تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة، اليوم الجمعة، حول عدة مواضيع تخص الشأن الوطني مثل تسليط الضوء على الفكرة التي طرحها رئيس الجمهورية ‘أن يتحلى كل مسؤول بعقلية المناضل’، وأبعادها وطرح تساؤل حول مدى قدرة مساعي الطبوبي ومحاولاته لامتصاص غضب قيادات اتحاد الشغل الذي يعيش على وطأة الصراعات الداخلية والانقسام الى جانب فتح ملف التمويل المشبوه للجمعيات والتأكيد على أهمية تفادي “التأثيم الجماعي”.
خصصت جريدة (الصحافة) افتتاحية عددها اليوم لتسليط الضوء على الفكرة التي طرحها رئيس الجمهورية في المجلس الوزاري الاخير “أن يتحلى كل مسؤول بعقلية المناضل” معتبرة أنها تؤكد على أن حجم الخراب الكبير الذي ضرب البلاد في أكثر من مقتل انما يستدعي طاقة كبرى وعقلا نضاليا استثنائيا الى غاية الخلاص النهائي.
وأكدت الصحيفة أن الجميع لا يعرف مدى انسجام أعضاء الحكومة مع الفكرة التي طرحها الرئيس ولكن الكل يعرف، في الواقع، مدى انسجام، قيس سعيد، مع فكرته وهو الذي يتحرك ويتحدث ويخاطب مواطنيه ‘بعقلية النسؤول المناضل’ الملتصق بمشاغلهم وقضاياهم بالفعل لا بالمجاز ومشيرة الى أن ذلك يتجلى بعمق في زياراته غير المعلنة وفي أحاديثه ذات الحمولة الثورية الثقيلة وفي حماسته وفي حدة خطابه حينما يتعلق الامر بالسيادة الوطنية وباستقلالية القرار الوطني.
واعتبرت، في هذا السياق، أن الخطاب الرئاسي حاد وصارم وعالي النبرة ولا تحفظات لديه وهذه طبيعة المسؤول الذي يتحلى بعقلية الكناضل، فلا تسامح لديه ولا تواطؤ عندما يتعلق الامر باستقلالية القرار الوطني وبالسيادة الوطنية عموما فهذه خطوط حمراء لا يمكن المساس بها على الاطلاق.
وفي نفس الاطار، اعتبرت صحيفة (لابراس) أن هذه الفكرة التي طرحها رئيس الجمهورية، قيس سعيد، غيرت مفهوم ودور المسؤول الاداري حيث لم يعد الشخص المسؤول هو ذلك الشخص الذي يعمل ببرود، أو التكنوقراط القادر على قيادة وزارة في أي بلد من خلال تطبيق وصفة أبدية والاستلقاء في مكتبه المريح.
وأبرزت أنه يتوجب على المدير الجديد أن يستجيب أخيرا لهذه الثلاثية المتمثلة في الكفاءة والتخصص والنشاط، وخاصة النشاط بكل ما تحمله هذه الكلمة من إحساس بالمسؤولية وأيضا بتسخير الذات مشيرة الى أنه هكذا وصلنا إلى هذه النقطة العصبية في الاجتماع الوزاري الاخير، رؤية سياسية جديدة تم تصورها من أعلى قمة للدولة تحاول تحريك كل الخطوط التي رسمتها المصالح الشخصية والربح والجمعيات المشبوهة.
وخلصت الصحيفة الى أن هذه الرؤية، عالية التحليق، تستحق أن تكون واضحة مشيرة الى أن الرئيس، قيس سعيد، الذي تم انتخابه لتحقيق تطلعات الشعب، قال إنه يواصل النضال ولا يتخلى حتى عن ذرة واحدة من توقعات ناخبيه.
أما صحيفة (المغرب) فقد أثارت في ورقة خاصة، استفهاما جوهريا حول مدى قدرة مساعي الطبوبي ومحاولاته لامتصاص غضب قيادات اتحاد الشغل الذي يعيش على وطأة الصراعات الداخلية والانقسام وتهديد قيادات بالاعتصام.
وأضافت الصحيفة أن، الاتحاد العام التونسي للشغل، يعيش منذ فترة على وقع أزمة غير مسبوقة أثرت على صورته وعلى دوره الوطني لا سيما مع تواصل القطيعة مع رئيس الجمهورية ومع الحكومة لافتة الى أنها أزمة تعمقت بع انعقاد المجلس الوطني في شهر، سبتمبر الماضي، من خلال رفض بقية أعضاء المكتب التنفيذي امضاء محضر اجتماع المجلس وعدم اصدراه ورفض عقد مؤتمر استثنائي أو تقديم المؤتمر الى سنة 2025 والذي نصت عليه النقطة 12.
وحاورت الصحيفة في هذا الخصوص، الامين العم المساعد لاتحاد الشغل المسؤول عن القطاع الخاص، الطاهر المزي البرباري، الذي أكد أن قرار الدخول في اعتصام مفتوح مازال قائم الذات الى حد هذا اليوم مشيرا الى أن هناك مساع من بعض الجهات والقطاعات لفض هذا النزاع وايجاد حل.
وأضاف المتحدث قائلا “لا نعرف مخرجات ونتائج المساعي بعد وهناك اختلاف في المواقف بين من يطالب بالتعجيل بعقد هيئة ادارية وطنية لفض الخلاف ومن يطالب بالتسريع في عقد مؤتمر استثنائي سنة 2025.
أما جريدة (الصحافة) فقد تطرقت الى ملف تمويل الجمعيات الذي تم فتحه مؤخرا وخاصة التمويل الاجنبي المشبوه، حيث أصبحت كل الجمعيات محل شك وملاحقة بوصم التمويل المشبوه في ذهن المجتمع معتبرة أن ذلك يبدو حكما قاسيا وغير عادل من منطلق أنه ليست كل الجمعيات مشبوهة ولا كلها أنشطتها مريبة ومثيرة للشكوك ولا كلها مولت الارهاب واقترفت أفعالا غير قانونية حتى يصبح التأثيم جماعيا.
وأضافت أنه لا جدال في وجود جمعيات اقترفت تجاوزات واخلالات وخرقت القانون أو حادت عن نشاطها الاصلي أو تورطت في جرائم خطيرة ولكن ذلك لا ينفي حقيقة أن بعض الجمعيات الاخرى بذلت مجهودات خارقة للدفاع عن بعض الفئات الهشة وحماية حقوقها وتحسين عدة أوضاع مزرية ودعم الحريات وساهمت بقوة في بناء الوعي المجتمعي في عدة قضايا.
وأبرزت، في هذا الاطار، أنه، ولئن كانت هناك جمعيات أخلت بدورها كما يضبطه القانون أو تم توظيفها لغايات معينة، فان ذلك لا يبرر عملية التجريم الجماعي ولا الوصم الذي يمكن أن يجهز على كل نشاط مدني ويمكن أن يغذي تيار شيطنة النشطاء في المجتمع المدني الذي يبقى دائما احدى أهم الركائز التي تنهض من خلالها المجتمعات وتتقدم، وفق ما ورد بالصحيفة.