بات التطرّف الديني في تونس يأخذ شكل كرة الثلج بعد الأحداث المتكرّرة التي يشنّها من وقت لآخر شباب محسوبون على “السلفية” غير عابئين بدولة القانون. هذا الخطر بات يتوجس المراقبون منه خيفة من أن يتطوّر إلى أعمال أكثر فظاعة تهدّد أمن البلاد واستقرارها وتمسّ بوحدة الدولة والسلم الاجتماعي، كما أصاب الخراب الجزائر …
“الزمقتال”..مشروع لاختطاف الدولة التونسية؟ |
بات التطرّف الديني في تونس يأخذ شكل كرة الثلج بعد الأحداث المتكرّرة التي يشنّها من وقت لآخر شباب محسوبون على "السلفية" غير عابئين بدولة القانون. هذا الخطر بات يتوجس المراقبون منه خيفة من أن يتطوّر إلى أعمال أكثر فظاعة تهدّد أمن البلاد واستقرارها وتمسّ بوحدة الدولة والسلم الاجتماعي، كما أصاب الخراب الجزائر في التسعينات حينما رفع الإسلاميون راية "لا ميثاق لا دستور.. قال الله قال الرسول" فكان الثمن 200 ألف ضحية…
تكبيييير !!!
لقد أظهرت أعمال العنف التي قادتها جماعات دينية متشددة ضدّ الحانات في ولاية سيدي بوزيد مدى تغلغل التعصّب، الذي تصدّره الوهابية المتشددة من الشرق، في عقول شباب متعطش للدّين، عن طريق مشايخها وزعماتها، الذين يكيدون كيدا ليبسطوا نفوذهم باسم الدين ويختطفوا الدولة.
حرق وتدمير وخراب مسّ ممتلكات الناس دون أن يجابه ذلك بحزم الأمن وتطبيق القانون، لتأتي فيما بعد رسالة لوم طائشة مكتوبة على صفحة نقابة قوات الأمن في الفايس بوك، يحمّل فيها "رجال الأمن" وزير الداخلية مسؤولية ما حدث بأكمله بسبب ضبابية الموقف السياسي، الذي جعلهم فرسانا للفرجة، فتتحوّل البلاد إلى غابة يفترس فيها القوي الضعيف.
وفيما كانت تصريحات وزير العدل نور الدين البحيري، بنبرة حادّة، تحاول أن تطفأ لهيب القهر الذي أصاب "الأغلبية الصامتة" وتعيد للدولة هيبتها المفقودة، يتساءل البعض عن سرّ صمت وزير الداخلية بالذات عن تلك الأحداث الدخيلة التي لا تمت للإسلام الحنيف بصلة، وعمّا إذا كان يخشى من أن يتسبب موقفه في إحراجه أمام زعيم السلفية الجهادية أبو عياض التونسي الذي سبق أن حذره بقوله "الزم حدودك ! "، قبل أن يبلغه من جامع "الفتح" بالعاصمة بأنّ صبره بدا ينفد !
القتال و"الزمقتال"
وبينما تواصل المؤسسة الأمنية النوم في العسل، استعرض بعض أنصار الشريعة الإسلامية بالقيروان يوم الأحد أمام أنظار زمرة من المشايخ والزعامات فنون القتال و"الزمقتال" وسط هتافات التكبير "المجيدة"، في مشهد يطرح أكثر من تساؤل عن المشروع الذي يحمله "في جعبتهم" هؤلاء "الأبطال" بعد الثورة، دون أن يقض مضجعه أحد؟؟؟
إنزال للعلم التونسي وحرق للعلم الأمريكي أمام السفارة وفرض للنقاب بالجامعة ومطالب بفصل الإناث عن الذكور ودعوات لختان البنات وغزوات للمناطق السياحية وللمطار والساعة وإطلاق لفتاوى جاهلة تحرّم سفر الأنثى دون محرّم و"زمقتال" وتحريض على تطبيق الحدود داخل المجلس التأسيسي… وأعمال إرهابية ومؤامرات خبيثة سفكت فيها الدماء بدءا بأحداث الروحية وحتى بئر علي بن خليفة بصفاقس.
في الأثناء، بقيت الدولة ضعيفة بلا هيبة ولا أمان رغم حالة الطوارئ السارية بلا نفع، فيما تعالت سابقا أصوات قياديين في حركة النهضة الإسلامية وعلى رأسهم زعيمها راشد الغنوشي "رضي الله عنه" بأنّ السلفيين ليسوا فزاعات وإنما هم يبشرون بثقافة جديدة… ثقافة "الزمقتال"… بل قل ثقافة "الموت" التي دأب على زرعها بعض المشايخ والآئمة من الذين يحرضون في المساجد "المستعمرة" فيما بين الصلوات وخطب الجمعة على "الجهاد" لتجييش مشاعر الشباب وإرسالهم في معارك طاحنة في ليبيا من قبل وسوريا حاليا، بشهادة وزير الداخلية، الذي تحسر، دون أن تدمع عينيه، على أنّ بعضا من شبابنا غامر إلى سوريا بلا تفكير في العواقب.
إنّ دورك وزير الداخلية الذي استأمنتك عليه الحكومة ومن انتخبها ومن لم ينتخبها، على صعوبته، ليس التصريح بالتحسّر والغبن وإنما الحفاظ على سلامة البلاد والعباد وممتلكاتهم. فلا يخفى على أحد أن مجموعات إرهابية تونسية تتلقى تدريبات في ليبيا وأن خلايا القاعدة ترتع بلا عقاب، ولا يخفى على أحد أننا صرنا وجهة محفوفة بالمخاطر لدى الغرب. فإلى أين تسير بلادي سيدي وزير الداخلية؟
|
خميس بن بريك |