أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن صدمته البالغة من هول المذبحة التي ارتكبها جيش الإحتلال الصهيوني, في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في مدينة غزة على مدار أسبوعين من تنفيذه لعملية عسكرية واسعة النطاق تخللها إرتكاب مجازر وجرائم مروعة ضد كل من تواجد فيه, بغض النظر عن صفته المدنية والمهنية وجنسه وعمره وحالته الصحية.
وأشار المرصد الأورومتوسطي, إلى أن حجم المجزرة الفعلي وأبعادها لم تكشف بعد بالكامل, لافتا إلى أن تقديراته الأولية تفيد بأن أكثر من 1500 فلسطيني ما بين قتيل وجريح ومفقود, نصفهم من النساء والأطفال, بفعل المذبحة التي إرتكبها الإحتلال الصهيوني, في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه, وذلك بناء على الإفادات الواردة إليه ومشاهداته, حيث أن هنالك مئات من الجثامين داخل المجمع وفي المنطقة المحيطة به, منها جثامين محترقة وأخرى مقطعة الرؤوس والأوصال.
وأوضح الأورومتوسطي, أن من بين ضحايا المذبحة أكثر من 22 مريضا على الأقل قتلوا على آسرة المستشفيات بفعل الحصار الصهيوني للمجمع وتعمد حرمانهم من الرعاية الطبية والغذاء والطعام, لافتا إلى أن الجيش تعمد طوال فترة عملياته العسكرية عرقلة وصول الفرق الإغاثية وممثلي المنظمات الدولية إلى المجمع للقيام بمهام إنسانية أو عمليات إجلاء, بالإضافة إلى تعمد جيش الاحتلال بتفريغ المجمع من كوادره العاملة, وبخاصة الطبية, سواء بالإعدام أو بالاعتقال أو بالإجبار على النزوح, فيما يبقى مصير بعضهم مجهولا حتى الآن.
وقال الأورومتوسطي, إن مجمع الشفاء أصبح الآن خارجا عن الخدمة بشكل كامل, بعد أن دمر جيش الاحتلال جميع مبانيه بالتفجير والحرق, بما في ذلك ثلاجة الموتى, وساحاته وممراته الداخلية والخارجية.
وشدد على أن هذه الجريمة التي نفذها جيش الاحتلال ضد مجمع الشفاء الطبي, تأتي في مقدمة الخطة المنهجية والمنظمة والواسعة النطاق التي تنفذها قوات الاحتلال ضد القطاع الصحي في قطاع غزة لإخراجه عن الخدمة بالتدمير والحصار, وإيصاله إلى نقطة اللاعودة, وحرمان الفلسطينيين من في القطاع من فرص النجاة والحياة والاستشفاء.
وذكر المرصد أن قوات جيش الاحتلال أجبرت أكثر من 25 ألف مدني فلسطيني على النزوح بالقوة من مناطق سكنها في محيط مجمع الشفاء الطبي, بعد أن مارست بحق العائلات في المنطقة العديد من الجرائم, بما في ذلك القتل والاستهداف والحصار والاعتقالات التعسفية والتجويع, فضلا عن الإضرار الشامل بالمنازل والأعيان المدنية بالتدمير والحرق, وأضاف أن التقديرات الأولية تظهر أن جيش الاحتلال دمر وحرق أكثر من 1200 وحدة سكنية في محيط مجمع الشفاء الطبي.
وكان جيش الإحتلال, قد سحب قواته وآلياته العسكرية فجر اليوم الإثنين, من داخل ومحيط مجمع الشفاء الطبي والذي كان يعد أكبر مؤسسة صحية طبية داخل قطاع غزة، ويضم ثلاث مستشفيات تخصصية هي مستشفى الجراحة ومستشفى الباطنة ومستشفى النساء والتوليد, وتبلغ القدرة السريرية الإجمالية له 800 سرير. والمجمع الذي بني على مساحة 42.000 متر مربع كان يتكون من عدة أبنية وبعض الأبنية تتكون من طوابق عدة, ويخدم منطقة التغطية الخاصة بمحافظة غزة وقطاع غزة بشكل عام.
ويشدد الأورومتوسطي, على أن المجزرة التي وقعت في مجمع الشفاء الطبي واستهداف المدنيين المحميين والأعيان المدنية المحمية, على هذا النحو الخطير والمنهجي والشامل, وإستهداف ما تبقى عاملا من المنظومة الصحية في قطاع غزة, وتعريض حياة
آلاف المدنيين من المرضى والجرحى وعائلات النازحين والطواقم الطبية والصحفيين لخطر الاستهداف المباشر, ونزع الصفة المدنية عنه, وتشتيت العائلات عن بعضها البعض, ما هو إلا “دليلا آخرا على جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين قي قطاع غزة منذ ستة أشهر”.
وقال الأورومتوسطي, إن جيش الاحتلال نفذ جريمته في مجمع الشفاء دون أدنى إحترام لقواعد القانون الدولي الإنساني, وبخاصة مبادئ التمييز والتناسبية والضرورة العسكرية, أو احترام الحماية الخاصة التي تتمتع به المستشفيات المدنية والطواقم الطبية, أو الحماية التي يتمتع بها المدنيين سواء بصفتهم هذه أو كونهم غير مشاركين مشاركة مباشرة بالأعمال الحربية, أو الحماية التي يتمتع
بها الجرحى والمرضى, وحظر استهدافهم , وأنه لم يقدم حتى الآن دليلا يثبت أو يبرر تنفيذه هذه الجريمة وعلى هذا النطاق الواسع والخطير والذي ينتهك على نحو جسيم القانون الدولي الإنساني, وأن جرائمه هذه تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قائمة بحد ذاتها.