الحمد للّه أنْ هدى شُرَطنا الأبيّة إلى ما يرضاه، فطلّقت الشعار الكريه المقترن بالديكتاتوريّات “الشرطة في خدمة الشعب” لتعتنق شعار المرحلة “الشرطة في خدمة اللّه”، وتنشئ في مهامّ ا…
شعوذات مروريّة:شرطيّ برتبة محتسب ! |
الحمد للّه أنْ هدى شُرَطنا الأبيّة إلى ما يرضاه، فطلّقت الشعار الكريه المقترن بالديكتاتوريّات "الشرطة في خدمة الشعب" لتعتنق شعار المرحلة "الشرطة في خدمة اللّه"، وتنشئ في مهامّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كذلك لوحِظ قبيل الشهر الكريم كيف كان بعض أعوان الأمن التائبين ينهون المضاحيك وشرّاب النبيذ على معاقرتهم أمّ الخبائث في الأواخر من شعبان، ثمّ وقد صدرت إليهم التعليمات بدوريّاتِ حِسبة يدعون فيها إلى غضّ البصر وإماطة "أذى المتبرّجات" عن الطريق، والتضييق على إماء اللّه اللّواتي تأخّرت ساعة عودتهنّ إلى بيوتهنّ فوقعن في قبضة "هيئة الحسبة" المتنكّرة في أزياء الأمن "الجمهوريّ". وها هي الحملات تتْرى لكفّ أذى المفطرين المحشورين في مقاه ومطاعم ضيّقة غارقة في الدخان وأبخرة الزيوت المقليّة.. وإنْ قُبِضتْ أيادي بعض الشُّرَط عن خلق اللّه نابت عنها أيادي أقوام غادروا للتوّ كهوفهم وطفقوا يمارسون هوايتهم الأثيرة: التنكيد على التونسيّين والتونسيّات باسم "الضوابط" و"الثوابت" بهدايتهم إلى الدين القويم، وترك ضلالتهم الأولى، وما كان عليه آباؤهم من جاهليّة جهلاء ووثنيّة كأداء ! كلّ شيء على ما يرام في هذا الربيع العربيّ الذي يُراد له أن ينتسخ نماذج صحّ بها العِيان والتجربة من أفغانستان وبلاد خراسان مرورا بفارس وإيران وشبه جزيرة العرب واليمن السعيد ونزولا إلى سواحل زنجبار والصومال والسودان. في أحد طرقات "غزّة"، فاجأ شرطيّ مرور صالحٌ سائقي السيّارات، وهو يقيم حُكم اللّه في القطاع المحاصر. تمثّلت المفاجأة الغريبة في قيام هذا العبد الصالح بمعاقبة مخالفي السير عقوبة من جنس ليس للغزّاويّين سابق عهد به . تحدّثت الأخبار في الأيّام الأولى لشهر رمضان عن أنّ هذا الشرطيّ بعد أن ينتزع أوراق المركبة المخالفة، يقترح على السائق الاستغفار ألف مرّة مقابل إعفائه من الرسوم المتمثلة بـ 50 "شيكل" وإعادة أوراق مركبته التي سحبت منه. وبالفعل، لم يتردّد بعض السوّاق المخالفين في استلام المسبحة من يد الشرطيّ الصالح، والتسبيح بحمد اللّه حتّى المائة فالمائتين وصولا إلى الألف ! ولئن انقسم من حضر الواقعة بين راض ومستغرب، فإنّي لا أجد في هذا الاجتهاد الصائب إلاّ سبيلا من سبل المضيّ في بسط نواميس دين اللّه على جوانب حياة الناس في "غزّة"، ولمَ لا تقديم مقترحات إسلاميّة خصوصيّة لإثبات أنّ الإسلام لم يغفل مجالا من مجالات الحياة إلاّ وشملها، وأنّ قوانينه تنسحب على كلّ شيء بما في ذلك مدوّنة المرور الوضعيّة . خبر هذا الرجل الصالح، وإن بدا غريبا لأوّل وهلة، فإنّه سيرٌ على نهج رجال بررة في "الدمّام" بالمملكة العربيّة السعوديّة أسلم على أيديهم البيضاء خمسة أشخاص من العمالة الآسيويّة الوافدة ( والضالّة بالأساس ! ). وتذكر الأخبار المهتمّة بتكاثر أهل الإسلام ذبّا عن بيضة الدين، ومفاخرةً لسائر الهلكى من الأمم الضالة أنّ قسم الإرشاد والتوجيه بمرور "الدمّام" قد قام بإقناع الوافدين الخمسة الذين ضبطوا مخالفين لقواعد السير والمرور بمبادئ الإسلام السمحة، وتمّ تثبيت إسلامهم – دون رجعة – في مركز دعوة الجاليات بـ"الدمّام" بعد أن أعلنوا – مقتنعين طبعا !!– دخولهم في الإسلام خلال توقيفهم بمرور المنطقة. وأوضح مدير المرور، هناك، أنّ إدارة المرور تسعى إلى توعية النزلاء خاصّة الأجانب، وذلك من خلال البرنامج الدعـويّ الذي أعدّه قسم الإرشاد . فهل تقتدي شُرَطُ بلدان أخرى (ومنها شُرَطُنا التي بدأت تظهر عليها مخايل الورع والتقوى ! ) بهذه الشرعة الإسلاميّة في تنظيم السير والمرور، على الأقلّ في هذا الشهر الفضيل، بانتظار تعميمها على مدار العام، ولمَ لا يتمّ تصديرها، في مرحلة لاحقة، إلى العالمين؟ هم بدؤوا بمسايرتنا حين أخذوا عنّا مصارفنا ومحاكمنا الإسلاميّة، وقريبا يدركون أنّ آداب الطريق الإسلاميّة بديل ممكن عن قوانين المرور الوضعيّة ! |
بقلم مختار الخلفاوي |