كشف المدير العام للغابات بوزارة الفلاحة، محمد نوفل بن حاحا، انه تم ضبط عشرات
النقاط السوداء للحرائق وانه يجري العمل على تركيز تجربة نموذجية لمراقبة الغابات عن بعد الى جانب تنفيذ برامج تنظيف
وتشجير.
وتسعي الإدارة العامة للغابات بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، الى تشجير قرابة 5500 هكتار، خلال موسم
2023-2024 ، في وقت فقدت فيه البلاد نفس المساحة تقريبا العام الماضي بفعل اندلاع اكثر 436 حريقا.
واكد بن حاحا، في حوار أجرته معه وكالة تونس افريقيا للأنباء “وات”، أهمية تحسيس المواطن باحترام الفضاء الغابي. علما وان
السلطات وضعت خططا مفصلة لحماية الغابات ومحاصيل الزراعات الكبرى.
وات: تقوم الادارة العامة للغابات وفي إطار تشاركي بحملة تنظيف للفضاء الغابي ماهي أهم ملامحها؟
بن حاحا: بدأنا على مستوى الادارة العامة للغابات حملة تنظيف، منذ منتصف افريل 2024 وستتواصل حتى موفى ماي الجاري
وتشمل عديد الولايات. ونحن ننفّذ، حاليا، حملة على مستوى حديقة البلفيدير بالعاصمة، التي تمر بوضعية صعبة، وفرق العمل تعمل
جاهدة على إزالة الأعشاب الضارة وتجميعها لتلافي اي عوامل يمكن ان تؤدي الى اندلاع الحرائق.
وتطلبت حديقة البلفيدير، باعتبارها تقع تحت اشراف بلدي الى التنسيق مع بلدية تونس، وقد تم تجهيز فرق من عملة الحضائر
بالمعدات اللازمة للقيام بعملية التنظيف.
وأريد ان اشير، في هذا السياق، الى ان الادارة العامة للغابات، رصدت عشرات النقاط السوداء التي تكررت فيها الحرائق خلال
السنوات الخمس الأخيرة، والعدد اقل من 100 نقطة ، وهي نقاط تشهد، أحيانا، اندلاعا متكررا للحرائق في نفس الموسم تقريبا.
وتتركز هذه المناطق، أساسا، بالشمال الغربي وتحديدا بطبرقة وعين دراهم وسليانة وكسرى وبرقو وسجنان، وهي مناطق توجد بها غابات كثيفة واحيانا مأهولة وتشهد ضغطا كبيرا من قبل السكان المجاورين لها .
وات: مراقبة وحماية الغابات تحتاج الى توفر العنصر البشري، هل لديكم الإمكانيات وماهي أسباب اندلاع الحرائق؟
بن حاحا: تعمل الادارة العامة بموارد بشرية تغطي 30 بالمائة من الحاجيات المطلوبة، وذلك عبر مقارنة بسيطة بين المساحات التي يراقبها عون الغابات في أوروبا والبالغة 5 آلاف هكتار، وفي تونس والتي تصل الى 17 ألف هكتار، وهي مساحات شاسعة ولكن نحن نسعى في الوقت الحالي الى تبني أدوات وتقنيات للمراقبة عن بعد.
ونعد ّ، حاليا، على مستوى الادارة العامة للغابات، لتوقيع اتفاقية مع احدى الشركات الناشئة التي توفر منظومة لمراقبة الغابات عن بعد، ولك من خلال آلات لقياس الحرارة والرطوبة وغيرها من البيانات. وسنعمل على تنفيذ تجربة نموذجية هذا الصيف على مستوى احدى الغابات التي سيتم اختيارها في اطار هذه المشروع .
ويعتبر اللجوء الى التجديد التكنولوجي،، أحد الحلول التي تساعد على تعويض نقص العنصر البشري لمراقبة الغابات في تونس والتي تغطي تقريبا 7ر5 ملايين هكتار.
هذه المعدات الذكية سترسل المعطيات الى الادارة العامة للغابات بشكل حيني، بما يمكّن من الاستعداد الجيّد حال تسجيل تضافر العوامل التي يمكن ان تؤدي الى اندلاع حريق.
