تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة، اليوم الجمعة، حول عدد من المواضيع التي تخص الشأن الوطني والعالمي مثل تسليط الضوء على اغتيال الرجل الاول في حركة حماس، يحيى السنوار، وتداعيات استشهاده على اعادة ترتيب مشهد الصراع في المنطقة وفتح ملف هجرة الادمغة واستعراض الحلول الممكنة لمجابهة هذه الظاهرة الى جانب التطرق الى الجدل القائم حول اجراء الزيادة في الضريبة على الدخل الذي سيرد بمشروع قانون المالية لسنة 2025.
سلطت جريدة (الصحافة) في افتتاحية عددها اليوم، الضوء على اغتيال الرجل الاول في حركة حماس، يحيى السنوار، مشيرة الى أن تداعيات استشهاده ليست فقط تحطيم الصورة السلبية للمقاومة الاسلامية حماس التي كان يروج لها الاحتلال ويستهدف عبرها المقاومة وقادتها لعزلهم عن حاضنتهم الشعبية، بل ستكون في اعادة ترتيب مشهد الصراع في المنطقة واعداده لمرحلة جديدة.
وأضافت أن هذا ‘المكسب’ الذي حققه الاحتلال ولو كان ‘مصادفة’ سيحقق له مادة دعائية يمكنها أن تعالج ما خلفته عملية طوفان الاقصى من ضرر في صورة الاحتلال كقوة كبرى كما أنه سيعيد الزخم الذي فقده الاحتلال بعد الضربة الايرانية الاخيرة معتبرة أن هذا لا يعني أنه حقق النصر أو أنه اقترب منه.
وأبرزت الصحيفة، أن ما يسوق له الاحتلال بأن استشهاد السنوار يمكن أن يحقق واقعا سياسيا وأمنيا جديدا في غزة عنوانه الابرز أن القطاع سيكون دون حركة حماس وثانيا تسويقه الى أن استشهاد، السنوار، سيوفر له امكانية الافراج الفوري عن أسراه لدى المقاومة وهذا يكشف عن قراءة مختلة للاحتلال للواقع الفلسطيني.
وفي سياق متصل، تطرقت جريدة (الصباح) في مقالها الافتتاحي، الى حجم الاجرام الذي وصل اليه الكيان الصهيوني في عدوانه على جبهتي غزة ولبنان بعد أن أضحى يدفع بكل قوته لفرض أمر واقع لمستقبل الشرق الاوسط تقوم قوى المقاومة بتحويله ل’أضغاث أحلام’.
وأضافت أن حجم الاجرام وحرب الابادة التي تستهدف المدنيين في كلا الجبهتين مرحلة لا يمكن وصفها الا أننا أمام ‘كيان مسعور’ أصيب بلوثة العلوية والعنصرية البغيضة التي كشفت كل الحقيقة حول فشل منظومة ونظام عالميين ودوليين سيطرا على العالم أكثر من 70 عاما ولم يحققا آمال ‘مهندسهما’ ابان الحرب العالمية الثانية في حماية حقوق الانسان وعلويتها.
وأبرزت أن هذا الكيان أصبح مسعورا خصوصا وأنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه، لا السياسية ولا العسكرية ولا حتى الاستراتيجية، في قطاع غزة وهو الان يتعرض لنكسات متعددة وعديدة في جنوب لبنان حيث زاد من عدد ألويته المحاربة هناك الى 6 ألوية من نخبة جيشه، ولم يتمكن كذلك من تجاوز الخط الازرق حيث أضحت قوات الامم المتحدة ‘اليونيفيل’ هي هدف الحرب مع عدم تمكنه من ‘فك شفيرة’ أنفاق جنوب لبنان مثلما فشل في ‘كشف طلاسم’ امتدادات أنفاق المقاومة في القطاع.
وبينت أن اجابة الاحتلال دائما اذا ما تعلق الامر بفشل عسكري (وخصوصا بري) تكون دائما على حساب المدنيين العزل اما تجويعا أو ترويعا أو قتلا باستهداف جوي أو مدفعي وذلك في اتجاه ممنهج نحو فرض أمر واقع بالتهجير من شمال القطاع مثل الذي يحدث في مخيم جباليا منذ أكثر من أسبوع وكذلك في جنوب لبنان، وفق ما ورد بالصحيفة.
وفي موضوع آخر، أثارت جريدة (الصحافة) استفهاما جوهريا حول الحلول الممكنة لمجابهة نزيف هجرة الادمغة مشيرة الى أنه منذ ما يزيد عن العقدين برزت الظاهرة بشكل ملح وأصبحت أكثر حدة في السنوات الاخيرة بعد أن تنامت بشكل كبير وخطير ولكننا “لم نفعل شيئا من أجل ايقاف هذا النزيف”.
وأكدت، في هذا الصدد، على ضرورة تركيز جهود الدولة في ايجاد حلول عميقة وجذرية لهذه الظاهرة عبر ايجاد استراتيجية وطنية يتدخل فيها كل الفاعلين في المجالات المعنية والاستئناس برؤية الخبراء والمختصين ثم فتح جسور حوار مع البلدان التي تستقبل سنويا أعدادا كبيرة من الكفاءات التونسية والتفاوض معها بشأن الاسهام في مجال التكوين الجامعي في تخصصات الهندسة والطب على سبيل المثال.
وأبرزت أن بعض البلدان اعتمدت هذه الاستراتيجية ويمكن الاستلهام منها ويمكن أن يتم الانطلاق من خلال الحوار مع الشريك الفرنسي باعتبار أن هذا البلد يستقطب العدد الاكبر من الادمغة التونسية ونظرا لعوامل كثيرة من بينها عراقة العلاقات وعامل اللغة وطبيعة العلاقات التاريخية وبالتالي يمكن أن التفاوض مع الفرنسيين من أجل المساهمة بشكل مباشر في مجال البحث العلمي في بعض التخصصات على غرار الطب والهندسة، حسب ما ورد بالصحيفة.
وبخصوص الجدل القائم حول اجراء الزيادة في الضريبة على الدخل حاورت نفس الصحيفة، الاستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي، رضا الشكندالي، الذي “حذر مجلس نواب الشعب من تمرير مشروع قانون المالية لسنة 2025 الذي يتضمن هذا الاجراء واصفا اياه بالخطير باعتباره قد يتسبب في زيادة نسبة الفقر وفي انهيار ما تبقى من الطبقة الوسطى في تونس”.
وأضافت نقلا عن، نفس المتحدث، أن “واضعي هذا الاجراء ربما اعتقدوا أنهم يخدمون العدالة الاجتماعية لكنهم في الواقع بعيدون كل البعد عن فهم الواقع التونسي، ففي ظل انهيار القدرة الشرائية للمواطن لا يتماشى هذا المقترح مع احتياجات المجتمع ولا ينصف الشرائح الاكثر تضررا”.
وشدد، الشكندالي، على أن “ضرب الطبقة المتوسطة ستكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد، فالطبقة المتوسطة تساهم في تحقيق نمو يعادل 5 بالمائة قبل سنة 2011، وفي ظل الازمة الاقتصادية التي تمر بها تونس حاليا يعتبر الحفاظ على هذه الطبقة مسألة حيوية خاصة مع تأثرها سابقا بعديد الاجراءات مثل ارتفاع أسعار الفائدة المفروضة من البنك المركزي” مبرزا أن “ذلك ما يفسر الركود الاقتصادي الذي تعيشه البلاد”، وفق ما ورد بالصحيفة.