من يوم لآخر تتوسع هوة الاختلاف بين حركة النهضة وبين معارضيها من جهة واتحاد الشغل من جهة أخرى بعد أن تحول الأمر إلى ما يشبه الحسابات الشخصية بين زعيم النهضة راشد الغنوشي وقيادات المعارضة وقيادات المنظمة الشغيلة
راشد الغنوشي مرفوض على طاولة الحوار والعداوة تتزايد بين النهضة ومعارضيها |
من يوم لآخر تتوسع هوة الاختلاف بين حركة النهضة وبين معارضيها من جهة واتحاد الشغل من جهة أخرى بعد أن تحول الأمر إلى ما يشبه الحسابات الشخصية بين زعيم النهضة راشد الغنوشي وقيادات المعارضة وقيادات المنظمة الشغيلة.
وتعتبر قيادات المعارضة واتحاد الشغل أن النهضة وعلى رأسها راشد الغنوشي تنظر إليهم كأعداء وجب إبعادهم نهائيا من الساحة السياسية بأية طريقة.
في حين ترى قيادات حزب النهضة أن باب الحوار السياسي مفتوح للجميع بمن فيهم أشد أعدائها سياسيا، لكنها تنتقد في كل مرّة أداءهم وتعتبرهم وراء كل التقلبات الاجتماعية التي تعيشها البلاد وتعتبر أنهم يعرقلون عمل الحكومة ذات الأغلبية النهضاوية.
وبلغ الأمر حدّ توجيه اتهامات شخصية ومباشرة من قيادات النهضة إلى كل من شكري بلعيد وحمّة الهمامي والباجي قائد السبسي و قيادة اتحاد الشغل بالوقوف وراء كل أحداث العنف التي تحصل بين الحين والآخر.
وكان شكري بلعيد المنسق العام لحركة الوطنيين الديمقراطيين والقيادي بالجبهة الشعبية، قد رفض الاستجابة لدعوة العشاء التي قدمها له رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي أمس الجمعة.
وصرح شكري بلعيد أن سبب الرفض يعود إلى تواجد زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي من ضمن المدعويين للعشاء المذكور.
وتمّ تداول أخبار مفادها أنّ زعيم حزب العمال والناطق باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي رفض بدوره هذه الدعوة للأسباب نفسها.
وكان حمّة الهمامي وشكري بلعيد قد انتقدا بشدّة في اليومين الأخيرين مواقف راشد الغنوشي من حادثة الهجوم على مقرّ الاتحاد.
كما عبرا عن حالة من الاستياء والأسف بعد اتهامهما من أغلب قيادات حزب النهضة وخاصّة من وزير الداخلية علي العريض ومن زعيم الحركة راشد الغنوشي بالوقوف وراء أحداث سليانة.
واعتبرا أن تلك المواقف هي تهييج لمشاعر الشعب وتحريض على الفتنة ضدّهما وضدّ كلّ من يعارض الحكومة وحزب النهضة.
ومن جهته، نفى المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بشدّة ما تمّ تداوله حول اجتماع مرتقب بين الأمين العام حسين العباسي ورئيس حزب النهضة راشد الغنوشي بوساطة من النقابي السابق أحمد بن صالح.
وكان الأمين العام حسين العباسي نفى في وقت سابق إمكانية مقابلة رئيس حزب النهضة، مشيرا إلى أنه ليس لديه أيّ صفة في الدولة وأنّ الاتحاد لا يتحاور إلى مع الحكومة المؤقتة، في ردّ قاس من زعيم الاتحاد على ما تعرض له النقابيون من اعتداءات.
ومن جهة أخرى، عبّرت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل عن رفضها الحضور في أيّ برنامج تلفزي أو إذاعي يكون أحد ممثلي حزب النهضة حاضرا فيه.
وتمّ ليلة الجمعة تداول مقطع فيديو على موقع فايس بوك من برنامج تلفزي على الوطنية الأولى حضره بالاستوديو رفيق عبد السلام وزير الخارجية وشارك فيه أمين عام اتحاد الشغل حسين العباسي عبر الهاتف، واستنتج ملاحظون أن العباسي توجه بكلام غير لائق (لا يعرف ان كان موجها لوزير الخارجية أو لغيره) ثم انقطع الخط الهاتفي.
ويتوقع الملاحظون أن ذلك –إن ثبت فعلا– سيزيد في حالة الاحتقان الموجودة حاليا بين النهضة والاتحاد وبين النهضة والمعارضة.
نظرة النهضة إلى المعارضة وإلى اتحاد الشغل بوصفهما "عدويين" أصبحت نظرة متبادلة بين الطرفين بدليل أن بعض قيادات المعارضة وقيادات اتحاد الشغل أصبحت تنظر بدورها للنهضة ولقيادييها لا سيما راشد الغنوشي كأعداء لا تجوز مقابلتهم على طاولة واحدة أو التحاور معهم.
وهذا ما يطرح أكثر من سؤال حول المستقبل السياسي لتونس في ظلّ هذا "العداء" المعلن بين الفرقاء السياسيين، وحول كيفية تجاوز المآزق بطرق سلمية بدل العنف.
فرفض اللّقاء على طاولة واحدة من شأنه أن يعطل كل محاولات الحوار بين مختلف الأطراف حول بناء المسار الانتقالي لتونس في ظروف ملائمة والخوف كل الخوف أن تأخذ الحكومة –بوصفها ذات أغلبية نهضوية– موقفا من هذا العداء وتأتي في صف حركة النهضة وتغيب كل أشكال الحوار والتوافق بين الجميع وبالتالي قد تعزل نفسها سياسيا في زاوية خطيرة عليها.
ومطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى وضع حدّ لمثل هذه التصرفات العدائية والكف عن توجيه الاتهامات بين الناشطين السياسيين وتوسيع رقعة التوافق حول كتابة الدستور والنظام السياسي ومدنية الدولة وكل القضايا المتعلقة بمستقل البلاد لاسيما فيما يتعلق بموعد الانتخابات وتكريس مبدأ النزاهة والمصداقية فيها تفاديا لكل ما من شأنه هدم ما جاءت به الثورة من ديمقراطية وحرية. |
وليد بالهادي
|