هدية إلى وطني

عام جديد لم يعد يفصلنا عنه  سوى بضع أيام، ولسائل أن يستفسر ماذا يحصل في المكان الذي فيه نشأة والزمان الذي به امتنعت عن الظفر براحة من مشاغل التفكير في ما هو قادم. تونس اليوم هل هي تونس العودة إلى الورائع أم أنها كبوة من مصائب الحياة التي كثيرا ما تعرقل مسار تقدم الأفراد بشكل خاص أو تقدم الدول.

كثرت  الاستحقاقات للعام القادم منها ماهو مرتبط بالدستور و أخر بلجنة الانتخابات و أخر توفير مواطن العمل والتنمية في الجهات… ولكن إن تعددت العناوين فإن طريق النجاح قصير وشاهية الغدر سلاح  الفاشلين، ويبقى  من هم صغار النفوس يتلاعبون بمفردات الكتب الصفراء لعلهم يجدون تبريرات و ثغرات لكسادهم الفكري وعدم قدرتهم على إيجاد حلول الرخاء…

ولعل الغرام والعشق والهيام يكون مخرجا للمكبوتين والمحرومين عن تذوق الطعام، خاصة وإن كان ذلك على فراش من فئة خمسة نجوم، ليجعلهم يعانقون النيرفانا وينشغلون بفكفكة أجساد نخرها الاعياء من فرط القحط وصحراء العقول.

تونس 2013، طريق تتكدس على حواشيه متاريس وتصطف بل تكاد تطوقه غوغائية، سحبها سوداء تنزل ماء رائحته تشبه البنزين وتنتظر كلام أت من مقاطع فديو على غرار "الأمن والجيش ليس معنا".

إن الدول والأمم يبنيها رجالها الأحرار وليس من ارتهنوا إلى الماضي وانتصبوا حكماء مزيفين على إرادة الشعب، الذي يعاني شتى أنواع الإقصاء ويتذوقون صنوفا من الحرمان والإذلال في بلد ظنوا أنه موطن الأجداد . وكيف يتحول الوطن إلى مصدر عذاب لأبنائها، خاصة وإن كانت قلوبهم مليئة بحب الحياة حتى يأتيهم طير ظالم يرميهم بحجارة ليخرب أحلامهم ويكسر أمالهم دون رحمة أو شفقة ليجعلهم يرتدون إلى مربع الحزن و لخوف من المصير ويستبدلون عز الاستطلالة بذل الاستكانة.

غاية المجد زهرة تنبت في قلب كل ظافر منتصر لحق الحياة و يقطع مع  شيطنة الذات و الأخر، يفتح أبواب العمل و يوصد كل غايات الهدم و الاحتقان. ولكن إن تناست نفوس الأموات صفة الحياة وحاولت أن تلبس لبوس الورع و الحياء، فذلك طريق فيه مخاتلة للبسطاء من العقول لجعلهم يتنكرون لمن يناصروهم الآلام ويهتمون بمشاغلهم بصدق. لهم قدرة الأخذ بيدهم لإخراجهم من صفاقة وضيم المصير والواقع المعاش المحزن إلى أمل جديد مليء بنور الحياة وبناء مجتمع ينتصر إلى حق المحرومين في التمتع بحياة إنسان…