المتابع للقنوات التلفزية التونسية سواء كانت عمومية أو خاصة يلاحظ بالتأكيد المجهود الهام الذي تبذله بدرجة كبيرة القنوات الخاصة على مستوى نشراتها الإخبارية بالحرص على تقديم الإضافة المرجوة والسعي إلى الحصول على المعلومة الدقيقة والسريعة علاوة على البحث المتواصل على التجديد واستقطاب الرأي العام الوطني على غرار ما حصل مع قناة نسمة وقناة حنبعل التي تستعد هذه الأيام لإطلاق نشرة أخبار قائمة الذات…
عندما تتحوّل النشرة الرئيسية للأخبار بالوطنية الأولى إلى نشرة حكومية!!! |
المتابع للقنوات التلفزية التونسية سواء كانت عمومية أو خاصة يلاحظ بالتأكيد المجهود الهام الذي تبذله بدرجة كبيرة القنوات الخاصة على مستوى نشراتها الإخبارية بالحرص على تقديم الإضافة المرجوة والسعي إلى الحصول على المعلومة الدقيقة والسريعة علاوة على البحث المتواصل على التجديد واستقطاب الرأي العام الوطني على غرار ما حصل مع قناة نسمة وقناة حنبعل التي تستعد هذه الأيام لإطلاق نشرة أخبار قائمة الذات.
ما دفعنا إلى إثارة هذا الموضوع هو الانحدار الكبير والتراجع المُحيّر لنشرة الأنباء للقناة الوطنية الأولى على الساعة الثامنة مساء وذلك بشهادة العديد من الإعلاميين والمواطنين والمختصين الذين أجمعوا على التقهقر الكبير في جودة المادة الإخبارية التي تقدمها القناة الوطنية الأولى.
والغريب في الأمر أنّ عددا من الصحفيين العاملين في القناة الوطنية الأولى وبالتحديد الذين يشتغلون في النشرة الرئيسية للأنباء اعترفوا بهذا التراجع الملحوظ في مستوى المادة الإخبارية وأنهم غير راضين عن الوضع العام السائد في القناة عامة.
فهناك من الصحفيين من أرجع هذا التراجع إلى المناخ العام السائد في القناة المتسم بحالة الاحتقان والتجاذبات الحاصلة بين عددا من الأطراف فضلا عن غياب التناسق والانسجام في فرق الإشراف والإعداد على نشرات الأخبار علاوة على أن شقّا آخر عبر عن خيبة أمله في مدير تحرير الأخبار الذي اعتبروه أنه ضعيف الشخصية ولم يساهم في الارتقاء بالأداء العام لقسم الأخبار بالوطنية الأولى.
بالتوازي مع الشأن الداخلي وجب الإقرار بالضغوط المسلطة على قسم الأخبار من عديد الأطراف انطلاقا من الترويكا مرورا بالمجتمع المدني ووصولا إلى المعارضة، إذ أن كل طرف تفنن من موقعه في مهاجمة القناة والنشرة الرئيسية للأخبار على عدم تغطيتها بحرفية وحياد للأحداث الحاصلة في البلاد بما جعل القناة محل تجاذبات سياسية كبيرة لتدخل في دوامة لم تخرج منها إلى حد الآن بدليل هذا المدّ والجزر في أداء نشرة الأخبار.
يدرك المشاهد العادي أن أمرا غير عاديا حصل في النشرة الرئيسية للأخبار التي تدنى مستواها بصفة تدعو إلى التساؤل والحيرة باعتبارها قد تكون القاطرة الرئيسية والجوهرية في حرية التعبير.
منذ مدّة وجيزة انزلقت النشرة الرئيسية للأخبار إلى مستوى ضعيف جدا من خلال تقديم نشرة أخبار حكومية وليست عمومية بالمعنى الجديد لمبادئ الثورة، ذ أن جل النشرات الإخبارية الأخيرة ركزت تقريبا على نشاط رئيس الحكومة وأعضاده متناسية التحقيقات المتصلة بالمشاكل اليومية للمواطن التونسي.
الكل يتذكر الأشهر الأولى للثورة لما تميزت القناة الأولى بنشرات إخبارية عالية الجودة وقدرة كبيرة على الإقناع وأصبحت بحق قناة المواطن الذي وجد نفسه فيها من خلال تسليط الأضواء على مشاغله وإبلاغ صوته إلى المسؤولين.
هذه الفترة الذهبية الوجيزة ترجمتها استبيانات الآراء التي قامت بها مكاتب سبر الآراء بوضع القناة الوطنية الأولى في المراتب الطلائعي وخاصة النشرة الرئيسية للأخبار التي احتلت مراتب متقدمة في نسبة النفاذ ونسبة المشاهدة.
أمّا الآن فقد تغيرت الوضعية رأسا على عقب وأضحت نشرات الأخبار بالوطنية ألأولى جدّ عادية وبعيدة كل البعد عن المواطن وأصبح نشرة أخبار حكومية وليست عمومية!!!
|
مهدي الزغلامي |