وجّهت العديد من الانتقادات اللاذعة لمعرض تونس الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين بعد أن احتجب السنة الفارطة بسبب الوضع الأمني، وهدّد بالخروج من قائمة المعارض الدولية، إلا أنه انتظم هذه السنة بصفة استثنائية على جميع الأصعدة من 2 إلى 11 نوفمبر 2012 بقصر المعارض بالكرم، بعدما كان ينتظم في السابق خلال شهر أفريل…
انتقادات لمعرض تونس الدولي للكتاب بسبب “طغيان” الكتب الدينية |
وجّهت العديد من الانتقادات اللاذعة لمعرض تونس الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين بعد أن احتجب السنة الفارطة بسبب الوضع الأمني، وهدّد بالخروج من قائمة المعارض الدولية، إلا أنه انتظم هذه السنة بصفة استثنائية على جميع الأصعدة من 2 إلى 11 نوفمبر 2012 بقصر المعارض بالكرم، بعدما كان ينتظم في السابق خلال شهر أفريل.
وللوهلة الأولى عند زيارة المعرض الدولي للكتاب يتبين للزائر بالكاشف وجود خلل كبير على مستوى التنظيم من خلال عدم وجود الأرقام الترتيبية للأجنحة، فضلا عن تواجد الانتصاب الفوضوي لبعض باعة العطورات التقليدية والكتب الصغيرة التي تحمل أدعية، إلى جانب عدم التوازن في عرض وتوزيع الكتب بين الأجنحة، إذ يغلب تواجد الكتب الدينية وكتب الأطفال مقارنة بالكتب الأدبية وكتب البحوث العلمية والسياسية، حديثة النشر.
وخلافا للدورات السابق، يلاحظ المتجول في المعرض إقبالا كبيرا من الملتحين والسلفيين ومرتديات النقاب الأمر الذي لم يكن موجودا في الدورات السابقة، بسبب قيود النظام السابق، وقد كان توجههم بصفة ملحوظة نحو أجنحة الكتب الدينية والمصاحف القرآنية وكتب الأدعية.
ويقول أحد السلفيين ويدعى محمد صالح عنان للمصدر "لقد قدمت لشراء الأقراص المضغوطة التي تحمل جميع أجزاء القران الكريم وتفسيره في ظلّ ارتفاع أسعار الكتب الورقية لكنني وجدتها كذلك باهظة مما سيدفعني لاقتنائها بأبخس الأسعار بواسطة الانترنت".
وعن رأيها في كثرة عرض الكتب الدينية، أقرّت السيدة فاطمة أستاذة في اللغة الانقليزية بأن هناك انتشار كبير لهذه الكتب، مشيرة إلى أنها تحمل عنوانين مغرية، لكن مضامين بعضها مختلف عن عناوينها.
والتقى المصدر بالدكتور منصف الشابي مؤسس ومدير "دار نقوش" العربية للنشر الذي أكد أن الإقبال كان أقل من المأمول مرجعا ذلك إلى انتظام المعرض بعد العودة المدرسية وعيد الأضحى وشهر رمضان، وهي مناسبات يرى أنعها أرهقت كاهل أصحاب الدخل المحدود للعائلات التونسية.
كما تتطرّق إلى ظاهرة الإقبال على الكتب الدينية، مؤكدا أنها ظاهرة موجودة في الدورات السابقة، لكنها برزت بشكل ملفت للانتباه خلال هذه الدورة، قائلا "هناك كتب دينية مهمة لكن توجد كذلك كتب أخرى سطحية وغيبية تحمل عناوين مثل "آلام القبور" و"خفايا القبور" وغيرها.
وأضاف أنه قد تمّ مسبقا الاتّفاق مع وزارة الثقافة بأن يتمّ مراقبة هذه المحتويات خوفا على أجيال تونس المستقبلية في حين لم تبذل الوزارة أي جهد يذكر، على حدّ قوله. وكانت وزارة الثقافة أعلنت أن مقص الرقيب سيتغيب على هذه الدورة التي تقام للمرة الأولى بعد الثورة وأنها تركت مسؤولية عرض الكتب للمهنيين والقائمين على دور النشر.
إلى ذلك، يقول الشابي إن الكتاب في تونس أصبح من الكماليات نظرا للميزانية المهمة التي يتطلبها ونظرا لنقص عدد المشترين للكتب الأدبية باللغة العربية والفرنسية مقارنة بالدورات السابقة. وأكد أن دار "نقوش عربية" أعدت خصيصا للمعرض ما لا يقل عن 24 عنوان مختلف وفي عدة مجالات في رواية و المسرح والبحوث العلمية والتاريخ والفلسفة إلى جانب إعداد كتب خاصة للأطفال.
وأمل الشابي مستقبلا بأن يكون معرض الكتاب نقطة لقاء بين التونسيين بمختلف أفكارهم وتوجهاتهم والإيديولوجية وساحة حوار تحمل مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية في اللحظات الحرجة التي تمرّ بها تونس للاتجاه بالكثير من القوة نحو التوافق.
كما أكد عارض لجناح "أرابسك" أن الإشكال في المعرض يقع في قاعة رقم 1 (قاعة الاستقبال الزائرين) حيث تم وضع الكتب الدينية التي حجبت الكتب الأدبية ذات القيمة، على حد قوله. ويقول للمصدر "الزائر يخصص نسبة 80 بالمائة من ميزانيته لاقتناء الكتب الدينية، التي تحظى بموقع متميز في المعرض في حين تبقى نسبة ضئيلة من ميزانيته للكتب الأخرى".
وأرجع التهافت على اقتناء الكتب الدينية إلى إلغاء الرقابة في هذه الدورة التي ساهمت في جلب العديد من الكتب التي كانت ممنوعة سابقا.
ورصد المصدر خلال زيارته للمعرض كثرة الفضلات هنا وهناك بسبب عدم التزام المواطنين بإلقاء الفضلات في الأماكن المخصصة لها، والتي لم تكن كافية، كما لاحظ أيضا تهافتا كبيرا من قبل الزائرين على شراء خبز "الملاوي" أمام المدخل الرئيسي للمعرض.
|
رحمة الشارني |