قالت وزيرة المالية، سهام البوغديري نمصية، ان إحداث البنك البريدي، يعد مسألة استراتيجية، ولا يمكن البتّ فيها على مستوى مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي.
وبينت الوزيرة، خلال جلسة استماع عقدتها لجنة المالية، امس الخميس، حول مقترح قانون يتعلّق بتنقيح القانون عدد 13 لسنة 2023 المؤرخ في 11 ديسمبر 2023 يتعلق بقانون المالية لسنة 2024 ومشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي، أنه يجب النظر في هذا الموضوع في إطار رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار أهمية موارد الادخار بالنسبة للمالية العمومية واستراتيجية تطوير القطاع البنكي والمالي وأهمية الخدمات البريدية بالإضافة إلى تموقع البريد في قطاع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
واضافت نمصية، ردّا على مقترح تقدم به نواب الشعب بإحداث بنك بريدي بالنظر الى دوره الأساسي في إنجاح مشروع هذا القانون، انه علاوة على مستوى الإجراءات، فان احداث بنك أو تحويل مؤسسة الى مؤسسة بنكية، يخضع الى ترخيص لجنة التراخيص بالبنك المركزي، التي تعمل وفقا لإجراءات القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية.
وتابعت موضحة إن البريد التونسي مؤسسة عمومية مكلفة بتسيير صندوق الادخار الوطني التونسي لفائدة خزينة الدولة، وأن إيداعات الحرفاء مضمونة لدى البريد التونسي وهي موضوعة على ذمة حساب الخزينة وهي مصدر رئيسي لتمويل ميزانية الدولة.
وخلصت الى القول بأنّ هذا الملف قابل للدرس في إطار الرؤية المذكورة بتشريك كل الأطراف المتداخلة مع الأخذ بعين الاعتبار للآثار السلبية على التوازنات المالية خاصة في هذا الظرف الدقيق.
يذكر ان ممثل البنك المركزي، قال خلال جلسة استماع عقدتها لجنة المالية بالبرلمان، يوم 19 مارس 2024، حول مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي، إنّ الموقف المبدئي من احداث بنك بريدي لا يرفض هذا الموضوع لكنه يتطلب الدرس لكي يكون مشروعا ناجحا بحكم ارتباطه بالخدمات المالية والودائع ومنح القروض وخدمات الدفع ويتجاوز كل الإشكاليات التي يمكن أن تطرح.
يذطر ان منظمة “آلارت” طالبت، في ديسمبر 2023، بمنح البريد التونسي الموافقة على مشروع البنك البريدي وذلك في سياق مجموعة من المطالب التي أكدت أهمية التسريع في تنفيذها والمتعلقة، أساسا، بمراجعة شروط الترخيص لممارسة العمليات البنكية، بما فيها الشخصية والحد الأدنى لراس المال، ومنع المساهمات التي تزيد عن 5 بالمائة في أكثر من بنك علاوة على إنشاء هيئة رقابية مستقلة مخصصة للقطاع البنكي.
وبينت “آلارت”، المنظمة غير الحكومية والمتخصصة في مكافحة الممارسات الاحتكارية واقتصاد الريع، ان مطلب الموافقة على تحويل مؤسّسة البريد التونسي الى بنك، يكتسي أهمية قصوى، إذ طالبت بتنفيذه مؤسّسة البريد نفسها، وذلك باعتبار دوره في دعم الادماج المالي والحدّ من الاقتصاد غير المنظّم في البلاد ومساعدة الفئات الهشّة على النّفاذ الى التمويل.
ونشر المعهد التّونسي للدراسات الاستراتيجية، الرّاجع بالنّظر لرئاسة الجمهورية، في هذا الادار دراسة أكّدت أن تحويل البريد التونسي إلى بنك يساعد على الادماج المالي باعتبار أن 700 الف تونسي يزورون مكاتب البريد يوميا فضلا عن تصرف المؤسسة في 3.6 مليون حساب ادخار و 1.8مليون حساب بريدي جاري في حين تناهز قيمة الموجودات 13 مليار دينار.
كما بينت الدراسة ان معدل رصيد حساب الادخار في البريد التونسي يقدر بحوالي 2200 دينار وهو ما يبين اهمية حصة مؤسسة البريد في السوق بما يمكنها من لعب أدوار متعددة خصوصا في مجال التمويل الصغير وإقراض الحرفاء بشكل عام.
وأكد المعهد انه لتحقيق نقلة نوعية مالية في مؤسسة البريد التونسي فإنه من الضروري مزيد تطوير مناهج العمل فيه ودعم حوكمته مع الاستئناس بالتجارب الدولية الناجحة في هذا المجال اذ تتحوز عدة بلدان على بنوك بريدية منها المغرب والبرازيل.
وبالنظر لتجربة المغرب فإن احداث بنك بريدي فيها مكنها من تحقيق اكثر من 10 نقاط مائوية في نسبة الادماج المصرفي وهو أمر متاح لتونس خصوصا ان البريد التونسي يمتلك شبكة فروع تتكون من اكثر 1040 مكتب بريدي نصفها في الأرياف وهو مجهزة بالأنظمة المعلوماتية المتطورة بالكامل.