في عرض “المتوسط” وعلى بعد حوالي 30 ميلا عن شواطئ صفاقس (جنوب شرق)، حاول زورق الحرس الوطني السيطرة على قارب مهاجرين غير نظاميين، غير أن الوضع تطلب تعزيز الجهود بزورق سريع ثان للنجاح في المهمة
واكب فريق وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) عملية مطاردة قوارب المهاجرين غير النظاميين قبالة سواحل صفاقس لدى مرافقته نهاية الأسبوع دورية تابعة للحرس البحري بإقليم الوسط كانت تقوم بمهمة حماية الحدود البحرية للبلاد
حاول المهاجرون، الذين كانوا على متن القارب الحديدي، الضغط والمجابهة لإخلاء سبيلهم عبر التهديد بإلقاء رضيعين في البحر، ورشق الزورقين بالحجارة، غير أن طلائع الحرس سيطرت على الوضع بكفاءة وحرفية عاليتين
تعود خافرات السواحل التابعة لإقليم الوسط للحرس الوطني البحري يوميا إلى ميناء الصيد البحري بصفاقس وعلى متنها مئات المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء، بعد إحباط محاولاتهم الهجرة سرا نحو سواحل إيطاليا عبر قوارب “الموت”
عصر السبت الماضي، عادت الخافرة، التي رافقها فريق (وات)، إلى الميناء قبل موعدها المحدد .. إذ كان يفترض أن تستمر مهمتها لمدة 48 ساعة، غير أن اكتظاظها بالمهاجرين عجل بالعودة
بلغ عدد المهاجرين على متن الخافرة 102، بعد أن أحبطت وحدات الحرس البحري رحلتين سريتين، الأولى كانت في الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت الماضيين وضمت 41 مهاجرا، والثانية ظهر السبت ضُبط فيها 61 مهاجرا، بينهم رضيعان وامرأتان
يصطف المهاجرون في الميناء تحت حراسة دوريات الحرس الوطني البرية، قبل أن يتم نقلهم في حافلات
– 1900 مهاجر في ليلة واحدة !
تفيد إحصائيات تحصل عليها فريق (وات) من مصادر مطلعة، خيرت عدم الكشف عن هويتها، بأن فرق الحرس البحري تمكنت في ليلة واحدة من إحباط 53 محاولة هجرة غير نظامية نحو سواحل إيطاليا
حملت قوارب “الموت” في هذه المحاولات 1900 مهاجر، واختارت الإبحار في الأسبوع الأخير من شهر رمضان المعظم في أفريل الماضي
وأكد الناطق باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، في حوار خاص مع وكالة (وات)، أن وحدات الحرس أحبطت محاولة 21 ألفا و500 مهاجر غير نظامي بلوغ سواحل إيطاليا في الأشهر الأربعة الأولى فقط من العام الحالي
وتابع قوله إن فتح الحدود البرية والتساهل مع المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء سيؤدي إلى تضاعف أعدادهم في ظرف وجيز
وبين أن موقع تونس، المطل على السواحل الأوروبية، يجعلها بوابة إفريقيا ونقطة العبور نحو الضفة الشمالية للمتوسط
وقال إنه منذ سنتي 2016 و2017 ارتفعت وتيرة توافد المهاجرين من جنوب الصحراء على البلاد التونسية بشكل لافت، لاسيما بعد إلغاء التأشيرة في مؤتمر تونس/إفريقيا الصحراوي
وأضاف أن العديد منهم يأتون دون وثائق هوية، في حين أن القانون التونسي ينص على العديد من الضوابط فيما يتعلق بقانون الإقامة وقانون جوازات السفر
وأكد الناطق باسم الحرس الوطني أن ” تونس، لاهي بلد توطين للمهاجرين ولا هي بلد عبور”، مضيفا قوله ” لو نفتح الحدود البحرية سيتدفق عدد كبير لمهاجري جنوب الصحراء على البلاد لمحاولة الهجرة”
وتابع في هذا الشأن ” كلنا أفارقة .. ونحن نتعامل بمنطق إنساني، ولكن ليس لأحد الحق أن يدخل البلاد دون وثيقة قانونية”
لا تكلف رحلة المهاجرين غير النظاميين، الذين يمتطون قوارب حديدية بدائية نحو سواحل أوروبا، الكثير
وتتراوح كلفة الرحلة بين 30 و40 ألف دينار على أقصى تقدير، يتقاسمها 50 مجتازا، وهو معدل عدد “المجتازين” في الرحلة الواحدة
هذا الأمر يفسر تكرر حالات العود، والعدد الكبير المسجل للرحلات يوميا، وفق ما ذكره عناصر من الدورية البحرية لفريق (وات)
-الموج هادر .. والوضع تحت السيطرة
عمليات المطاردة، التي واكب فريق (وات) إحداها من على متن الخافرة البحرية (تتولى قيادة الدوريات البحرية)، تكاد تكون يومية بسواحل صفاقس .. فلا تعود دورية إلى الميناء إلا لتحل محلها أخرى، وفق ما أكده أفراد من طاقم الخافرة
في المقابل، وعلى قارب “الموت”، الذي تُلاطِمه الأمواج المتعالية، يكابد جزء من على متنه من أجل إفراغه من المياه التي تكاد تغمره، في حين يحاول آخرون صد محاولات الحرس إثناءهم عن مواصلة رحلتهم، مطالبين بتركهم في حال سبيلهم وهم في حالة من التشنج والهيجان
يقول الجبابلي في هذا الشأن ” لقد خلفت لحظة المطاردة في البحر، قبل السيطرة على مراكب المهاجرين، عنفا مسلطا على عدد من أعوان الحرس البحري”
ويتابع قوله ” المهاجرون يحملون أكياس حجارة وأسلحة بيضاء متنوعة وزجاجات حارقة، أحيانا، للتصدي لقوات الحرس الوطني الحارسة للحدود البحرية ”
استطاع سبعة عشر عنصرا من أفراد الطاقم، بمن فيهم قائدها والملاح المهندس، بسلاسة وحنكة فائقتين، السيطرة على جميع المشاركين في الرحلة غير النظامية، وإركابهم الخافرة
عاد بعض الهدوء على متن الخافرة بعد حالة تشنج وارتباك في صفوف المهاجرين .. كانت خيبة الأمل والحسرة بادية على وجوههم بعد أن انتهت الرحلة قبل سويعات قليلة من تحقيق الحلم
حالة الإنهاك التي كان عليها المهاجرون، المتراصّون في مقدمة الخافرة، لم تمنعهم من الإلحاح على إخلاء سبيلهم، وترديد ندائهم ” اتركونا نواصل رحلتنا، دعونا نعود إلى البحر .. ” لمبادوزا، لمبادوزا”