اعتبر الخبير الاقتصادي، معز حديدان، أنّ انخراط صناديق الضمان الاجتماعي في عملية اسناد القروض لمنخرطيها، رغم الأزمة المالية التي تمر بها، حاليا، سيساهم في تنويع مداخيلها ولن يربك سير عمل البنوك.
وأوضح حديدان، في تصريح أدلى به لـوكالة تونس أفريقيا للأنباء، ان نجاح هذا المقترح يبقى رهين إرساء البنية اللوجيستية والهياكل الكفيلة بمتابعة والتصرف في مخاطر التّخلف عن سداد القروض.
وأشار إلى أن الوضعية المالية لصناديق الضمان الاجتماعي تتسم بعدم الاستقرار، وفق المعطيات التي نشرتها وزارة المالية في تقرير حول “المنشآت العمومية”.
وسجل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية، مع موفى سنة 2022، نتيجة صافية سلبية بقيمة 7ر578 – مليون دينار وموارد ذاتية سلبية بقيمة 3377 – مليون دينار. وبلغ مجموع اصوله 2140 مليون دينار وناهز مجوع الخصوم 5517 مليون دينار. وقدرت المساعدات البنكية وغيرها من الخصوم بنحو 216 مليون دينار فيما ناهزت السيولة 7ر402 مليون دينار.
وبلغت الموارد الذاتية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حجما سلبيا قدر بـ3433 مليون دينار مع موفى 2022 ونتيجة صافية سلبية بقيمة 5ر961 مليون دينار. وناهز مجموع الأصول 5572 مليون دينار ومجموع الخصوم 7ر9972 مليون دينار فيما قدرت المساعدات البنكية وغيرها من الخصوم المالية بصفر دينار وحجم السيولة بقيمة 5ر521 مليون دينار. ووصلت مديونية صندوقي الضمان الاجتماعي تجاه الصندوق الوطني للتأمين على المرض الى حوالي 7ر8787 مليون دينار خلال نفس الفترة.
ووفقًا للتقرير نفسه، بقيت إيرادات التوظيفات لصناديق الضمان الاجتماعي لعام 2022 ضعيفة، إذ بلغت على التوالي 8ر7 مليون دينار بالنسبة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية و3ر42 مليون دينار للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وبناء على هذه المؤشرات المالية، رأى حديدان، أنّ إشراك صناديق الضمان الاجتماعي في منح القروض لمنخرطيها يمكن أن يساعد في تنويع دخلهم وأنه لن يعطلّ بأي حال من الأحول سير عمل البنوك في مجال الاستثمار وذلك بالنظر الى حجم الاعتمادات المبرمجة للقروض والبالغ 90 مليون دينار.
وينص المخطّط الجديد في ما يتعلق بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، الذي يعد 700 الف منخرط عامل و400 الف متقاعد، على ثلاثة أصناف من القروض وهي الشخصية والسيارات والسكن، ويجب ألا تتجاوز تكاليف سداد جميع القروض المسندة للمضمون الاجتماعي نسبة 40 بالمائة من معدل الأجر المصرح به.
القروض الشخصية
وبالنسبة للقروض الشخصية، سيمنح الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية مبالغ في حدود 25 ألف دينار حسب قدرة المنخرط على السّداد، مقابل راتبين ونصف سابقا، على أن يتم تسديدها على مدى ثلاث سنوات، بدلا من سنة واحدة سابقا، مع نسبة فائدة قارة وغير متغيرة في حدود 25ر8 بالمائة.
قروض السيارات
وسيمنح الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، في ما يتعلق بقروض السيارات، قروضا في حدود 50 ألف دينار، مقارنة بـ 10 آلاف دينار سابقا، قابلة للسّداد على خمس سنوات بنسبة فائدة قارّة قدرها 10 بالمائة على أن يتم اقتناء السيارة من وكيل سيارات معتمد أو أن لا يتجاوز تاريخ شهادة تسجيل السيارة المستعملة، البطاقة الرمادية، إلى عامين فقط.
قروض السّكن
وفي ما يهم قروض السّكن فان صيغها مازالت قيد الدرس، بيد انه من المنتظر ان يتم في اطار المشروع، على الأقل، تنشيط النظام القديم، اي منح قروض بقيمة 15 الف دينار، مع إمكانية رفعها الى 100 الف دينار، وفق المشروع الجاري دراسته، تسدّد على 20 سنة، بمعدل فائدة قار في حدود 75ر6 بالمائة.
“قروض الصناديق الاجتماعية لن تنهي احتكار البنوك التجارية”
اعتبر الخبير ان القروض الجديدة التي يمنحها كل من الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لا يمكن باي حال من الاحوال ان تنهي احتكار البنوك التجارية التي تفرض شروطا صارمة للحصول على القروض. وفسّر بقوله: إنّ المبالغ التي سيمنحها الصندوقان، لا تستجيب لإجمالي الطلب في السوق، معتبرا انها بديل إيجابي للأجراء غير القادرين على الحصول على قروض من البنوك.
ولاحظ ان “هذا القرار سيكون له تأثير على التونسيين، لا سيما وان عددا لا بأس به منهم، لديه نسبة تداين عالية، وفق ما يبيّنه اللجوء المفرط للتّسبقات على الاجر على المدى القصير”، وفق تقديره وتابع حديدان موضحا “في كل الحالات فان المنخرطين الذين لديهم نسبة تداين عالية لن يكون بإمكانهم الحصول على القروض من الصندوقين، إذا ما تجاوزت نسبة السداد 40 بالمائة من الاجر”.
وأردف الخبير في ما يتعلق بالأثر الاقتصادي لهذا الاجراء، انه سيدفع الادماج المالي للمنخرطين وسيتيح تنويع مداخيل صناديق الضمان الاجتماعي، في المقابل كان من المفترض ان تكون نسب الفائدة الموظفة على القروض الشخصية والسيارات مرتبطة بمعدل نسبة الفائدة في السوق النقدية، لتجنيب المستفيدين من هذه القروض توظيف مبالغ إضافية في حال انخفاض في المعدلات مستقبلا.
وفي الاجمال يمكن ان تكون قروض الصناديق الاجتماعية، مصدر دعم للتمويل الذاتي للحصول على تكملة من البنوك بشرط ان لا تتجاوز قاعدة نسبة 40 بالمائة. بيد انه كان من الاحرى تشريك البريد التونسي، ايضا، في منح قروض بقيمة مماثلة. ويتعلق الامر، كذلك، بخلق توافق بين البنوك في حال توحيد مركزية المخاطر، كما ستمكن هذه القروض من تقليص اللجوء الى القروض بمعدلات مشطة والتي تمنحها هياكل التمويل الصغير.