صادق مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة الصباحية اليوم الاربعاء بقصر باردو على مهمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في ميزانية الدولة لسنة 2024 بموافقة 101 نائب واحتفاظ 21 بأصواتهم ورفض 16 نائبا. وتبلغ اعتمادات الدفع 192 مليون و469 ألف دينار واعتمادات التعهد 192 مليون و469 ألف دينار.
وكان رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أكد في رده على استفسارات النواب على أن هيئة الانتخابات هي هيئة دستورية ومستقلة وهي الوحيدة التي تمت دسترتها في دستور 2022 وهي ليست جهة تنفيذية أو وزارة، و يحكمها قانون أساسي يعود إلى 2012 تم تنقيحه في2022 بمقتضى مرسوم و تشتغل في إطار قانوني يضمن استقلاليتها إزاء بقية الوظائف التنفيذية وغيرها.
وشدد على أن هذه الاستقلالية ليست امتيازا لأعضائها بل كضمانة للمواطن التونسي حتى يطمئن للمؤسسة المكلفة بحماية صوته والتي تعطي الشرعية القانونية والدستورية لكل المؤسسات المنتخبة، مؤكدا أن التصرف الإداري والمالي للهيئة يخضع لجملة من القوانين من بينها القانون المحدث للهيئة والقانون المنظم لمحكمة المحاسبات وأن “هناك رقابة دقيقة على إنفاق كل مليم تنفقه الهيئة”.
وبخصوص الميزانية التي اعتبرها عدد من النواب ضخمة، لفت بوعسكر إلى أن الهيئة يجب أن تضع كل الفرضيات الممكنة في حسابها ، بالنظر إلى المواعيد الانتخابية المنتظرة خلال السنة القادمة والمتمثلة في الدورة الثانية للانتخابات المحلية في فيفري 2024 وتركيز المجالس الجهوية وبقية المجالس والانتخابات الرئاسية التي ستنتظم رغم كل حملة التشكيك بشأن إجرائها في الموعد من عدمه.
وذكر بأن جزء كبير من ميزانية المحطات الانتخابية التي تنظمها الهيئة يذهب لخلاص الفواتير والمصاريف الموجهة للوزارات التي تساهم في تأمين وإجراء هذه الاستحقاقات، على غرار ميزانية الاستفتاء والتي توجه 17 بالمائة من ميزانيته لوزارة الدفاع و9 بالمائة لوزارة الداخلية إلى جانب بقية الهياكل الأخرى مثل وزارة التربية والمركز الوطني للإعلامية والمطبعة الرسمية ووسائل الإعلام العمومية .
كما أن انتداب الأعوان الوقتيين خلال كل المحطات الانتخابية والذين يفوق عددهم الأربعين ألف بين أعوان التحيين ومراقبة الحملة وأعوان المكاتب يستنزف جزء هاما من نفقات التأجير في الهيئة، حسب رئيسها الذي لفت إلى أن العدد الجملي للأعوان القارين لا يتجاوز 270 شخصا.
أما في ما يتعلق بتأجير أعضاء مجلس الهيئة فقد شدد بوعسكر على أن رئاسة الحكومة هي التي تحدده وليست الهيئة ولا أعضاء مجلسها الذين يتمتعون بامتيازات كاتب دولة ويتمتع الرئيس بامتيازات وزير.
وتحدث عن تكاليف الصيانة لوسائل النقل و المقرات والمباني على ذمة الهيئة في كل الولايات، مبينا أن الهيئة تسعى للضغط على مصاريف الكراء وحوكمة الإنفاق، وأنها تتجه إلى دمج بعض الهيئات الموجودة في نفس الولاية للضغط على تكاليف الكراء والصيانة.
واعتبر أن الترويج بأن الهيئة خصصت مليار من المليمات لشراء سيارتين هو من باب الإشاعات المغرضة التي تستهدف الهيئة في كل مرة تنظم فيها انتخابات، وأن الهدف من ذلك ترذيل العملية الانتخابية للتأثير على نسب الإقبال كما حدث في الانتخابات التشريعية السابقة، مشددا على أن الهيئة حريصة على الرصد ورفع قضايا جزائية ضد من يقف وراء ذلك وأنها لن تقف صامتة أمام عبر منصات مختلفة.
وأوضح أن كل مؤسسات الدولة فيها جهاز إداري ومصلحة إدارية هي التي تتابع هذه المواضيع وأن التجديد الجزئي لأسطول السيارات الذي اهترأ بعد عشر سنوات وارتفعت تكاليف صيانته ، وأنه مبرمج في ميزانية الهيئة لسنة 2023 وتمت المصادقة عليه، مضيفا أن المليون دينار التي يتحدثون عنها مخصصة لاقتناء 11 سيارة وهو أمر معقول حسب تقديره.
