قرّر الاتحاد العام التونسي للشغل مقاطعة حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية ودعا إلى اجتماع هيئة إدارية طارئة ستعقد ظهر اليوم الأربعاء، وسط دعوات في صفوف النقابيين بالإعلان عن الإضراب العام في كل البلاد، وذلك بعد اعتداءات ما يسمى برابطات حماية الثورة الذراع الميداني لحركة النهضة، على تظاهرة للاتحاد بمناسبة إحياء الذكرى 60 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد…
هل تندم حركة النهضة على المواجهة مع اتحاد الشغل؟ |
قرّر الاتحاد العام التونسي للشغل مقاطعة حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية ودعا إلى اجتماع هيئة إدارية طارئة ستعقد ظهر اليوم الأربعاء، وسط دعوات في صفوف النقابيين بالإعلان عن الإضراب العام في كل البلاد، وذلك بعد اعتداءات ما يسمى برابطات حماية الثورة الذراع الميداني لحركة النهضة، على تظاهرة للاتحاد بمناسبة إحياء الذكرى 60 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد.
وقد صعد الاتحاد من لهجته تجاه حركة النهضة بعد الاعتداء حتى أن الأمين العام للمنظمة الشغيلة حسين العباسي وصف أتباع الحزب الحاكم بـ"خفافيش الظلام"، وهدد باتخاذ الإجراءات اللازمة للردّ على تجاوزات رابطات حماية الثورة الموالية لحركة النهضة التي بادرت بمهاجمة مناضلي الاتحاد في عقر دارهم وتسببت في إصابة العديد بجروح متفاوتة الخطورة، لأول مرّة في تاريخ البلاد.
وقد تقرّر تنفيذ إضراب عام في كل من سيدي بوزيد وقفصة يوم الخميس 6 ديسمبر إضافة إلى العديد من التحركات الاحتجاجية اليوم الاربعاء بالمهدية وقفصة وصفاقس وغيرها.
ومن المتوقع أن تحذو حذوهما العديد من جهات البلاد، في الوقت الذي اتّهمت فيه حركة النهضة الاتحاد العام التونسي للشغل بقمع المتظاهرين الذين جاؤوا للاحتفال بذكرى اغتيال حشاد على طريقتهم الخاصّة.
ولم تكن المرّة الأولى التي يتواجه فيها كل من اتحاد الشغل وحركة النهضة منذ فوزها في انتخابات المجلس التأسيسي. ولعل الأحداث الأخيرة التي شهدتها ولاية سليانة ومساندة اتحاد الشغل للاحتجاجات الشعبية هناك والتي أدت إلى إرباك صورة حركة النهضة لدى الرأي العام قد خلّفت نقمة كبيرة من قبل أنصار النهضة.
ومارس الاتحاد ضغوطات عديدة على الحكومة المؤقتة وحركة النهضة حول العديد من القضايا على غرار الفصل الأول من الدستور والقمع الأمني للتظاهرات السلمية، إلى جانب الزيادة في الأجور والعديد من المطالب المهنية لمنخرطيها ومسألة الإقصاء السياسي للتجمعيين.
كما أنها لم تكن المرّة الأولى التي تستخدم فيها ما يسمى رابطات حماية الثورة العنف ولعل أشهرها حادثة مقتل الكاتب العام للاتحاد الجهوي الفلاحة والصيد البحري ومنسق حركة "نداء تونس" بتطاوين لطفي نقض وحادثة الاعتداء على مسيرة 09 أفريل 2012 بشارع الحبيب بورقيبة، التي شاركت فيها ميليشيات بالزي المدني محسوبين على حركة النهضة قوات الشرطة في قمع المتظاهرين.
وقد خلّفت تجاوزات هذه الرابطات تخوفات كثيرة من قبل الرأي العام الذي بدا يفقد ثقته في حركة النهضة لصالح حركة "نداء تونس" حسب ما أظهرته عمليات سبر الآراء الأخيرة علاوة على تنديد المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية بالعنف الممنهج الذي تمارسه هذه الرابطات ودعت إلى حلها.
فهل بدأت المواجهة المفتوحة إذن بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة النهضة في ظل تجاذبات سياسية عميقة تشهدها البلاد بين الإسلاميين والعلمانيين من جهة وبين الترويكا الحاكمة والمعارضة من جهة أخرى.
وهل تستطيع حركة النهضة لي ذراع اتحاد الشغل أم أن المواجهة مع الاتحاد لا بد أن تكون لها نتائج وخيمة؟
وما من شك أنّ الاعتداء على مقرّ الاتحاد العام التونسي للشغل ستكون له تداعيات خطيرة على بقية المسار الديمقراطي للبلاد سيما وأن للاتحاد قاعدة شعبية ومهنية عريضة في الجهات الداخلية بالإضافة إلى مساندة الأحزاب السياسية المعارضة له وحتى من التكتل عضو الائتلاف الحاكم.
لذلك على حركة النهضة أن تعي جيدا جسامة مسؤوليتها عن الأحداث التي تشهدها البلاد في كلّ مرة وأن تسعى إلى التهدئة والتوافق داخل المجلس الوطني التأسيسي أو في علاقتها مع الأطراف السياسية ومع الهياكل النقابية والمهنية.
كما عليها أن تراجع خطابها السياسي الذي يتميز بتوجيه الاتهامات والإقصاء وأن تعمل على كبح لجام رابطات حماية الثورة التابعة لها، إلى جانب الإسراع في تطبيق العدالة الانتقالية واحترام حقوق الإنسان وحق ممارسة النشاط السياسي مع الإقرار بدور الاتحاد في الشأن الوطني وإلا فإن مواجهتها مع المنظمة الشغيلة لن تكون بالهينة وقد تكلفها ثمنا باهضا تندم عليه.
|
مريم التايب |