أعلنت كل من جمعية “أصوات نساء” وجمعية “المرأة والمواطنة بالكاف” عن تسجيل 25 جريمة قتل نساء خلال سنة 2023، وذلك في ندوة انتظمت اليوم الخميس بالعاصمة، لتقديم التقرير السنوي المنجز حول جرائم قتل النساء لسنة 2023.
وأبرز التقرير السنوي بعنوان “تقتيل النساء، الظاهرة المسكوت عنها”، أن هذه الجريمة “مركبة” وترتكب في حق النساء على أساس النوع الاجتماعي، “فالجنس الأنثوي غير مرغوب به وفقا للمتخيل الجماعي الذكوري”، ما يتسبب في إرتكاب هذه الجرائم وممارسة العنف ضد النساء بشتى أنواعه بغرض إخضاعهن والتحكم في أجسادهن.
وبينت الباحثة في علم الإجتماع فتحية السعيدي أن جريمة قتل النساء تُصنف ظاهرة إجتماعية نظرا لإنتشارها “كموجة مفزعة” في عدد من الولايات وتزايد أرقام هذه الجرائم التي ترتكب نتيجة التمييز الجنسي والسيطرة الذكورية والعنف الأسري والزواج القسري والعادات والتقاليد والتناول الإعلامي المسيء للنساء وغيرها من العوامل.
وبينت أن العلاقة “الحميمية” هي أكثر العلاقات التي تمارس من خلالها مختلف أشكال العنف وصولا إلى جريمة القتل، إذ يمثل الزوج الجاني نسبة 52 بالمائة من مجموع مرتكبي العنف، يليه مجهول أو غريب بنسبة 20 بالمائة.
وأبرزت المكلفة ببرنامج مناهضة العنف وتقتيل النساء بجمعية “أصوات نساء” هيفاء الزغواني، أن هذا التقرير الذي جاء في إطار تظاهرة “المعرفة النسوية” التي أطلقتها الجمعية مؤخرا يقدم إحصائيات توثيقية عن ظاهرة تقتيل النساء خلال سنة 2023 حسب ما تم الإفصاح عنه من قبل وسائل الإعلام التونسية ووسائل التواصل الاجتماعي.
وتشمل جريمة قتل النساء كل الفئات العمرية للنساء، حيث أظهر التقرير أن الفئة العمرية من 26 الى 35 سنة تمثل نسبة 27 بالمائة من ضحايا القتل، تليها النساء من الفئة العمرية ما بين 36 و45 سنة بنسبة 26 بالمائة. وكانت أغلب النساء ضحايا جرائم القتل خارج دائرة إطار المشاركة الاقتصادية ولا يملكن دخلا خاصا، وفق المتحدثة.
ويعتمد مرتكب العنف طرقا مختلفة لقتل النساء من أبرزها الطعن بنسبة 32 بالمائة إضافة إلى الخنق والضرب، وهو ما يعكس “العداونية التي يمارسها الجناة ضد النساء وإلحاقهم الأذى بشكل مباشر بالمناطق الحساسة والحيوية للجسم والتنكيل به بصفة متعمدة تؤكد وحشية مرتكب العنف واستباحته لأجساد النساء من أجل فرض الهيمنة والسلطة”، حسب ذات التقرير.
وأجمع المشاركون في إنجاز هذا التقرير على وجود تراخ من الدولة واخلالات وغياب استراتيجية واضحة في تطبيق آليات الحماية التي ينص عليها القانون عدد 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، وأكدوا وجوب تطبيق ما جاء في هذا القانون الذي ينص في عدد من الأبواب الخاصة على الوقاية والحماية والتجريم والتعهد بالنساء الضحايا العنف وتوفير الخدمات اللازمة لهن.
وأوصى التقرير بضرورة تقديم إحصائيات دورية حول ظاهرة تقتيل النساء من قبل الجهات الرسمية وعلى رأسها وزراة الأسرة والمراة والطفولة وكبار السن والمرصد الوطني لمناهضة العنف المسلط على النساء.
ودعت ممثلات جمعية “أصوات نساء” وجمعية “المرأة والمواطنة بالكاف” إلى إنشاء مزيد من دور الإيواء الخاصة بالنساء المعنّفات وتعميمها في كل جهات البلاد وتعزيز وجود العنصر النسائي صلب الفرق الأمنية المختصة فضلا عن توفير الدعم والحماية الضرورين للمرأة المعنّفة.
كما طالبن بالعمل على إصدار قوانين وأحكام ترتيبية خاصة بالإعانة العدلية للمراة ضحية العنف وتوفير خدمات ناجعة وفورية في مجال التعهد والحماية لضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي.
وكانت وزراة الأسرة والمراة والطفولة وكبار السن نشرت تقريرا وصفياّ بهدف الرصد الأوّليّ للخصائص الاجتماعيّة والاقتصاديّة للنساء ضحايا جرائم القتل ولملامح القائمين بالجريمة خلال الفترة الممتدّة بين جانفي 2018 و30 جوان 2023.
وسجل هذا التقرير 69 جريمة قتل نساء ارتكبت في 19 ولاية خلال الفترة الممتدة من 1 جانفي 2018 إلى 30 جوان 2023. ووقعت جل هذه الجرائم في المنزل بنسب بلغ أدناها 57 بالمائة سنة 2020 وأقصاها 93 بالمائة سنة 2021. ويعتبر الزوج هو القائم بالجريمة بنسبة 71 بالمائة من جرائم قتل النساء.