وتطرق بوعسكر إلى العديد من النقاط التي تخص الانتخابات المحلية وفي مقدمتها علاقة الهيئة بوسائل الإعلام العمومية موضحا أن الهيئة مستقلة ومنفتحة على وسائل الإعلام بشقيه العمومي والخاص وعلى المجتمع المدني ولكنها أيضا مؤتمنة على المال العام ولذلك فإن اختارت التعامل مع المؤسسات الإعلامية العمومية لأنها لا تطرح إشكالا على مستوى الرقابة ، وذلك من عملا بتوصيات الجهاز الرقابي المالي.
وأضاف أن الهيئة تقوم بشراكات معها ومذكرات تفاهم وتقوم بخلاص خدمات التلفزة وكالة تونس إفريقيا للأنباء والإذاعة الوطنية إلى جانب بقية الهياكل العمومية مثل الوزارات والمطبعة الرسمية والمركز الوطني للإعلامية ، وبالتالي فإن “المال العام يذهب للمال العام”، حسب تعبيره.
ولفت إلى أن الأمر يختلف مع مؤسسات القطاع الخاص مستشهدا بالتجربة السابقة خلال المواعيد الانتخابية السابقة والتي رصدت خلالها أموالا لوسائل الإعلام الخاصة ، ولكن محكمة المحاسبات اعتبرت أن غياب معيار موضوعي لتوزيع هذا المال سيخلق إشكالا ، والحال أن الهيئة اعتمدت على نسب المشاهدة والاستماع التي تعدها مؤسسات سبر الآراء دون وجود قانون ينظم عملها إلى اليوم.
وفي سياق متصل أوضح أن رقابة الهيئة على تغطية وسائل الإعلام السمعية والبصرية للحملة الانتخابية لوحدها قد أقره المرسوم عدد 8 لسنة 2023 الذي ألغى القرار المشترك مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري ،ما يعني أن الصلاحية أصبحت لهيئة الانتخابات.
وذكر بأن هيئة الانتخابات هي الهيئة الدستورية الوحيدة ولها الولاية الكاملة على الشأن الانتخابي وهى ليست سلطة تعديلية يل تراقب وسائل الإعلام السمعية البصرية خلال فترة الحملة ، خلال البرامج الحوارية الإخبارية التي تتطرق للشأن الانتخابي خلال ال21 يوما في ما عدا ذلك يعود كل هيكل لاختصاصه.
وبخصوص موضوع الصرف المالي، بين بوعسكر أن التمويل العمومي انتهى بالقانون والهيئة ليس لها دور في اتخاذ هذا القرار وأن حذف التمويل العمومي يعود لسبب واضح وهو أن الأموال العمومية السابقة التي صرفت في انتخابات 2011 و2014 لم يتم استرجاعها ولهذا قرر المشرع حذفها، كما أن هذا الحذف يتماشى مع نظام الاقتراع على الأفراد في دوائر صغيرة لا تحتاج لتمويلات ضخمة.
وأقر أن هناك إشكالية في ما يتعلق بفتح الحساب البنكي للمترشحين ولهذا عقدت الهيئة اجتماعات مع البنك المركزي والبريد التونسي لتذليل الصعوبات أمام المترشحين لفتح هذه الحسابات، وخاصة بالنسبة للبنوك الخاصة التي ترفض فتح الحساب البنكي لمدة قصيرة لأنه غير مربح بالنسبة لهم ،رغم أن منشور البنك المركزي واضح ويلزم بفتحها.
واعتبر من جهة أخرى أن سقف التمويل المنشور والذي يقارب معدله الـأربع أو الخمس آلاف دينار معقول جدا ، بالنظر إلى صغر الدوائر الانتخابية أن المترشح يمكن أن يصرف هذه المبالغ إما نقدا أو ببطاقة اعتماد أو تحويل بنكي أو بطاقة السحب.
وشدد على أن الهيئة يمكن أن تتساهل في كل شيء إلا في مسألة عدم الإيداع المالي في آجاله وهو إجراء وجوبي يترتب عليه قانونا عقوبات جزرية صارمة واسقاط العضوية والمخالفة الثانية هي تجاوز سقف الإنفاق الانتخابي ب75 بالمائة وهو يمكن أن يفضي إلى إسقاط العضوية.
واعتبر أن ما يحسب لهذا المجلس حرصه على تطبيق القانون على الجميع، وأن مجلس الهيئة يسعى إلى التكييف والاجتهاد إلا أن الكلمة الأخيرة تعود للقضاء العدلي في ما يتعلق بالجرائم الانتخابية والمحاسبات في المخالفات المالية، مؤكدا الحرص على القطع مع ظاهرة الإفلات من العقاب” التي رافقت كل المسارات الانتخابية تقريبا منذ 2011″، حسب تقديره.