رجح خبراء في المجال البيئي والمناخ أن تتسبب أولى أمطار فصل الخريف لهذا العام في فيضانات خطيرة بتونس لا سيما بالمدن الكبرى وبالأحياء الشعبية المتاخمة لها ويعود السبب في ذلك إلى تراكم الفضلات داخل البالوعات وقنوات تصريف المياه والمجاري…
فيضانات خطيرة تهدد تونس في الخريف بسبب انسداد البالوعات وقنوات تصريف المياه |
رجح خبراء في المجال البيئي والمناخ أن تتسبب أولى أمطار فصل الخريف لهذا العام في فيضانات خطيرة بتونس لا سيما بالمدن الكبرى وبالأحياء الشعبية المتاخمة لها ويعود السبب في ذلك إلى تراكم الفضلات داخل البالوعات وقنوات تصريف المياه والمجاري.
ويطلق أكثر من خبير هذه الأيام صيحة فزع جراء الخطر المنتظر من أمطار الخريف المعروفة باسم "غسالة النوادر" التي عادة ما تكون غزيرة وتنزل بسرعة قياسية وبكميات كبيرة في وقت وجيز ولا بد أن تنساب بسرعة نحو المجاري الطبيعية ونحو المنخفضات والبحار حتى لا تغمر المناطق الحضرية.
لكن انسياب مياه الأمطار بالشكل المطلوب يتطلب وجود بالوعات وقنوات صرف جاهزة لاستيعاب كميات كبرى من المياه في وقت وجيز، وهو ما لا يتوفر اليوم في أغلب البالوعات والقنوات بكامل أرجاء البلاد.
ويعود السبب في ذلك إلى تكدس الفضلات والنفايات المنزلية والصناعية وفضلات البناء داخل البالوعات وقنوات التصريف، وهو ما يؤدي إلى انسدادها وسيمنع حتما مرور مياه الأمطار عبرها وانسيابها بشكل طبيعي إلى خارج المدن.
وعاشت تونس خلال النصف الأول من العام الجاري أسوأ وضعية لها منذ الاستقلال على مستوى النظافة والعناية بالبيئة وذلك بعد تعطل رفع أكياس الفضلات من الشوارع و الأنهج على امتداد عدّة أشهر.
وأبدت الحكومة الحالية عجزا شبه تام في حلّ أزمة رفع الفضلات، فانتشرت مختلف أنواع القمامة على طول الأنهج والشوارع والطرقات وغمرت الأكياس البلاستيكية وغيرها من النفايات الصلبة الأرصفة واجتاحت حتى المنازل.
وكان من الطبيعي أن يتسرّب جانب كبير من هذه النفايات إلى داخل البالوعات وقنوات صرف المياه والمجاري التي تشق المدن والأحياء أو المحاذية لها وذلك بفعل الرياح وأحيانا بشكل متعمد من المواطنين.
وحسب ما يتوقعه خبراء ومختصون في المجال فإن أغلب البالوعات وقنوات صرف المياه مسدودة اليوم بصفة جزئية أو كلية وهو ما يتطلب تدخلا عاجلا من ديوان التطهير ومن السلط البلدية قصد تنظيفها وتسريحها قبل فوات الأوان أي قبل ان تفاجئنا أمطار الخريف الطوفانية وتحصل حينئذ الكارثة.
ويتساءل أحد المختصين على ذلك بالقول أنه خلال السنوات الماضية كانت الحالة بالنسبة للفضلات والنفايات طبيعية (أي يقع رفعها باستمرار عكس العام الحالي) ورغم ذلك شهدت عدة مدن تونسية لا سيما العاصمة فيضانات كبرى فكيف سيكون عليه الحال هذا العام الذي لم يتم فيه رفع الفضلات بشكل عادي وطبيعي طيلة الاشهر الماضية.
وعلى صعيد آخر، يحذر المختصون في المجال الصحي من المخاطر الصحية التي ستنجر عن الفيضانات المحتملة للخريف الحالي.
حيث من المنتظر أن تساهم المياه المتدفقة في نقل أكوام القمامة من المصبات العشوائية المنتشرة هنا وهناك، لتنشرها في عدّة مناطق اخرى وهو ما سيزيد الوضع سوء على سوء ويتسبب في مخاطر صحية للمواطن خاصة عندما تدفع المياه بتلك الفضلات إلى داخل المنازل.
فجانب كبير من الفضلات المنتشرة اليوم هنا وهناك مرت على القائها فترة طويلة. كما أن بعضها تمّ حرقه بطريقة عشوائية وهو ما جعلها منبعا خطيرا للجراثيم وللأوبئة الخطيرة وللحشرات والزواحف، ومن الطبيعي أن يتسرب كل ذلك إلى داخل المنازل عبر مياه الفيضانات في صورة وقوعها لا قدر الله وهو ما سيعرض عديد العائلات لمخاطر صحية عديدة.
اليوم تفصلنا عن شهر الخريف بضعة أيام وهي تعتبر كافية للسلط المعنية حتى تأخذ هذا الموضوع مأخذ الجد وتسارع إلى تنظيف وتسريح البالوعات وقنوات التصريف قبل أن تداهمنا أمطار الخريف الأولى المعروفة بغزارتها وقوتها في وقت وجيز وحتى لا تصبح مخلفات عدم رفع الفضلات مضاعفة و تتسبب في مخاطر أخرى على غرار الفيضانات وانتشار الأوبئة والأمرا .
|
وليد بالهادي |