأ بيروت الذي هزّ الرأي العام اللبناني والدولي، مخلّفا مصرع 220 شخصا وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، بينما ظلّ حوالي 300 ألف شخص بلا مأوى.
انطلاقا من هذه الحادثة، كتب المخرج الكويتي سليمان البسام مسرحيته الجديدة وأطلق عليها عنوان “صمت”. وقد تمّ تقديم هذا العمل ضمن عروض المسابقة الرسمية من الدورة 24 لأيام قرطاج المسرحية (2 – 10 ديسمبر 2023).
وأعاد المخرج في هذه المسرحية التي جسّدتها الممثلة حلا عمران بمرافقة موسيقية حية للثنائي علي حوت وعبد قبيسي، بناء الأحداث من جديد مسلّطا الضوء على الآثار النفسية التي خلّفتها لدى المدنيين لا سيّما أن المواد المتفجرة قدّرها الخبراء ما بين 400 و600 طن من نيترات الأمونيوم، مرجّحين أن الانفجار كان ليبلغ قدرة تدميره 10أضعاف لو حدث في أوقات الظهيرة بما أن ارتفاع درجات الحرارة تساهم في زيادة حجم الانفجار.
والمثير للاهتمام في هذا العرض هو اللغة الموسيقية للعمل، حيث كانت الكتابة الموسيقية هي العمود الفقري للمسرحية، فراوحت الممثلة حلا سعد بين موسيقى جادة وأخرى هزلية ساخرة بمرارة وكأنها تحاكي الحالة النفسية التائهة للمواطن اللبناني الذي لم يستوعب مشهد الانفجار الهائل.
ويقول المخرج سليمان البسام في كلمة تقديمية قبل بداية العرض إن المسرحية تشكل حلقة جديدة من حلقات البحث عن التوليفات العربية العربية لبناء لغة مسرحية معاصرة متجددة، كما يمثل استعارة لشخصية المفكر والفنان والإنسان الذي يختار الصمت المطلق كشكل مطلق للتعبير.
ولئن عنون المخرج مسرحيته بالصمت، فإن الانفجار الداخلي للشخصية البطلة حلا عمران كان كبيرا، فهذه الممثلة أتقنت المراوحة بين السرد للأحداث وبين الغناء المسرحي بأساليب وطبقات مختلفة انسجاما مع الحالة النفسية المضطربة والمتوترة للشخصية من ناحية وكذلك انسجاما مع المأساة التي خلفها الانفجار من ناحية أخرى، فكان الأداء المسرحي الموسيقي يعكس حالة التيه والضياع ومرآة لمختلف الأسئلة التي راودت كل متابع للأحداث ولم يجد لها أجوبة أوتفاسير.