لم يعد يفصل عن يوم الخميس 13 ديسمبر 2012 موعد الإضراب العام الذي أقره الاتحاد العام التونسي للشغل سوى يومان فقط ولا تزال التجاذبات قائمة بين المنظمة الشغلية والأطراف الحكومية ومكونات المجتمع المدني والعديد من الأحزاب في خطوة لتجنب هذا الإضراب العام الثاني في تاريخ البلاد بعد تاريخ 26 جانفي 1978 وإيجاد أرضية للصلح…
تونس: 195 مليون دينار كلفة الخسائر المباشرة للإضراب العام |
لم يعد يفصل عن يوم الخميس 13 ديسمبر 2012 موعد الإضراب العام الذي أقره الاتحاد العام التونسي للشغل سوى يومان فقط ولا تزال التجاذبات قائمة بين المنظمة الشغلية والأطراف الحكومية ومكونات المجتمع المدني والعديد من الأحزاب في خطوة لتجنب هذا الإضراب العام الثاني في تاريخ البلاد بعد تاريخ 26 جانفي 1978 وإيجاد أرضية للصلح.
وكثرت في المدة الأخيرة التأويلات حول كلفة الإضراب العام وتأثيراته على الاقتصاد الوطني إذ أن أطراف حكومية قدَرت الخسارة بنحو 700 مليون دينار بما جعل العديد من المواطنين يتأثرون بهذا الرقم المخيف، غير أن بعض الخبراء وفي مقدمتهم فتحي النور أستاذ جامعي بالمدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية بتونس أستاذ جامعي بالمدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية بتونس فند هذا الرقم وقال إنه بمجرد عملية حسابية بسيطة يمكن احتساب كلفة الإضراب العام.
وأوضح أن قيمة الناتج الداخلي الخام للبلاد بالأسعار الجارية خلال هذا العام بحسب المعهد الوطني للإحصاء تبلغ 17.392 مليار دينار وعند اقتسامها على كامل أيام السنة (365 يوما) فإن الحاصل المتأتي من مجموع الخدمات المنتجة في اليوم هو 195 مليون دينار وهي الكلفة أو الخسارة المقدرة ليوم الإضراب.
ويرى أن الإضراب قد ينجح على مستوى المؤسسات والمنشآت العمومية أين تتواجد بها النقابات الأساسية والقطاعية غير أنه قد لا ينجح في القطاع الخاص لا سيما وأن 80 بالمائة من الناتج الداخلي الخام متأتي من القطاع الخاص وبالأساس قطاع التجارة و قطاع الخدمات الذي يساهم لوحده في 54 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.
واعتبر أن إضراب الخميس القادم سيساهم في تعطيل مصالح المواطن والمتعاملين الاقتصاديين من خلال تعطل عمليات التصدير والتوريد والعمليات الجمركية.
وشدد المتحدث على أن هذا الإضراب "قد يعطي صورة سلبية لصناع القرار الدولي في مجال الاستثمار باعتبار عدم استقرار الأوضاع في تونس وهو ما قد يؤثر حتما على الاقتصاد الوطني".
ولاحظ أن الإضراب هو حق مشروع، متمنيا عدم الوصول إليه وعودة الرشد لكل الأطراف المعنية.
كما عبر عن أسفه لحالة الاحتقان التي وصلت إليها البلاد جراء التجاذبات السياسية ودعا في هذا الصدد إلى "وقفة تأمل بين مختلف الأطراف المتدخلة من أجل تجاوز هذا الوضع المتأزم".
كما أوضح أن نجاح الإضراب العام يبقى رهين مشاركة القطاع الخاص في البلاد باعتباره الكتلة الكبر في البلاد.
ويجمع غالبية الخبراء الاقتصاديين والأساتذة الجامعيين على حصول تداعيات كبيرة وانعكاسات مالية هامة للاقتصاد التونسي جراء أقرار الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابا عاما يوم الخميس 13 ديسمبر 2012.
واتفقوا على أن الخسائر من وراء هذا الإضراب ستكون لها أبعاد مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الوطني وقد تؤثر سلبا على صورة البلاد لدى المؤسسات المالية الدولية وصناع القرار في مجال الاستثمار وكذلك اهتزاز الثقة لدى المستثمر التونسي والأجنبي على حد السواء.
وأوصوا بضرورة تغليب المصلحة العليا للبلاد داعين الأطراف المتدخلة والمعنية إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض وتجنب هذا الإضراب الذي يظل حسب رأيهم حقا مشروعا.
تداعيات كبيرة
في السياق، يقول معز الجودي خبير اقتصادي إن الكلفة المباشرة للاضطراب العام الذي اقره الاتحاد العام التونسي للشغل يوم الخميس 13 ديسمبر 2012 سيكون له تداعيات كبيرة على مستوى النمو في البلاد.
وقدر الخسائر التي ستنجر عن الإضراب العام ما بين 350 و 400 مليون، مؤكدا على أن الإضراب العام له بعدان بعد سياسي و وآخر اقتصادي موضحا أن البعد السياسي له تأثير مباشر على البعد الاقتصادي من منطلق أن الوضعية الاقتصادية للبلاد لم تعد تحتمل مثل هذه الأوضاع والمتمثلة حسب رأيه في المأزق السياسي والاقتصادي بفعل عدم وضوح الرؤية وحالة الضبابية وعدم الاستقرار التي تتخبط فيها البلاد.
ونبه الخبير المالي والبنكي عز الدين من تداعيات الإضراب العام، معتبرا أنها ستكون وخيمة على الاقتصاد التونسي وبالخصوص نظرة وتقبل شركاء تونس في الخارج لهذا الإضراب العام.
وبين أن المجموعة الوطنية سوف تتكبد خسائر مالية مباشرة ما بين 250 و300 مليون جراء إقرار الإضراب العام الذي أقره الاتحاد العام التونسي للشغل.
وشدد على أن أقرار الإضراب العام لن يكون في مصلحة البلاد باعتبار انه "سيزيد في الطين بلة"، موضحا أن الاقتصاد لم يعد يحتمل هزات جديدة لاسيما وأن جل المؤشرات الاقتصادية أضحت سيئة وأن الوضعية أصبحت هشة.
وأضاف في هذا الصدد أن الاقتصاد الوطني تحمل منذ الثورة العديد من الهزات وظل صامدا بالرغم من تواتر الاضطرابات والاعتصامات ولحركات الاحتجاجية التي عرفتها العديد من القطاعات الإنتاجية.
وأبرز أن هناك انعكاسات غير مباشرة على الاقتصاد التونسي من ذلك تأثير هذا الإضراب على قرار المستثمر التونسي والأجنبي في الاستثمار في البلاد علاوة على تأثر الأسواق المالية الوطنية بعلاقتها بالسوق المالية الخارجية.
ولاحظ سعيدان في هذا الإطار أن السوق المالية في تونس ترتكز أساسا على عامل الثقة في المؤسسات وقدرة الاقتصاد التونسي على خلق الثروة.
|
مهدي الزغلامي |