تتواصل حالات الاحتقان السياسي والاجتماعي بكامل البلاد بطرق متعددة ومتنوعة بين رافض لأداء الحكومة المؤقتة برمتها و تأخر إعداد الدستور منتقدا أداء المجلس التأسيسي وتعاطيه مع ما يحدث في البلاد علاوة على الاحتقان الاجتماعي أضحى في المدة الأخيرة أكثر حدّة وتفاقم بشكل ملفت للانتباه من خلال الإلحاح للمطالبة بتحسين الأوضاع والنهوض بالمناطق الأكثر احتياجا للبنية الأساسية والمرافق الضرورية…
تصريحات قياديي النهضة وتعاطيهم مع مجمل القضايا قد يقضي على الحركة في الانتخابات القادمة وعلى شعبيتها!!!
|
تتواصل حالات الاحتقان السياسي والاجتماعي بكامل البلاد بطرق متعددة ومتنوعة بين رافض لأداء الحكومة المؤقتة برمتها و تأخر إعداد الدستور منتقدا أداء المجلس التأسيسي وتعاطيه مع ما يحدث في البلاد علاوة على الاحتقان الاجتماعي أضحى في المدة الأخيرة أكثر حدّة وتفاقم بشكل ملفت للانتباه من خلال الإلحاح للمطالبة بتحسين الأوضاع والنهوض بالمناطق الأكثر احتياجا للبنية الأساسية والمرافق الضرورية.
وفي كل الحركات الاحتجاجية تتعالى أصوات المتظاهرين لتوجه أصابع الاتهام والانتقاد إلى الحكومة ومن وراءها حركة النهضة الحزب الأول في البلاد والمُكوّن الرئيسي للحكومة المؤقتة والحائز على الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي، إلى حدّ ارتفع شعارات في بعض المناطق" خبز وماء والنهضة لا" واعتراف العديد من عموم المواطنين بندمهم على التصويت لحركة النهضة في انتخابات 23 أكتوبر 2011إلى جانب تكرر التهجم على المكاتب المحلية والجهوية للنهضة في العديد من المنسبات والتظاهرات.
وما قد عكّر الأوضاع نسبيا تصريحات ومواقف أعضاء الحكومة والقياديين ونواب التأسيسي المنتمين لحركة النهضة بشأن الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الإعلامية منها ففي كل مرة يتدخل بعض الوزراء أو القياديين أو نواب التأسيسي في موضوع أو ملف معين ويدلي بدلوه إلاّ وتليه تبعات ونتائج غير محمودة وينجر عنها سيل من النقد والتصاريح المضادة سواء من مكونات المجتمع المدني أو التنظيم النقابي أو الأحزاب المعارضة لتدخل البلاد في دوامة جديدة من الجدل العقيم.
والمتابع للشأن العام في البلاد وبالخصوص الشأن الحزبي والسياسي يلمس تراجع شعبية حركة النهضة في جميع الأوساط وبداية تشكّل حالة من الرفض للحركة لا سيما من بعض الأوساط النخبوية( مفكرون، أدباء، فنانون، مبدعون…) وأن هذا الرفض بدأ يمر إلى العديد من الأوساط والفئات الاجتماعية الأخرى التي سئمت التصرف الذي تأتيّنه الحركة والحكومة في تعاطيهن مع الملفات الحارقة وذات حساسية مفرطة على غرار التنمية والتشغيل في المناطق الأقل حظا ألمر الذي أدى إلى حالة من الاحتقان في ولاية سليانة خلال هذه الأيام.
إلى ذلك عدم إقلاع الاقتصاد الوطني بدليل بلوغ العجز التجاري مستويات قياسية وتواضع قيمة العملة التونسية وتواصل ارتفاع مستوى البطالة والتذبذب في الإعلان عن الشروع في القيام بالمناظرات الوطنية في الوظيفة العمومية من دون التغافل عن مسألة تعويض المساجين السياسيين من أموال الشعب وما خلفته من رفض شبه جماعي من كل الأوساط.
هذا من دون أن ننسى الحرب الخفية والصراعات غير المُعلنة بين حكومة النهضة والاتحاد العام التونسي للشغل والتي ظهرت في تصريحات بعض أعضاء الحكومة والاتحاد بخصوص العديد من الملفات والمواضيع ولعل آخرها تردي الأوضاع في ولاية سليانة واتهام بعض قياديي حركة النهضة بضلوع الاتحاد العام التونسي للشغل عبر مكتبه الجهوية بسليانة إلى تجييش الناس والتحريض على الإضراب العام من دون التفاوض مع السلطات الجهوية.
كل هذه الوقائع والحيثيات تُحيلنا إلى حقيقة ثابتة هي أن حركة النهضة ومن خلال تعاطيها غير الواضح والمفهوم مع أُمّهات القضايا الوطنية، تكون قد بدأت في عزل نفسها سياسيا وأخذت مسافة كبيرة مع بقية النسيج السياسي الآخر من خلال الحرص على عدم التشاور في العديد من المسائل واتخاذ قرارات أحادية الجانب تكون عواقبها وخيمة لاقت الرفض الكلي (التعيينات الأخيرة في قطاع الإعلام والإدارة وفي المناصب المفصلية في مواقع حساسة في الوزارات والولايات والنيابات الخصوصية لأغلب البلديات على حساب الكفاءات).
هذه العزلة السياسية التي وضعت النهضة نفسها فيها، من ضمن أسبابها الانفلات في تصريحات قياديي وأعضاء الحركة في العديد من المنابر الحوارية الإعلامية والتي تنم عن عدم دراية بالتصرف في الأزمات وضبط النفس والتحلي بجانب من الموضوعية وبالخصوص الاعتراف بارتكاب هذه الحكومة ببعض للأخطاء في تقديرها معالجتها للعديد من المسائل وفي مقدمتها المسائل السياسية والتنموية.
ففي كل مرة يطلع علينا أحد الوجوه البارزة في الحركة انطلاقا من رئيس الحركة راشد الغنوشي بتصريح جديد وغريب سرعان ما يأزم الأوضاع لنعود إلى نقطة الصفر على غرار ما حصل في حادثة الفيديو المُسرّب واتهام للجيش والإعلام والأمن.
إلى ذلك من تصريحات أخرى لأعضاء الحكومة المنتمين للحركة وبخاصة تصرفات وتصريحات نواب التأسيسي المنتمين لكتلة النهضة والتي لا طالما أربكت الأوضاع في العديد من المسائل مثل قضية المرأة والتطبيع والهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأصبحت في غالب الأوقات محل استغراب وسخرية.
الثابت والمتأكد أن هذا الانفلات الإعلامي في التصريحات والحوارات قد يكون لها عواقب وخيمة على شعبية حركة النهضة وخاصة فقدانها للميدان لحساب خصومها السياسيين وفي إصدار المجمع العالمي للدراسات لنتائج الموجة الحادية عشرة للمحرار السياسي خلال شهر نوفمبر 2012 في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية (المركز الأول للباجي القائد السبسي) والانتخابات التشريعية (المركز الأول للنهضة بفارق ضئيل عن حركة نداء تونس)!!!
|
مهدي الزغلامي
|