وأشير في هذا السياق، الى وجود مشاريع أخرى لاستخدام التقنيات الحديثة، ويجري، في الوقت الراهن، الإعداد لإطلاق مركز يقظة وإنذار مبكر من الحرائق سيدخل حيّز الخدمة هذه الصائفة على مستوى الادارة العامة للغابات.
ويتميز هذا المركز، والذي يوفر حصص عمل مسترسلة على امتداد اليوم، لمراقبة مختلف الجهات والتدخل عند الضرورة بمشاركة عديد الأطراف الأخرى على غرار السلطات الأمنية
وأضيف، كذلك، ان الادارة العامة للغابات تعمل على الانتهاء من اشغال تجديد مركز الحماية من الحرائق برادس، الضاحية الجنوبية للعاصمة، والذي ستتوفر فيه فرق إطفاء ومعدات. علما وانه توجد فرق تعمل على المستوى الجهوي الى جانب المراكز المحلية.
وأريد ان اشير في هذه النقطة ، الى ان اغلب الحرائق، ووفق الأبحاث، وقعت بشكل غير متعمد، وهو ما يتطلب مزيد التحسيس بالظواهر التي يمكن ان تؤدي الى اندلاع الحرائق، ونحن ننسق مع السلطات والمجتمع المدني للتوعية بهذه الظاهرة الى جانب السعي الى إرساء سياسات تشاركية في مجال الاستفادة من الغابات بشكل مستديم مع الالتزام بحماية هذه الفضاءات.
وات: قطاع الغابات يحتاج الى تجديد التشريعات والى التوعية، ماهي ملامح خططكم في هذا المجال؟
بن حاحا: نعمل على مستوى الادارة العامة للغابات على تنقيح بعض فصول مجلة الغابات التي تعود الى سنة 1966. وقد أدخلت عليها تنقيحات في وقت سابق ولكن الأهم يتمثل في العمل، ومن خلال التعاون مع مركز البحوث والدراسات القانونية والقضائية بوزارة العدل، على القيام بمراجعة شاملة لمجلة الغابات.
وتقوم هذه المراجعة على مبدإ حماية الغابات، من جهة، مع تنمية الموارد وتثمين المنتوج الغابي المستديم، من جهة اخرى، لا سيما وان القطاع الغابي يوفر قرابة 40 بالمائة من مداخيل متساكني الغابات.
ونحن نعوّل على المجتمع المدني، وكذلك من خلال التواصل مع المتساكنين، على ضمان حماية الفضاء الغابي من ناحية، وتمكين المتساكنين من الاستخدام الرشيد للموارد المتاحة على مستوى الغابات، من ناحية أخرى.
ونشجع في هذا الاطار، إحداث مجامع للتنمية او شركات تنموية او شركات أهلية ، توفر أرضية قانونية لاستغلال المنتوج الغابي
وآلية لضمان الاستخدام الناجع والمستديم للموارد الغابية.
وات : صابة الحبوب طالتها الحرائق احيانا ، ماهي خطط السلطات في هذا المجال؟
بن حاحا: نعمل وفي اطار حماية صابة الحبوب من الحرائق، والى جانب التوعية والتحسيس، على خطة تتضمن القيام بدوريات مشتركة على مستوى نقاط التماس بين الفضاء الغابي والزراعي.
وأريد ان أؤكد في هذا السياق، على ان اللجنة المشتركة المكلّفة بمتابعة الملف، قررت اتخاذ إجراءات تتصل بمراقبة معدّات الحصاد، لتلافي عوامل الاشتعال والحصول على الموافقة الفنية الى جانب تكثيف المراقبة عند الحصاد وقد وضعها كل الفرق
المجهزة في حالة تأهّب.
ونحن نبذل أقصى الجهود، من خلال الفرق المتنقلة او القارة لحماية الزراعات والحبوب، من جهة، والفضاء الغابي، من جهة أخرى، للحيلولة دون ان يؤدي أيّ حريق يطال أيّا منهما، الى الانتقال الي الفضاء الثاني.
وأريد ان أشدّد، أيضا، على ضرورة اهتمام البلديات، وكذلك كفّ المواطنين عن إلقاء الفضلات بالمصبّات العشوائية الموجودة على مستوى الغابات، والتي قد تفضي الى اندلاع الحرائق، علما وان الإدارة العامة للغابات تدخلت، مؤخرا، لإزالة احد المصبات بعين دراهم.