شهدت تونس يوم 9 أفريل 2012 أحداث عنف في العاصمة وبعض المناطق الأخرى بمناسبة الاحتفال بعيد الشهداء خلال مسيرة انتظمت للغرض نتج عنها مواجهات بين أعوان الأمن والمواطنين وبعض الميليشيات الأمر الذي تسبّب في …
تونس- لجنة التقصّي في أحداث 9 أفريل: الوعد الزائف |
شهدت تونس يوم 9 أفريل 2012 أحداث عنف في العاصمة وبعض المناطق الأخرى بمناسبة الاحتفال بعيد الشهداء خلال مسيرة انتظمت للغرض نتج عنها مواجهات بين أعوان الأمن والمواطنين وبعض الميليشيات الأمر الذي تسبّب في تعنيف المتظاهرين وحصول إصابات متفاوتة الخطورة واضطراب كبير في البلاد.
وتواصل العنف في مطلع شهر جوان بحصول أحداث عنف كبيرة مما استدعى السلطات العليا إلى إقرار حظر التجول في 8 مدن تونسية منها إقليم تونس الكبرى لمدة ثلاثة أيام بعد الخوف الذي انتاب التونسيين من الحجم الكبير للعنف والتطاول على السلطات الأمنية وذلك على خلفية رسوم قصر العبدلية بالمرسى التي اعتبرتها المجموعة السلفية نسيئة للمقدسات.
وقد أخذت هذه الأحداث أبعادا سياسية وحصل بشأنها جدل وطني إلى حد تبادل الاتهامات والتخوين وتعمّد ضرب أمن البلاد واستقرارها وعلى ضوء ذلك قرر الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي تكوين لجان لتقصي الحقائق خاصة بالنسبة إلى أحداث 9 أفريل الماضي في حين أن أحداث قصر العبدلية تكفلت بها وزارة الداخلية.
وبالنسبة إلى لجنة تقصي الحقائق في أحداث 9 أفريل فقد تمّ الإعلان عن تركيبتها الممثلة لكل الكتل الحزبية المكونة للمجلس وحصلت تغطية إعلامية لبداية أشغال اجتماعاتها التي لم تكن على حدّ علمنا كبيرة ومكثفة، وسرعان ما تم التوجه إلى ملفات ومسائل أكثر حُرقة وآنية ونعني بذلك ضغط رزنامة إعداد مسودة الدستور (للتذكير هذه المسودّة لم تجهز بعد بسبب حصول تأخير في أعمال بعض اللجان التأسيسية وحصول عدم توافق في بعض المسائل الجوهرية من ذلك تحديد النظام السياسي للبلاد…) علاوة على تتالي أحداث أخرى ذات أهمية أيضا من ذلك موضوع تسليم البغدادي المحمودي وإقالة محافظ البنك المركزي التونسي وتعيين محافظ جديد.
إلى ذلك من تواصل عمل كل اللجان بنسق ماراطوني في الصائفة لربح بعض الوقت ولتسجيل تقدم في صياغة التوصيات بالإضافة إلى انعقاد العديد من الجلسات العامة للمصادقة على مشاريع قوانين ذات صبغة اقتصادية على قدر من الأهمية.
كل هذه العوامل الموضوعية لا يجب أن تحجب التقصير الحاصل على مستوى لجنة تقصي الحقائق في أحداث 9 أفريل حتى إن البعض ذهب إلى أن تكوين اللجنة كان بمثابة ذرّ رماد على العيون وضرب من ضروب إسكات الرأي العام الوطني وتهدئة الخواطر، في الوقت الذي حصلت في ذلك اليوم العديد من التجاوزات والانتهاكات لا سيما من المجموعات غير الأمنية والتي تم وصفها بالميليشيات المنتمية لحزب مُعيّن.
أمام الاستحقاقات السياسية القادمة المطروحة على المجلس الوطني التأسيسي وفي مقدمتها الإسراع بإعداد مسودة الدستور ثم النظر في المشروع الجديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات والثابت أنها ستتطلب وقتا كبيرا للمصادقة عليها بسبب التجاذبات الحاصلة بشأن المشروع الجديد علاوة على إعداد المجلة الانتخابية من دون التغافل عن عمل اللجان بخصوص النظر في العديد من مشاريع القوانين ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية، ستجعل من الصعب جداّ أن تجتمع لجنة تقي الحقائق في أحداث 9 أفريل الفارط ومواصل استعراض كل الحيثيات والملابسات واستماع إلى الأطراف المعنية والاتصال بالجهات التي لها علاقة مباشرة بالموضوع.
بناء على ما تقدم فإنه من الصعب جدا إن لم نقل من المستحيل معرفة نتائج أعمال هذه اللجنة وتوصياتها أو حتى تحرير تقرير نهائي في الغرض، لتطوى صفحة أخرى في مجال الوعود الزائفة وعدم الجدية في متابعة الملفات وإعطاء صورة حقيقية في مجال بناء العدالة الانتقالية على قواعد سليمة وصحية!!!
|
مهدي الزعلامي |